زئيف سيف المحلل العسكري الاستراتيجي لصحيفة «هآرتس» الاسرائيلية وصف معركة بنت جبيل التي تكبد خلالها الجيش الاسرائيلي خسائر بشرية تعادل نصف ما يمكن ان يخسره في نصف حرب بأنها اشبه بالمعجزة في حين ان الكثير من المراقبين اصيبوا بالذهول للصمود غير العادي الذي ابداه مقاتلو حزب الله في صد لواء النخبة في جيش العدو «غولاتي» وإلحاق هزيمة نكراء به! ورغم ذلك فإن هناك بعض الاطراف اللبنانية والعربية تشكك بجدوى المقاومة وصمودها في مواجهة العدوان الاسرائيلي. ووصل الامر الى حد ان قيادات وشخصيات لبنانية وعربية كان يفترض فيها ان تقف الى جانب العمل المقاوم سواء في لبنان او فلسطين، اخذت تطالب حزب الله بتسليم ونزع اسلحته وتقديم ذلك مجانا ولا مانع على طبق من ذهب الى العدو الصهيوني. والغريب ان يتم ظهور هذه المواقف في الوقت الذي يتحد فيه الاسرائيليون لمواصلة الحرب على لبنان وكأن العرب لا يمكن لهم ان يقبلوا او يتقبلوا الا الهزيمة والعار! وفي هذا إشارة واضحة الى ان وجود أوهام لدى هذه الاطراف بشأن مستقبل الصراع وطبيعة العلاقة مع اسرائيل. فإذا كان هؤلاء يتوهمون ان التودد لاسرائيل وتطبيع العلاقات معها سيوفر لهم ولأنظمتهم الاستقرار والسلامة فإنهم بالتأكيد على درجة كبيرة من الخداع والمثال الفلسطيني يقدم شهادة حية عن هذا الواقع. فالفلسطينيون قدموا سلسلة من التنازلات الاسرائيلية وتوجت باتفاقيات أوسلو فماذا كانت النتيجة؟ لقد قام الاسرائيليون باغتيال ياسر عرفات في اللحظة الاخيرة بالرغم من كل مواقفه وسياساته التي سهلت أمام إسرائيل الوصول الى اوسلو وغيره! ان السلام مع الاسرائيليين غير ممكن في ظل اختلال موازين القوى على مستوى المنطقة والعالم لان حكام تل ابيب يتوهمون انهم الطرف الاقوى في معادلة الصراع وبالتالي فهم غير مضطرين لتقديم اي تراجع او تنازل. ويبدو ان المواجهة الدائرة الآن بين حزب الله والجيش الاسرائيلي والصمود البطولي لرجال المقاومة اللبنانية قد بدأت تغير وتسقط هذه الاوهام لدى الاسرائيليين.