خيبة إسرائيلية كبرى ... وفرنسا ليست عصية على الإصلاح

تعثرُ الجيش الإسرائيلي في معاركه البرية بالجنوب اللبناني، وفشلُ "مؤتمر روما" في وقف الحرب على لبنان، ومصادقةُ الكونجرس الأميركي على مشروع قانون التعاون النووي مع الهند، ثم مقولة استعصاء فرنسا على الإصلاح... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الفرنسية

* "خيبة إسرائيل الكبرى": بهذا العنوان استهلت صحيفة "لوفيغارو" افتتاحيتها ليوم السبت متناولة تعثر الجيش الإسرائيلي لحد الآن في القضاء على "حزب الله"، فبعد سبعة عشر يوماً من القصف المكثف على المناطق التي ينشط فيها عناصر الحزب، وبعد إنزال كل هذا الخراب بالبنية التحتية للبنان، ترى الصحيفة أن شمال إسرائيل مازال تحت مرمى قذائف "حزب الله"، ومازال المواطنون الإسرائيليون في المدن الشمالية يقضون معظم أوقاتهم مختبئين في الملاجئ. وبالطبع كان هذا خارج توقعات إسرائيل عندما دفعت بجيشها المسلح بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً إلى خوض معركة مع "حزب الله" اعتقدت أنها مألوفة بالنسبة لجيش محترف ومدجج بالسلاح. لكن استمرار "حزب الله" في إمطار المدن الإسرائيلية بالصواريخ دون هوادة والقدرة التنظيمية العالية التي أبان عنها في رص صفوفه ومعاودة الكرة ضد إسرائيل، أدخل جيش الدولة اليهودية في مأزق حقيقي. وتصف الصحيفة معركة بنت جبيل الشرسة التي سقط فيها عدد من الجنود الإسرائيليين بـ"ستالينغراد جديدة"، محيلة إلى المقاومة المستميتة التي أبدتها المدينة الروسية في وجه الجيش النازي. وبعد هذا الأداء "المخيب للآمال" من قبل الجيش الإسرائيلي، بدأ الشك يخيم على قدرة الدولة العبرية في حسم المعركة سريعاً واستغلال المهلة الزمنية التي تصر الولايات المتحدة على إتاحتها لإسرائيل لاستكمال تدمير "حزب الله". وفي رأي الصحيفة يشكل نجاح المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، دعماً حقيقياً لباقي أشكال الممانعة ذات الطابع الإسلامي في سائر الشرق الأوسط.

* "عزلة لبنان": هكذا ترى صحيفة "لوموند" لبنان في وضعه الحالي عبر افتتاحيتها ليوم الخميس التي تتحدث فيها عن فشل "مؤتمر روما" الذي عقد يوم الأربعاء الماضي، في الوصول إلى وقف لإطلاق النار وإقناع الأطراف المتصارعة بالاتفاق على حل سياسي ينهي المواجهات الدامية. وتشير الصحيفة تحديداً إلى عزلة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وسط وفود الدول الغربية والدبلوماسيين الذين، وإن بدوا واجمين منصتين لمناشدة لبنان بوقف العدوان ووضع حد لقتل المدنيين، فإنهم وقفوا عاجزين أمام تحذيرات السنيورة التي ذهبت أدراج الرياح بعدما فشلت الدول المشاركة في التوصل إلى إجماع يقضي بوقف فوري لإطلاق النار. فقد جاء السنيورة إلى روما وهو يجسد في شخصه آلام لبنان ومحنته في هذه الظروف العصيبة، لكنه أيضاً يجسد كرامة لبنان وتطلعه إلى مستقبل ديمقراطي بعدما خرج من "احتلال سوري" دام 25 عاماً، واحتلال إسرائيلي سبقه دام 22 عاماً، وبعدما خرج من حرب أهلية طاحنة امتدت 15 عاماً أتت على الأخضر واليابس. وها هو بلد الأرز يخوض حرباً أخرى لا تقل ضراوة عن سابقاتها من حيث التدمير والخراب الذي تنزله إسرائيل بمدنه وبنيته التحتية. هذه الحرب التي ترى الصحيفة بأنها قد تخرج عن نطاق السيطرة، حيث يصعب وقفها من قبل "حزب الله" أو إسرائيل اللذين أشعلا لهيبها، وسيبقى على المجتمع الدولي أن يلعب دوره ويضغط في اتجاه التوصل إلى حل سياسي يسبقه وقف فوري لإطلاق النار.

