حذر الناشط السوري في مجال حقوق الإنسان د.هيثم المنّاع من مخاطر التقليل من تأثيرات ظاهرة الإسلاموفوبيا (أي الخوف من الإسلام المنتشر في الغرب) والتي ستؤدي إلى تراجيديا إنسانية، لافتا إلى أن «ذلك التوجه سيؤدي بالمجتمع الدولي إلى أن يكون شاهداً سلبياً على مأساة تحيق بالملايين من البشر المهاجرين من الدول ذات الأغلبية الإسلامية والقاطنين في الغرب.

ووصف المنّاع، الذي يشغل موقع الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التقرير الذي أصدره المركز الأوروبي لمراقبة العنصرية وكراهية الأجانب بعنوان «التمييز العنصري والإسلاموفوبيا» في النصف الثاني من شهر ديسمبر الماضي بأنه «أفضل تقرير في (الإسلاموفوبيا)، يعطي الموضوع حقه منذ العام 1997».

وأضاف أن «من المؤسف أن المدن الأوروبية الكبرى تصنّف الحديث عن الإسلاموفوبيا باعتباره صنيعة مؤامرة يقودها ملالي إيران للحول دون نقد الإسلام والإسلام السياسي، وهي بالتالي لا تميز بين الحق في نقد إيديولوجية أو ممارسة اجتماعية ثقافية وسياسات التمييز الواقعة فعلاً على المسلمين بوصفهم كذلك».

واعتبر في حوار أجراه معه مراسل وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء من دمشق أن «من السخف الحديث عن مؤامرة للمنظمات الإسلامية من أجل تحسين مواقعها أو فرض تصوراتها على المسلمين في أوروبا». ويظهر التقرير أن «تمثيل المسلمين في المناطق الفقيرة عالية، ونسبة البطالة بينهم أعلى من المتوسط، والنجاح التعليمي تحت المتوسط، وأن نسبة المسلمين العاملين بقطاعات الأجور المنخفضة أكثر من غيرهم في المجتمع، إضافة لمشكلات التهميش والاستبعاد عن مواقع المسؤولية السياسية».

وأشار مناع إلى أن «ما هو مهم في هذا التقرير أنه يوضح، ولأول مرة، أن المواقف العنصرية ليست فقط وليدة الالتزام بالشعائر الدينية (كصلاة وصيام وحج وكلها ممارسات تضمنها الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية) بل هي وليدة مواقف مسبقة من أناس يحملون أسماء مثل محمد وسفيان وعلي.

وهي مواقف تُتّخذ منهم حتى قبل التعرف عليهم ومن سحنة الوجه أيضاً. أي يكفي قراءة الاسم في السجل الشخصي لإصدار حكم مهني على الشخص حتى لو كان متفوقاً في ميدانه». وقال «في وضع كهذا، من السخف الحديث عن مؤامرة للمنظمات الإسلامية من أجل تحسين مواقعها أو فرض تصوراتها على المسلمين في أوروبا».

ورداً على سؤال مراسل «آكي» بشأن مكمن المسؤولية في هذا الإطار، قال إن «ظاهرة (الإسلاموفوبيا)، مثلها مثل (معاداة السامية)، ليست ظاهرة عقلانية محكومة بقواعد منطقية، صحيح أن هناك عوامل أساسية تعزز هذه الظاهرة، مثل الربط السهل بين الإسلام والعنف وبين الإسلام والإرهاب، كذلك اعتبار الإسلام عدواً طبيعياً للعلمانية والديمقراطية والحداثة وكونه ديناً يناهض حرية التعبير، كل هذه الأحكام المسبقة تولد الخوف في صلب المجتمعات الأوروبية التي لا تعرف الإسلام بشكل جيد وتتصوره كتلة صماء موحدة متماسكة ومغلقة».

واعتبر «التوظيف السياسي لـ (الإسلاموفوبيا) هو القضية الأخطر. أولاً لأنه يخلق حاجزا كبيرا بين دمج المسلمين القاطنين بمجتمعاتهم في أوروبا ومشاركتهم في الشأن العام من جهة، ومن جهة ثانية لأنه يمثّل بضاعة رخيصة وسلعة رائجة ذات نتائج مضمونة، للأسف الشديد».

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)