جانبلات شكاي – الرأي العام

نفى سفير سورية لدى الولايات المتحدة عماد مصطفى، المعلومات التي تحدثت عن استعداد دمشق لمساعدة واشنطن على مطاردة خلايا «القاعدة» في لبنان.
وفي تعليق على تقرير لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية التي ذكرت ان سورية مستعدة لاطلاع الولايات المتحدة على مواقع خلايا «القاعدة» في لبنان، قال مصطفى، ان «ذلك غير صحيح», واضاف في مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، اول من امس: «ما قلناه مرارا منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة ان سورية تعاونت في ما يخص القاعدة وغيرها من الجماعات الاصولية المتطرفة, الا ان ذلك لم يعد يحدث».
وكان مراسل «سكاي نيوز» نقل عن وزير الاتصالات السوري عمرو سالم «نعلم اين هي (مواقع القاعدة) ونستطيع ابلاغكم بذلك», واضاف المراسل نقلا عن الوزير السوري ان «سورية تملك معلومات فعلية ملموسة».
وتابع سالم ان «سورية تقترح ان تكون وسيطا بين ايران والولايات المتحدة» ويمكنها ايضا ان «تؤدي دورا مهما في العراق»، حسب الشبكة البريطانية.
وفي ما يتعلق بزيارة وزير الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس المفاجئة الى لبنان، قال السفير السوري ان الزيارة لم تكن مثمرة, وقال: «في الواقع فان الوزيرة رايس لم تفعل شيئا في بيروت» التي زارتها امس لاجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين, واضاف: «لم تفعل سوى انها رددت الاملاءات والمطالب الاسرائيلية».
واتهم المبعوث الولايات المتحدة بارسال «قنابل موجهة بالليزر الى اسرائيل حتى تستخدمها لقتل المزيد من الاطفال والمدنيين اللبنانيين».
الى ذلك، ومع تواصل الهجوم الاسرائيلي العسكري على لبنان، والقصف الذي لم يوفر البنية التحتية والاحياء السكنية على حد سواء، وسط تغطية غربية واميركية تحديدا، صار لا بد من طرح تساؤلات تجاه الهدف من هذه الحرب، وأبعادها على رسم مستقبل المنطقة، في اطار «الشرق الاوسط الجديد»، الذي تحدثت عنه رايس.
يقول الصحافي الايراني عصام الهلالي، «ان الحرب التي شنت على لبنان، ليست حربا من اجل استرجاع أسيرين اسرائيليين، وانما هي حرب بأجندة خاصة يراد منها ان توصل المنطقة الى واقع محدد، يخدم السياسة الاميركية والاسرائيلية، وفي مقدمها ان تكون اسرائيل هي المهيمنة على المنطقة».
ويؤكد هلالي نظريته من خلال «تجاهل الدورين السوري والايراني في المبادرات السياسية الهادفة لوقف اطلاق النار، وحتى في عدم توجيه الدعوة لهما الى اجتماع روما المنوي عقده بدعوة اميركية».
ويرى ان «هذا ما يريده الغربيون واميركا تحديدا، لكن نحن وكمتابعين لاوضاع المنطقة في ايران، نرى انه لا يمكن ايجاد حل لقضايا وازمات المنطقة الا من خلال اشراك القوى الفاعلة فيها مثل حزب الله وسورية وايران», ويضيف: «وغير ذلك، فإن هذه الدول وهذه القوى الفاعلة لن ترضى ان تسير المنطقة وفقا للبرامج الاميركية».
ويعتبر الصحافي الايراني العامل في دمشق، ان «ما يحصل اليوم في لبنان يشبه الى حد بعيد ما حصل في العراق بداية الحرب هناك، حيث رفضت اميركا الاعتراف بأي دور ايراني او سوري، لكن ومع استمرار عدم الاستقرار، بدأنا نسمع عن اقرار اميركي بالدور الايراني وتنسيق مع سورية لتحقيق الامن», ويضيف «ان من ابرز اهداف هذه الحرب المجنونة هو تغطية ما يجري في العراق اولا، وابعاد الرأي العام العالمي والاميركي تحديدا عن مركز الحدث هناك وذلك بالطبع مع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية».
