نضال الخضري
جريمة نفذها الأمريكيون و... فضحها نفس الجنود الذين ربما يرتكبون "حفلة" اغتصاب أخرى، لكن "شرف القبيلة" منع الكثيرين من الحديث عما حدث لـ"عبير قاسم" ... هذا الشرف الذي لوثته الأنثى لوجدها على الأرض ... بينما يحق للآخرين العربدة على أنغام ما تضعه القبيلة من "أعراف" سواء كان شيخ القبيلة يمتلك مستشارين ذكور على نسق رامسفيلد، أو "جهابذة" تاريخيين على شاكلة "الظواهري".

وفي الهدوء التاريخي الذي يراه الذكور اليوم صرخة تختنق داخلي .. ليس لأنني أنثى، بل لأن موسيقى الجاز على جسد يحترق هي العنوان الذي يركبني كلما قررت "محاسبة" الحداثة .. وكلما شاهدت النماذج تحترق بينما أقف على طيف من سباق "المستقبل" على عجلة ظهرت في العراق يوما ثم غابت لأننا قررنا دخول زمن العجائز.

أهل القبيلة أخفوا الجريمة ... لأنهم نسوا أن الشرف لم يعد يطال الإناث ... وأن الاغتصاب لم يعد مقتصرا على جسد المرأة، ففي عصر "رسولية" الديمقراطية نحن قادرات على رسم خطوط الاغتصاب حتى تجاه الذكور .. واسألوا أبو غريب ... أو ربما عليكم توجيه الأسئلة إلى كل حدث يصفع الجميع لكنه يبقى في سلم القيم أقل من الاغتصاب!!!

عبير قاسم لم تتعرض للاغتصاب لأن الانتهاك بدأ من لحظة وجودها ... من لحظة اعتبار أن اللون الأمريكي يحمل نهاية التاريخ ... ومن اليوم الذي بدأنا فيه رسم عالمنا داخل جلابيب لا تخفي الجسد لكنها قادرة على حسم معركة العقل.

وعبير قاسم لم تعجب باللون الأشقر أو الأصفر لمنفذي "حفلة" الاغتصاب... فهي لا تعرف اللون لأن العراق حُكم بالسود منذ اللحظات القاسية التي رسمته على خارطة الوجود بداية للحضارة ثم نهاية لأي تفكير طموح بـ"ديمقراطية" عرجاء ...

عبير قاسم لم تكن أنثى بل ذاكرة مدفونة في عمق التراث الناهض، وفي تشوهات الحداثة التي كتبتني وكتبتها وأعادت لون الإناث إلى الخوف والرعب من حفلات اغتصاب غير معلنة، بعد أن أصبحت الاستباحة صنفا إعلاميا خاصا بالإناث.