معاريف

أوريت أغمي ( والدة جندي )

سلام يا إيهود،
أنت رئيس الحكومة وأنا لا أحسدك. لكنك أنت من اختار هذا المنصب. مصيرنا بين يديك. ثمة بين يديك أمر بالغ الأهمية الآن. يمكنك أن تهتم بمعالجة مصيرنا بشكل عام لاحقا، أما الآن فإن بين يديك مصير أحد أبنائنا جميعا.
يمكن أن يكون هذا الشخص ابنك أو حفيدك، ابن الجيران أو ابن أصدقاء. إنه ابننا جميعا. وعليه فإن كل الكلام بشأن الاستراتيجية وقدرة الردع ليس مهما الآن. لا يهمني إذا كانوا يريدون أن يختطفوا المزيد غدا، لأنهم في الواقع يريدون ذلك، وهم يريدون أيضا تنفيذ عمليات.
"الاستراتيجية" التي استُخدمت حتى الآن لم تجد نفعا، لأنك لم تبذل جهودا كبيرة لمحادثات مكثفة مع أبو مازن، ولأن شارون، سلفك، قوّض قوته من خلال التصريحات عن ضعف رئيس السلطة. كلاكما تعامل معه كما لو أنه هو ايضا غير ذي شأن، كما لو أنه ليس شريكا. تعاملتم معه كما تعاملتم مع الجميع.
لكن كما قلت: هذا كان أمس وهذا ما سيكون غدا أيضا. أما اليوم فثمة أمر مغاير: أنا أُفكر اليوم بهذا الفتى الذي ذهب للدفاع عنك. عندما أُفكر فيه في هذه الأيام، تمتلئ عيناي بالدموع. أنا أسأل نفسي هل هو حي، ماذا يحصل معه، بماذا يفكر، ماذا يحصل لوالديه، لأقاربه وأصدقائه. الآخرون ماتوا، وأنت لا تستطيع أن تعيدهم، لكن ربما ثمة فرصة لهذا الفتى في أن يعود إلى البيت وأن يحيا طويلا.
لو كنت مكانك لتحدثت مع الشيطان أيضا، ومن يعتقل هذا الشاب ليس الشيطان. إنهم شباب آخرون في سن العشرين. هم غاضبون، تعرضوا لغسيل دماغ، ناقمون، لكنهم أيضا شباب. لو كنت مكانك لدعوتهم إلى مكتبك، لكنت أصدرت نداء عالميا تفيد فيه أنك مستعد للتحدث مع كل واحد في أي وقت، وأن جندينا هو ابننا جميعا وأننا سنفعل كل ما في وسعنا لإعادته.
أسدِ لي معروفا يا إيهود، إنسَ العمليات البطولية لاجتياح أعماق مناطق غير معروفة، والتي من المؤكد أنه سيُقتل فيها جنود آخرون، وربما يتم أسر جنود آخرين أحياء، ويبدأ كل شيء من جديد.
أوضح لي يا إيهود، لماذا يتطوع الشباب في الجيش الإسرائيلي؟ لماذا نحن، الأمهات والآباء، سنوافق على إرسالهم في حال علمنا أنهم في حال تعرضوا للأسر، لا سمح الله، فإنهم سيتعرضون للتعذيب والموت. هذا إفلاس أخلاقي.
غدا، بعد أن تفعل كل شيء، وبالنسبة إلي فلتفرج عن أسرى، يمكنك أن تفكر استراتيجيا. يمكنك غدا الشروع في إصلاح ما لم يفعله أسلافك. تحدث غدا مع المعتدلين، بشكل مكثف، لأن مصيرنا جميعا بين يديك.