خصص المعلق في "هآرتس" شموئيل روزنر مقاله امس للحديث عن الدور السوري في ازمة الجندي الاسرائيلي المخطوف، فكتب: "يقول مسؤول كبير في الادارة الاميركية: احياناً قد تنغرز شوكة في قفاك لوقت طويل، وحتى لو كانت شوكة صغيرة فانها ستلوث حولها. هذا هو حال الاميركيين والاسرائيليين مع الشوكة التي يمثلها بشار الاسد والنظام السوري وها نحن نشهد اليوم التلوث. المفتاح لحل أزمة غزة موجود في دمشق، هذا ما قاله وزير الدفاع عمير بيرتس لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مطلع هذا الاسبوع ومن الصعب القول ان هذا الكلام فاجأها. تعلم رايس ومعها الادارة الاميركية ان سوريا تحولت مصدر ازعاج سيعرقل كل مسعى هدفه تحقيق الاستقرار في المنطقة. ولا يزال السؤال كيف يمكن مواجهة ذلك من دون جواب.
ويبدو ان الاسد يدرك صعوبة مواجهته. فالاسد الذي يصفونه في واشنطن والقدس بـ"الأحمق" و"الطفولي" و"غير الناضج" لا يظهر اي دليل على التراجع. في المقابلة التي اجرتها معه صحيفة "الحياة" تحدث باسهاب عن علاقته مع حماس وقال: طلب الاميركيون منا محاصرة حماس وضربها، وهذا تغيير للسلوك التي اعتادته سوريا. وسئل هل سوريا مستعدة لتغيير سلوكها؟ فأجاب بلهجة قاطعة لا تترك مجالاً للشك: لو كنا مستعدين لغيّرنا موقفنا منذ وقت طويل.
في بيان اصدرته وزارة الخارجية الاميركية السبت الماضي جاء ان تأييد سوريا لحماس خطأ يجب العودة عنه. وفي المجالس المغلقة تصبح اللهجة الاميركية اكثر حدة بكثير ولكن الاميركيون يعترفون بصعوبة ان الامر لا يزال حتى الآن مجرد كلام. قبل ثلاث سنوات اعطى السوريون وزير الخارجية آنذاك كولن باول نوعاً من التعهد باغلاق مكاتب حماس في دمشق، ولكن شيئاً لم يحدث. قبل ثلاثة اشهر قال موظفون كبار في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية للصحيفة ان الحساب مع سوريا لم ينته ويجب الا تعتقد اننا نسيناها.
واليوم تمر الاسابيع من دون الاشارة الى اي تقدم. لم ينس احد السوريين، وبالطبع يحرص الاسد على الا ينسوه. المسعى الاميركي – الفرنسي لإخضاع سوريا عبر تطبيق قرارات مجلس الامن، والذي بدأ مع التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري يسير ببطء. وكما قال احد مسؤولي وزارة الخارجية لم يبق الكثير من الحوافز للتأثير في سوريا، فقد فرضنا عليها كل العقوبات الممكنة. وفي غياب الاتفاق على عملية هجوم دولية او عملية عسكرية اسرائيلية لا اميركية رادعة، من الصعب رؤية من سيحرك السوريين عن مواقعهم.
يطرح الاسد على اسرائيل مشكلة معقدة: فالى اي مدى ستسمح له بشد الحبال من دون ان ترد عليه بطريقة قد تجر المنطقة الى حرب بدايتها معروفة ولكن نهايتها مجهولة؟ في الماضي جُربت الضربات المعزولة ولم تؤت ثمارها، وبالنسبة الى الولايات المتحدة الوضع مثير جداً للغضب. فالاسد يجعل اميركا ترى حدود قوتها وعجزها في المواجهة الشرق الأوسطية التي تكثر فيها المصائب والمؤامرات".