الغد

لسنا بحاجة لمن يقنعنا بأن كوندليزا رايس ستضمن سلامة لبنان، فحتى اليوم شاهدنا من هذه الضمانات ما يكفي لإحراق الشرق الأوسط ... ما يحتاج إلى تأكيد هو تعريف هذه السيادة، أو إعادة فهمها مع رحلة "البغض" التي بدأت قبل أسابيع ليس ضد لبنان، بل أيضا ضد زمن متكامل منطلقة من افتراض أن المعادلة اللبنانية قائمة بذاتها.

لم تنتقص سيادة لبنان لأن الجيش لم ينتشر في الجنوب، وليس الأمر مرتبط بقوات متعددة الجنسيات طالما أننا اعتدنا هذا الأمر في العراق وتعرفنا على رائحة الموت عبره .. رايس ستبحث عن سيادة لبنا على كل أراضيه بعد أن هشم هذا المفهوم على الشاكلة الأمريكية كل الصور التي نعشقها عن السيادة .. فهذه السيادة قائمة اليوم على جماجم الأطفال وتهشيم الأجساد .. والأهم تكسير الرغبة في الحياة لدى الأجيال القادمة.

رحلة "البغض" التي تسير مع صياغة مفهوم السيادة تعني ولعودة لقانون القبيلة في الانتقام .. وانتقاص السيادة تتجلى في المساومات السياسية، وانطلاق رموز الحرب إلى شعارات الديمقراطية.
ربما علينا التأكيد أن ضمانة سيادة لبنان لا يتحقق بالغارات والموت ومحاولة البغض المذهبي، أو بتخصيص حملات إعلامية تراهن على الحدث السياسي، فالحرب اللبنانية تفجرت على هذه الرهانات، ونقص السيادة هو الاكتفاء بظل الحدث.

رحلة رايس اليوم إلى بيروت صورة للسيادة كما تراها الولايات المتحدة لنا .. وهي بالتأكيد تعرف أن الديمقراطية والشرق الأوسط الكبير يحتاج إلى أكثر من محاربة الحركات الشمولية، فهو يحتاج أولا لاقناعنا بأن ديمقراطيتنا وسيادتنا لا يمكن أن تصبح هشيما كما يحدث اليوم، أو تتحول دولنا إلى مساحات فارغة لا يسكنها إلا الدمار.