ويرى هلال ان من الاهداف الاخرى لما يجري في لبنان «اعادة توزيع الادوار في المنطقة مع زيادة الحديث عن خفض عدد القوات الاميركية في العراق، وذلك من خلال مد النفوذ الاسرائيلي لصالح نفوذ باقي دول المنطقة».
ورغم الضغوط التي تتجسد في المفاوضات السياسية او تلك التي تجري بالحرب والنار، فإن المشروع الاميركي يجد ممانعة كبيرة من «حزب الله» المدعوم من ايران وسورية، بل ان الاخيرة صعدت في خطابها السياسي، واعلنت اكثر من مرة عن استعدادها الدخول في الحرب اذا ما اجتاح الجيش الاسرائيلي لبنان واقترب من الحدود السورية, ويقول الكاتب والمحلل السياسي السوري شعبان عبود «ان ما يجري في لبنان يؤثر تأثيرا مباشرا على أمن سورية الوطني وعلى مصالحها، عدا عن كون، فيما لو تحقق انتصار حاسم على حزب الله من اسرائيل، فإنه سيضعف من مكانة سورية، وسيفرض وقائع سياسية جديدة ستكون دمشق بمقتضياتها اول الخاسرين الاقليميين».
ويعتبر ان التصعيد السوري الاخير «على هذا النحو انما مرده ضغط الشارع هنا، وهو شارع متعاطف مع حزب الله والمقاومة اللبنانية عموما», ويضيف «ان هذا الشارع يطالب حكومته وقيادته بضرورة فعل شيء لمناصرة المقاومة اللبنانية، وهذا الشارع سوف لن يسكت ابدا على صمت القيادة السورية في تعرض بلده لاعتداء ولم تفعل شيئا جديا يتعدى اطار رد الفعل الكلامي الذي اعتدنا عليه».
ولا تتوقف ابعادُ الحرب الاسرائيلية، عند اعادة توزيع الادوار في المنطقة، وانما تتعداها وعلى مستوى الوضع اللبناني الداخلي، الى اعادة التوزيع الطائفي، لمصلحة قوى على حساب قوى اخرى، تصنف بأنها على علاقة تحالفية مع سورية, ويقول الصحافي السوري موفق محمد «ان الحرب التي تشنها اسرائيل على لبنان ستخلف نتائج عديدة من اهمها اعادة التوزيع الديموغرافي او الطائفي بمعنى ادق في لبنان».
ويستدل محمد على كلامه من خلال «القصف الاسرائيلي الكبير والضخم على الضاحية الجنوبية في بيروت حيث يوجد الشيعة بكثافة كبيرة», ويرى «ان هذا القصف ادى الى نزوح معظم سكان الضاحية الى مناطق مختلفة في لبنان وخارجه، وعلى اعتبار ان اعادة اعمار هذه الضاحية سيأخذ عدة سنوات فإن سكانها سيتوزعون على جميع مناطق لبنان، وخارج لبنان على اعتبار ان قسما منهم هرب خارج البلاد».
ويؤكد الصحافي السوري ان «النتائج التي ستخلفها هذه الحرب ايضا تمتد الى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث نزح وهرب الكثير منهم الى خارج البلاد وتحديدا الى سورية».
ويقول: «على اعتبار ان هؤلاء شكلوا دوما نقطة خلاف على المستوى اللبناني الداخلي، فإن مغادرتهم الى سورية دون الحصول على تأشيرات مسبقة، مستفيدين من التسهيلات الحدودية، ربما سيشكل عائقا امامهم لاحقا، عندما تنتهي الامور ويقررون العودة الى مخيماتهم في لبنان، بل ان البعض يعتقد ان السلطات اللبنانية لن تسمح لهم بالعودة».
وهكذا فإن قناعات عديدة بدأت تتشكل لدى المختصين او حتى العامة في الشارع السوري، تجاه ما يجري في المنطقة، وعلى ابرزها ان «سياسة الفوضى الخلاقة التي بدأ العمل بها في العراق، هي ايضا في طريقها الى لبنان»، وبالتالي فإن «المستقبل لا يحمل معه حلا طويل الامد، ولكن ربما تهدئة موقتة»، وهذه ايضا مشروطة بفتح باب قاعة المفاوضات السياسية، امام «حزب الله» ومن خلفه سورية وايران.