الخليج

تشهد المرحلة الراهنة عملية خلط للأوراق والتحالفات، فرضتها التطورات الإقليمية المتسارعة، وخصوصاً في ما يتصل بالملفين العراقي والإيراني - الأمريكي، وهي مرحلة تشبه إلى حدّ كبير الفترة التي سبقت الانتخابات النيابية الأخيرة، والفترة إلى أعقبتها، عندما تمخّض فريقا “14 آذار/ مارس” و”8 آذار/ مارس” عما سُمّي يومذاك ب”الحلف الرباعي” الذي قاد “حزب الله” و”تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي” و”أمل” إلى الاتيان بأغلبية نيابية، ثم سرعان ما انفرط بفعل تضارب المصالح لأقطابه والضغط الدولي الأمريكي لتنفيذ القرار 1559 وخصوصاً في ما يتصل منه بنزع سلاح “حزب الله”.

وعلى الرغم من أن “حزب الله” وقّع “وثيقة التفاهم” مع “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب ميشال عون، صاحب التمثيل المسيحي الأكبر، بغرض الرد على تحالف “الأغلبية” إلا أنه لم يقطع خطوط اتصالاته ولقاءاته مع “تيار المستقبل” تحديداً، ورئيسه النائب سعد الحريري، فقد ظلت خطوط التشاور واللقاءات المطوّلة، العلنية منها والبعيدة عن الإعلان، مفتوحة على مدى الشهور الماضية، بين الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

وقد بلغت هذه اللقاءات والاتصالات الجارية، مرحلة متقدمة بين الطرفين، ويبدو أنها “مرشحة لسلوك طريق إيجابية تبشر ببزوغ ملامح “تفاهم” بين تيار “المستقبل”، و”حزب الله” يشبه إلى حد كبير الاتفاق على “عدم الاعتداء” من قبل الطرفين. وألمحت مصادر مقربة من الطرفين إلى أنه يتضمن مساعدة “حزب الله” على تفعيل العمل الحكومي، وعلى عدم “الضلوع” في معركة إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، في مقابل إعطاء “ضمانات” من “المستقبل” للحزب بإبقاء موضوع سلاحه رهن الحوار اللبناني الداخلي الجاري، وعدم الاستجابة للضغوط الأمريكية تحديداً بهدف نزعه قبل التوصل إلى اتقاف حول “الاستراتيجية الدفاعية” للبنان.

ويبدو “حزب الله” في صورة مشاوراته مع “المستقبل”، ممسكاً بزمام المبادرة الداخلية، خصوصاً أنه يقيم، في جهة مقابلة، “تفاهماً” (يشبه التحالف) مع “تيار” النائب ميشال عون، وهو بذلك، حسب أوساط مطلعة، يستعيد موقع “بيضة القبان” في ميزان السياسة الداخلية. وتعزو الأوساط استعادة الحزب لهذا الموقع، إلى المرونة التي تعاطى بها أمينه العام السيد حسن نصر الله مع تبديد “هواجس” “الأغلبية” لجهة سلاح الحزب من جهة، والأهم، برأي الأوساط، إلى التطورات الإقليمية الداهمة، وخصوصاً مع تفاقم الاعتداءات “الإسرائيلية” على الشعب الفلسطيني إضافة إلى التطورات التي طرأت على الملف النووي الإيراني.

وتؤكد المصادر أن “التفاهم” الإيراني - الأمريكي سوف لن يقتصر على الملف النووي، بل سوف يشمل في مفاعليه أزمات المنطقة، بما فيها لبنان، حيث يمسك “حليف” إيران القوي، “حزب الله”، اوراقاً ذات أهمية استثنائية، سياسياً وعسكرياً، كما أنه يستطيع بحلفه مع سوريا أن يخلق توازناً في المعادلة الداخلية، حيث نجح حتى الآن في منع فريق “الأغلبية” من السيطرة على مقدرات الدولة بالكامل.