“إسرائيل” وأمريكا لن تستطيعا، مهما حاولتا، حسم الصراع ضد “حزب الله” من دون تفاوض مباشر أو غير مباشر مع سوريا وإيران. وفي المقابل، لن تقبل سوريا وإيران بأي تسوية في لبنان قد تتضمن إدماج الحزب في الجيش اللبناني ونشر قوات دولية على الحدود، من دون تنازلات أمريكية مباشرة لمصلحة دوريهما في لبنان والشرق الأوسط.

المعادلة بسيطة. أعطوا تأخذوا. لا وجبات مجانية في هذه الحرب.

نسبت “نيويورك تايمز”، إلى الوزيرة السورية بثنية شعبان، المستشارة المقربة من الرئيس بشار الأسد، قولها: “لا يمكن تقليص الفوضى التي تعم المنطقة، إلا عبر انغماس سوريا وحزب الله مباشرة في أية مفاوضات”. وقال وزير سوري آخر للصحيفة نفسها: “نحذر بقوة من نشر أية قوة دولية في لبنان من دون موافقة سوريا. هذا قد يؤدي إلى تكرار تجربة العام 1983 (التي قتل فيها مئات الجنود الأمريكيين والفرنسيين في بيروت).

وعشية مؤتمر روما الدولي حول لبنان، أطلقت إيران تحذيراً مماثلاً من أن استبعاد إيران وسوريا عن المفاوضات، سيعني أن لا تسوية ممكنة على الإطلاق. قال حامد رضا آصفي، الناطق باسم الخارجية الإيرانية : “كان يجب على مؤتمر روما أن يدعو كل الدول في المنطقة، بما في ذلك إيران وسوريا، إلى المشاركة لو أنه كان يريد السلام. كيف يمكنكم مواجهة هذه القضايا المهمة من دون وجود ممثلين عن كل دول المنطقة”؟

كوفي أنان، ومعه بعض العواصم الأوروبية، يؤيدون هذا المنطق. كما أن بعض كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين، مثل وزير الخارجية الأسبق وارن كريستوفر، يدعمون فكرة تسوية بين حزب الله و”إسرائيل” على شاكلة الاتفاقات التي منحتها سوريا بركتها بعد حرب إبريل/نيسان 1993 وحرب إبريل/نيسان 1996 القصيرتين في جنوب لبنان.

لكن موقف إدارة بوش من هذه المسألة لا يزال غامضاً. جل اهتمامها هذه الأيام هو منح “إسرائيل” مزيداً من الوقت لمحاولة ضعضعة أو إضعاف حزب الله قبل الدخول في المفاوضات، حتى لو عنى ذلك انهيار الدولة اللبنانية واستكمال تدمير بلاد الأرز نفسها.

لكن، في لحظة ما سيكون على واشنطن اتخاذ القرار: إما سلام في لبنان تشارك فيه سوريا وإيران، او حرب إقليمية (والبعض يقول “عالمية”) مفتوحة تنجر إليها كل دول المنطقة.

عناصر مثل هذه الحرب باتت متوافرة، كما قال عن حق خافيير سولانا: تصعيد عسكري خطير تقوم بموجبه “إسرائيل” بتسوية قرى الجنوب وبلداته بالأرض. حزب الله يرد بقصف العمق “الإسرائيلي” في خطوط ما بعد حيفا”. “إسرائيل” ترد باستخدام الصواريخ الباليستية، التي قد تحمل أسلحة غير تقليدية أو ما يوازيها، ليس ضد لبنان فقط، بل هذه المرة أيضاً ضد إيران وسوريا.

حتى الآن لما تصل الأمور إلى حد هذا الحد. لكنها قد تصل إذا ما قررت “إسرائيل” وواشنطن أن عجزهما عن الحسم العسكري السريع، يتطلب المزيد من التسخين العسكري، وفي كل الاتجاهات، وليس التبريد السياسي مع سوريا وإيران.

الأيام العشرة المقبلة، التي حددتها واشنطن وتل أبيب كموعد لتحقيق هذا “الحسم”، ستكون حاسمة أيضاً في تقرير مصير الحرب والسلام في لبنان والمنطقة.