صالح النعامي

حتى في أكثر السيناريوهات تفاؤلية، لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ليتوقع أن تحقق زيارته للصين نجاحاً بهذا القدر، هذا على الأقل ما يمكن استنباطه من حديث أولمرت مع وسائل الاعلام الإسرائيلية، ومن خلال انطباعات الصحافيين الإسرائيليين الكثر الذين رافقوه في زيارته لبكين. وفي حال كان ما جاء على لسان أولمرت حقيقياً، فأن زيارته قد حققت الغاية الرئيسية منها وهي العمل على حشد أكبر دعم دولي لموقف اسرائيل الرافض لتحول ايران الى قوة نووية. فحسب أولمرت الذي تحدث صباح اليوم الى رازي بركائي، أحد مقدمي البرامج الحوارية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، والذي كان ضمن الصحافيين الذين رافقوه لبكين، فقد فوجئ من التجاوب الصيني وموافقة بكين على طلبها بالوقوف بحزم ضد تحول إيران الى دولة نووية. أولمرت نقل على لسان رئيس الوزراء الصيني وين جباو قوله أن الصين ترفض بشدة أن تملك إيران سلاحاً نووياً، وأنها ستؤيد أي اجراء دبلوماسي يقدم عليه المجتمع الدولي لثني ايران عن تطوير برنامجها النووي، ومن ضمن ذلك تأييد فرض عقوبات اقتصادية على ايران في حال لم توقف الإجراءات الفنية ضمن برنامجها الذري. وحسب أولمرت، فأن جباو شدد على مسامعه على أن الصين تؤيد التزام دول العالم بمعاهدة منع انتشار السلاح النووي، مع العلم أن إسرائيل ترفض التوقيع عليها. وتعول الحكومة الإسرائيلية كثيراً على الدور الصيني، على اعتبار أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن، حيث أن تل ابيب اعربت في كثير من الأحيان عن امتعاضها من الموقفين الصيني والروسي الذين كانا يهددان باسخدام حق النقض الفيتو ضد القيام بتحرك جدي ضد المشروع النووي الايراني.

حفاوة ودلالات

أكثر ما لفت أنظار الصحافيين الذين يرافقون أولمرت في زيارته للصين، هو الحفاوة البالغة التي حرصت الحكومة الصينية على استقبال اولمرت بها. وقد وصف اودي سيغل مراسل القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي استقبال اولمرت في بكين بأن " استقبال ملوك ". وأشار الى أن الأوركسترا الصينية الرسمية قد فاجأت أولمرت لدى زيارته أحدى المؤسسات الحكومية برفقة جباو بأن قامت بعزف لحن أغنية " يورشلايم شل زهاف "، أي " القدس الذهبية "، وهي الأغنية العبرية التي يحفظها معظم الإسرائيليين لتجسيدها الموقف الإسرائيلي الرسمي من القدس المحتلة والتي تؤكد كلماتها على الإرتباط العاطفي بين اليهود وبين هذه المدينة المحتلة. الى جانب ذلك فقد قال أولمرت أن جباو روى له أنه خلال زيارته لمصر، سأله الصحافيون المصريون أن كان يعتبر نفسه صديقاً للعرب، فما كان منه أن رد بالقول " أنني ايضاً صديق لإسرائيل ". الى جانب ذلك فقد أشار الصحافيون الى أنه في الوقت الذي تزخر به الصحافة الإسرائيلية بالأنباء التي تتحدث عن قرار الشرطة بالتحقيق مع أولمرت في قضايا فساد جديدة، فأن الصحافة الصينية كانت مرحبة به. والى جانب ذلك، فقد توصل اولمرت الى اتفاق مع الحكومة الصينية على توسيع التبادل التجاري بين الطرفين ليصل الى عشرة مليارات دولار. وقد التقى اولمرت بعدد من ممثلي الشركات الصينية.

السور يمد اولمرت بأفكار

من ناحية ثانية، أبلغ اولمرت الصحافيين الذين رافقوه خلال زيارته لسور الصين العظيم، بأنه يدرس توظيف فكرة سور الصين العظيم في حملة دعائية عالمية لإقناع دول العالم بالمسوغات التي تقدمها اسرائيل لبناء الجدار الفاصل التي تبنيه الدولة العبرية في قلب الضفة الغربية. واعتبر أولمرت أن هناك تشابه بين مسوغات اقامة جدار الفصل وسور الصين العظيم، على اعتبار أن كلاً من الجدارين يأتيان لدواعي أمنية.