د. ثائر دوري
(( لقد أصبحت الميكانيكا دينا جديدا ، و أعطت العالم مسيحا جديدا : الآلة )) .. لويس ممفورد
د. ثائر دوري
(( لقد أصبحت الميكانيكا دينا جديدا ، و أعطت العالم مسيحا جديدا : الآلة )) .. لويس ممفورد
د. ثائر دوري
كان الإنسان في المرحلة الأولى لدخول الآلة ضروريا لتشغيلها من أجل التحكم و الإدارة و التغذية لكن في الجيل التالي استغنت الآلات عن البشر، فآلة تتحكم بعدة آلات. ثم وصلنا إلى مرحلة الآلات المفكرة و هذا أمر جعل كثير من المفكرين يتساءل عن مصير الجنس البشري في ظل طغيان الآلة . فأنتجت هوليوود أفلاماً عن عوالم متخيلة استطاعت الآلات فيها أن تسيطر على الجنس البشري و تستعبده .كما تحول الإنسان في المجتمعات الرأسمالية الحديثة إلى آلة وقد جسد ذلك تشارلي شابلن في فيلم الأزمنة الحديثة . لقد صارت الآلة هي المثال . و قد تنبه الكاتب التشيكي كاريل تشابيك لما يحدث مبكراًُ فأبدع مسرحية "إنسان روسوم الآلي "في بداية القرن العشرين ، و هي مسرحية تصور عالماً من الروبوتات تتمرد على صانعيها البشر فتبيدهم و لا يبقى على سطح الأرض إلا الروبوتات ...........
عبر التاريخ ظلت الحروب تخاض بواسطة البشر و كان معيار النصر الحاسم هو الإنسان ، شجاعته ، إيمانه ، قدرته على التحمل ، بنيته الجسدية . سواء في حروب السيف أم البندقية ذات الطلقة الواحدة . لكن دخول الآلة بشكل مكثف إلى عالم الحروب أحدث شيئاً مشابهاً لما حدث في باقي مناحي الحياة فتراجعت أهمية البشر ، إيمانهم ، و شجاعتهم لصالح مدى امتلاكهم للتفنلوجيا و الآلة ، سواء كانت دبابة أم طائرة أم صاروخاً عابراً للقارات . لقد تحول القتل في الحروب إلى لعبة كبس أزرار شبيهة بلعب الآتاري . لكن التطورات الثورية في فلسطين بدءاً من انتفاضة أطفال الحجارة بدأت بإعادة الاعتبار للإنسان في مواجهة حضارة القتل الآلية. فأطفال الحجارة نزلوا إلى الشوارع مسلحين بإيمانهم و إيمان مجتمعهم فحيدوا آلة الحرب الصهيونية بدباباتها، و طائراتها، و قنابلها النووية معيدين الاعتبار إلى العنصر الأول في الصراع و هو الإنسان ، الذي تستطيع الآلة قتله لكن لا تستطيع أن تنتصر عليه. فكان الحجر ، سلاح الانتفاضة ، إضافة إلى بعده الرمزي حيث أنه جزء من الأرض التي يتشبث و يدافع الإنسان عنها، إضافة إلى ذلك فهو سلاح بدائي أصيل و متوافر بكثرة في الأرض و لا سيطرة للعدو على موارده و فعاليته مرتبطة بإيمان الإنسان الذي يستخدمه بقضيته إلى درجة انه فل كل الأسلحة الآلية الجبارة و هذا يعني انتصار للإنسان على الآلة ، و في الانتفاضة الثانية و ما قبلها طور الفلسطينيون سلاح الإستشهادي الذي كانت المقاومة اللبنانية قد بدأت باستخدامه ليثبتوا أن الإنسان لا يمكن أن يصمد فقط أمام الآلة و إنما يمكن أن يهزمها و هذا أمر أكدته لاحقاً تطورات الساحة العراقية، لقد أعادت بدورها حرب العصابات التي تخوضها المقاومة العراقية الاعتبار للإنسان باعتباره أداة الصراع الأولى و الحاسمة و ليس الآلة، فالمتفجرات البدائية هي القاتل الأول للقوات الأمريكية وهذه القوات عاجزة بكل تكنلوجيتها و آلاتها عن عمل أي شيء تجاه قنابل تصنع من السماد و المسامير و ما توفر بين يدي الإنسان، كما أن الاستخدام الكثيف للإستشهادي في هذه الحرب جعل الآلة عبئاً بل نعوشاً حديدية سواء تحدثنا عن الدبابات الضخمة أم عن سيارات الهامر .......
و هاهي المقاومة اللبنانية اليوم تسطر درساً في أهمية الإنسان .فتثبت أن التغني بالإنسان المؤمن الذي لا يقهر ليس مسألة شعرية و إنما قصة واقعية يومية ..........
إن ما جرى و يجري في ساحات المقاومة الثلاث: الفلسطينية، اللبنانية، العراقية. يعيد الاعتبار لأهمية الإنسان و مركزيته في أهم مجال تغولت به الآلة و هو الحروب . و من هذا المجال ستبدأ البشرية بناء حضارة جديدة تعيد الاعتبار للإنسان في كل مجالات الحياة على النقيض من حضارة الآلة المعاصرة التي تمتهن الإنسان و تحوله إلى آلة.
بقلم تييري ميسان
تييري ميسان: أهمّ خبير جغرافيا سياسية على الإنترنت عالمياً
البنتاغون يُدبّر انتصار اوكرانيا في مُسابقة الأُغنية الأوروبية لعام ٢٠٢٢
موقع شبكة فولتير الإلكتروني يقاوم!
بقلم سيرج مارشان,تييري ميسان, شبكة فولتير
بقلم أمير سعيد إيرواني, شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم تييري ميسان, شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم البابا فرنسيس, شبكة فولتير
شبكة فولتير
بقلم تييري ميسان, شبكة فولتير
شبكة فولتير
شبكة فولتير