نضال الخضري

ليس عليّ التحلي بصبر الرجال ... فأنا أخشى الحرب كما تخافها الأمهات، ولكنني أكثر من ذلك لأن الحرب تنهيني جسديا أو على سياق "الأسياد والعبيد" التي اعتدناها منذ عصر المماليك ... أو حتى عبر التاريخ الذي كان يحمل من "الإماء" ما يوحي بأننا جسّدنا الجنة على شاكلة الذكور.

"الحرب" بما تحمله من ذاكرة سوداء .. أو حتى من قسوة لم تترك لنا بريق أمل، وترسم أمامنا الصور المتكررة لأطفال يتحولون نحو البحث في مجهول لا يدركه إلا من لامس رُهاب الضياع. والحرب أيضا في ذاكرتي تكتمل مع الإحباط الذي لازمني لحظة أدركت أن قدرة العسكر على إنهاء الصراع أكبر من قدرتهم على تحقيق النصر ... لكنني أشعر بالحماس، وأريد لملمة القلق المتناثر على وجهي .. أو حتى الترقب من إعصار ربما يجرفني.

لم أستطع الهروب من إحساس "الأسياد والعبيد" في كل لحظة عنف تفرضها آلة الحرب. فأنا أنثى تعرف تماما شعور الظلم .. أو الإحساس بالنقص لأنها خلقت بنصف عقل ونصف دين، وهل تخرج هذه القاعدة عن مسار لعبة الحرب الدائرة اليوم.... لماذا ينتابني الشعور بأن الذكور في البنتاغون يمارسون لعبة الشرقي في رؤية "الشرق" ... ولا أعرف كيف يجتاحني لون غامض من "ذل الأنوثة" عندما أسمع عن "مغامرات غير محسوبة" .. فالشرق أنثى لا تستحق المغامرة. بينما "ذكور" المارينز لهم أضلية المقامرة بمجتمع يُسحب بدخان الحرب نحو "الطوائف".

في زمن الحرب استعيد ملامح ضائعة من طفولتي ... عندما لم يكن "الشرق" مقتنعا بأنه "أنثى" على الطراز العباسي، فكنا مغامرون أو هكذا أقرأ ... وكانت الصور المتراكبة من التاريخ تعزز ذكورية المقامرة والقدرة على القول أن الموت أصعب من الذل ... ربما لست منحازة لمثل هذا التاريخ الذي يرسم "عنتريات" لكن المغامرة في النهاية سمة "الذكور" كما يقر التاريخ.... وعندما تدفعني التصريحات لرسم صورتي كما يتخيلها الذكر فإنني أركب موجة "البيانات السياسية" الخائفة على عذريتها، أو تلك التي تبحث عن زواج شرعي حتى ولو كان بعد عملية اغتصاب جماعي.

حتى لا تصبح الأنثى استثناء في هذا التاريخ، فإن السياسة تركب موجة "التاريخ الأنثوي" مقتنعة بأن "الأسياد والعبد" قاعدة لا يخترقها إلا الذكور، ولا يغامر سوى من يستطيع مجابهة أقرانه بأنه يمتلك الفحولة القادرة على منحه حق الانتساب إلى ميادين القوة ... هذه هي الصورة الكلاسيكية التي يرسمها اللاعبون بالسياسة ... أرفضها؟؟ نعم ... ولكنني لا أستطيع إلا أن أقول أنها قائمة من حولي وفي داخلي.