* "اللوبي الهندي والكونجرس الأميركي": في حوار أجرته مجلة "لونوفيل أوبسيرفاتور" يوم الخميس مع أولفيي جويارد، الباحث في المعهد الفرنسي الوطني للبحث العلمي حول موضوع مصادقة الكونجرس الأميركي على اتفاق استثنائي بين الولايات المتحدة والهند بشأن التعاون النووي بين الطرفين، تنقلنا المجلة إلى تفاصيل الاتفاق وحيثياته. فرغم تأييد المشرعين الأميركيين لمشروع القانون بـ359 صوتاً مقابل معارضة 68 صوتاً، فإنه مازال ينتظر مصادقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي عليه ليدخل حيز التنفيذ. ومع ذلك يحذر الباحث الفرنسي من أن مثل هذا التعاون الاستثنائي في المجال النووي، بين نيودلهي وواشنطن، قد يسهم في إضعاف معاهدة عدم الانتشار النووي. فإذا كان الهدف من المعاهدة، كما يقول الباحث، هو الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم، فإن توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة يقضي بنقل التكنولوجيا المتطورة للهند، من شأنه أن يطلق سباقاً للتسلح في منطقة جنوب آسيا. كما أن الاتفاق سيعزز موقف البلدان الأخرى التي تسعى إلى اكتساب التكنولوجيا النووية مثل إيران وكوريا الشمالية. لكن الفوائد الاستراتيجية التي ستجنيها الولايات المتحدة تحجب باقي الأخطار، بل تجعل من مسألة التعاون مع الهند أمراً بالغ الأهمية لواشنطن. فهذه الأخيرة، يقول الباحث الفرنسي، تسعى إلى خلق قوة توازنُ صعود الصين في المنطقة. ومن ناحية أخرى تنظر الولايات المتحدة إلى الهند كسوق مفتوحة آخذة في التوسع بسبب نموها الاقتصادي، وبسبب عدد سكانها الذي يقارب المليار نسمة، ما يغري واشنطن بالانفتاح على السوق الهندية الواعدة.

* "فرنسا المستعصية على الإصلاح": كتب ألين دوهاميل في مجلة "لوبوان" مقالاً يوم الخميس يتطرق فيه إلى الفكرة السائدة لدى الكثير من الفرنسيين؛ بأن بلادهم تنفر من الإصلاح بينما العالم من حولها يتقدم بخطى حثيثة نحو المستقبل. يبني الكاتب مقاله على دراسة قامت بها جامعة هارفارد الأميركية بالتعاون مع جامعة العلوم السياسية في باريس حول أسباب تأخر الإصلاح في فرنسا. والدراسة تبدأ أولا بالتشكيك في الفكرة السائدة بأن فرنسا ترفض التغيرات الاجتماعية التي تصاحب الإصلاح الاقتصادي، وهي فكرة خاطئة يمكن دحضها بسهولة بالرجوع قليلاً إلى الوراء قبل ربع قرن عندما كانت الدولة الفرنسية تسيطر على مجمل القطاعات الاقتصادية في البلاد، وكانت الأسعار تخضع لمراقبة صارمة، فضلاً عن تحديد الأجور وفق نظام معين. اليوم تغير ذلك جذرياً حيث اعتنقت فرنسا اقتصاد السوق ودخلت غمار المنافسة العالمية لتصبح من الدول الأوروبية المهمة في مجالي التصدير واستقطاب الاستثمارات. وكون أن الفرنسيين يغلب عليهم التشاؤم في نظرتهم إلى المستقبل، فذلك راجع إلى الخوف من تأثير تلك التغيرات على مستوى معيشتهم، وشعورهم المتزايد بالدور المتراجع للدولة.