سيريا نيوز

في الوقت الذي يبحث فيه قادة العالم عن نهاية للمفاوضات بشأن العنف المندلع في لبنان، هناك القليل من الشكوك حول التوجه نحو سوريا، التي تعتبر الحليف الأقوى لحزب الله وربما الدولة العربية الوحيدة القادرة على ضمان احلال سلام نهائي.

ولكن من الذي سيتجه اليها؟
فالسياسة التي فرضتها إدارة بوش في عزل حكومة الرئيس بشار الأسد لم تترك لواشنطن أي مستوى من التواصل مع سوريا. ففي الوقت الذي لا تمتلك في أمريكا سفيراً لها في دمشق، وبوجود نظام قاس من العقوبات الاقتصادية المفروض على سوريا ورفض التحاور مع القادة السوريين، تقوم واشنطن بمناقشة أقسى أزمة مرت على الشرق الأوسط منذ أعوام مع قادة عرب وأوربيين يتمتعون بنفوذ مشكوك بقوته.
هذه السياسة الأخيرة أحبطت بعض الدبلوماسيين في أمريكا وحرضت الأصوات على التعالي لمطالبة واشنطن بالاتصال مباشرة مع سوريا وربما مع حليفتها إيران.
وصرح هؤلاء الذي يؤيدون هذا الاتصال المباشر بأنه دون تدخل الأسد لن يكون هناك اتفاقات لإنهاء هجمات حزب الله الصاروخية أو نشر قوات حفظ سلام بهدوء في الجنوب اللبناني.
ويرى أحد المحللين العسكريين أن صدور أمر واحد من سوريا لإيقاف مرور الأسلحة وغيرها من العتاد اللوجستي عبر حدودها مع لبنان سيطفئ عمليات حزب الله العسكرية خلال أسبوعين فقط.
ويرى رضوان زيادة، المحلل السياسي المقيم في العاصمة السورية دمشق " إن سوريا تمتلك بالطبع نفوذاً قادراً على دفع حزب الله للتوقف عن القتال. وذلك لأن حزب الله إلى حد ما حركة مستقلة إلا أنه يحتاج إلى مظلة سياسية وسوريا وإيران هذه المظلة".
في عام 1998 عندما قصف حزب الله صواريخه على إسرائيل، اتصل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون هاتفياً بالرئيس السوري حافظ الأسد "لوقف لحزب الله ووقف صواريخه. وفعلاً أوقف حزب الله صواريخه".
ويوم أمس برز السيناتور الجمهوري شاك هاغل كخبير في السياسة الخارجية للمطالبة بالاتصال مع سوريا..
وقال هاغل في كلمة له في معهد بروكينغز "إن توجه أمريكا نحو سوريا وإيران أمر لا مفر منه في قضية السلام في الشرق الأوسط". وأضاف" سواء أكانوا متورطين بشكل مباشر أم غير مباشر بالعدوان الذي شنته كل من جماعات حماس وحزب الله على إسرائيل، فإن كلا هذين البلدين يفرضان نفوذاً في المنطقة يقوض الاستقرار والأمن في المنطقة. ويجب أن تسمع كل من سوريا وإيران من أمريكا مباشرة ".
وكان كل من وزير الخارجية الأمريكية الأسبق وورن كريستوفر، ورئيس هيئة العلاقات الخارجية ريتشارد لوغر، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ليزلي جيلب قد أطلقا تصريحات مشابهة لتصريحات هاغل وقال مصدر في الإدارة الأمريكية دون الكشف عن اسمه بأن الفكرة السائد اليوم في الإدارة الأمريكية هي أن الرئيس بشار الأسد قد اتخذ قراراً استراتيجياً بتحالف بلاده مع كل من إيران وحزب الله ضد الولايات المتحدة وأن محاولة فصل سوريا عن هذا التحالف هي محاولة عقيمة".
إلى الآن تحاول الولايات المتحدة الاعتماد على حلفائها من الدول العربية مثل السعودية ومصر للتواصل مع سوريا.
ولكن مع تصاعد الرأي العام العربي لصالح حزب الله ودعم سوريا له، تواجه تلك الحكومات مشاكل في فرض قرار مقنع.
الآلاف من الجماهير تندفع في الشوارع العربية مؤيدة لحزب الله. فدمشق مثلاً تمتلئ اليوم بصور حزب الله وأعلامه التي ترفرف على السيارات والنوافذ. ولأول مرة يتخطى الرأي العام العربي المتصاعد جميع الحواجز الدينية والسياسية التقليدية ويلملم جميع الطوائف العربية السنية والشيعية وحتى العلمانية.
وهكذا بدأ القادة العرب المعتدلون بإبعاد أنفسهم عن واشنطن.
فالسعودية أصدرت في بداية الأزمة تصريحاً وجهت فيه نقداً لاذعاً لحزب الله على إشعاله فتيل الحرب، وهذا التصريح استخدم كتبرير للاعتداءات الإسرائيلية. ولكن هذا الأسبوع تبنت المملكة السعودية لهجة مختلفة فقد أصدر الملك عبد الله تحذيراً قال فيه" إذا فشل خيار السلام بسبب غطرسة الإسرائيليين فإن الحرب هي الخيار الوحيد المتبقي".