كشفت محافل اسرائيلية النقاب عن شروع الحكومة الإسرائيلية في اجراء اتصالات مكثفة مع دول الاتحاد الاوروبي لحثها على مواصلة فرض الحضار على حكومة الوحدة الوطنية التي ستتشكل بعد اتفاق مكة بحجة أنها لا تستجيب للشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية ظهر اليوم أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة ايهود اولمرت تراهن على موقف كل من المانيا التي ترأس الاتحاد الاوروبي وبريطانيا في اقناع بقية دول الاتحاد بمواصلة الحصار على السلطة الفلسطينية. ونقلت على لسان وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني قولها " في هذا الوقت مطلوب موقف حازم من الاسرة الدولية، لأن مطالب الرباعية غير قابلة للتفاوض". وارتأت المحافل الإسرائيلية أن اتفاق مكة له تداعيات سلبية من ناحية اسرائيل لأنه سيضعف ابو مازن، وسيجعله يغير من خطه المعادي لحركة حماس، الأمر الذي قد يؤذن بفشل لقاء ابو مازن وكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية الإمريكية كوندليزا رايس، حتى قبل أن يتم. وتعتبر اسرائيل أن الجانب الايجابي الوحيدة لتشكيل حكومة الوحدة قد يكون حدوث انطلاقة في قضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط. واشارت اسرائيل الى أن رايس شددت على أن الولايات المتحدة ستواصل الاصرار على أن تقبل حكومة الوحدة بشروط الرباعية ولن يرفع الحصار الا اذا أوفت حماس بالشروط". ووعدت رايس بان تواصل ادارة بوش التعاون مع ابو مازن في كل الاحوال.

اتفاق مكة يعزل إسرائيل

أجمعت وسائل الاعلام الإسرائيلية على أن اتفاق مكة شكل ضربة لمخططات الدولة العبرية الهادفة الى ابقاء الحصار على الشعب الفلسطينية. واشارت العديد من الصحف الإسرائيلية الى أنه سيكون من الصعب على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل اقناع الأسرة الدولية بمواصلة فرض الحصار الإقتصادي على الشعب الفلسطيني، في أعقاب التوصل لإتفاق مكة. ولفتت صحيفة " يديعوت احرنوت "، كبرى الصحف الإسرائيلية الأنظار الى أن الأمر الذي يجعل من موقف كل من الولايات المتحدة واسرائيل حرجاً هو أنه حتى قبل أن يتم التوصل لإتفاق مكة، فأن كلاً من الأوروبيين والروس، الأعضاء في اللجنة الرباعية، أعربوا بوضوح عن استيائهم من الموقف الأمريكي المطالب بمواصلة فرض الحصار على السلطة الفلسطينية. وأشارت الصحيفة الى أن التوصل لاتفاق مكة وبمباركة المملكة العربية السعودية سيكون عاملاً اضافياً لتشجيع الاوروبيين والروس على الافتراق عن الأمريكيين حول الموقف من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، الأمر الذي سيؤدي الى عزل الإدارة الأمريكية. وتوقعت الصحيفة أن يؤدي هذا التطور الى اعلان بعض دول الاتحاد الاوروبي وروسيا عن استئناف علاقاتها مع الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية. من ناحيتها اشارت صحيفة " هارتس "، الى أن الصيغة التي خرج بها اتفاق مكة تمثل انتصاراً لحركة حماس. وحسب معلق الشؤون العربية في الحصيفة تسفي بارئيل، لم تتراجع حماس عن موقفها الرافض للاعتراف بإسرائيل. ويضيف بارئيل أن اصرار حركة حماس على استخدام كلمة " احترام " وليس " التزام "، فيما يتعلق بالاتفاقات السابقة التي وقعتها السلطة مع اسرائيل يجعل هذه الاتفاقيات بدون قيمة من ناحية عملية. واعتبر بارئيل أن توصل الفرقاء في الساحة الفلسطينية في النهاية لاتفاق أمراً طبيعياً، في الوقت الذي توجد فيه حكومة إسرائيلية غير معنية بالتوصل لتسوية حقيقية، وفي الوقت الذي كل ما يشغل الولايات المتحدة هو الوضع في العراق. وأضاف أن الفلسطينيين توصوا الى قناعه مفادها أنه ليس من الطائل أن يتصارعوا حول قضايا وهمية وغير حقيقية. من ناحيته اعتبر روني شاكيد المعلق للشؤو ن العربية في صحيفة " يديعوت احرنوت " أن الاتفاق الذي وقع في مكة هو انتصار كبير لحماس و لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل و رئيس الوزراء اسماعيل هنية، معتبراً أن كلاً من مشعل وهنية لم يكونا يتوقعان انجازا بهذا الحجم، مشدداً على أنه على الرغم من الضغوط الهائلة التي مورست على قيادة حركة حماس، إلا أن الحركة لم تتنازل وخرجت في هذه الأزمة أكثر قوة في الساحة الفلسطينية الداخلية وأقوى بكثير في الساحة العربية والدولية. واضاف قائلاً " حماس لم تتنازل عن الحكم، لم تتنازل عن الايديولوجيا الخاصة بها، لم تعترف باسرائيل، لم تنبذ الارهاب ولم توافق على الالتزام بتنفيذ كل الاتفاقات الموقعة "، مشيراً الى أن حماس وفتح وافقتا على حكومة الوحدة التي تاق جميع الفلسطينيون لها جداً. وتوقع شاكيد أن تؤدي عوائد اتفاق مكة الى تعزيز مكانة حركة حماس لدرجة تمكنها من الفوز في الانتخابات القادمة بسهولة، متوقعاً أن تفوز الحركة في الانتخابات الرئاسية. وتساءل شاكيد قائلاً " وماذا يحصل اذا لم تصمد حكومة الوحدة؟ عندها ايضا ليس لحماس ما تخسره. فاذا ما تفككت هذه الشراكة، فان المسؤولية ستلقى على كاهل فتح وعلى ابو مازن ليس فقط في الساحة الفلسطينية الداخلية بل وفي الساحة العربية أيضا"، على حد تعبيره. وتوقع المحلل الإسرائيلي أن تجد الدولة العبرية نفسها معزولة في الساحة الدولية بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، منوهاً الى أن الشروخات في مواقف الأطراف المشكلة للجنة الرباعية تدلل على أن العالم سيرفض مطالبة اسرائيل والإدارة الأمريكية بمواصلة فرض الحصار على حكومة الوحدة الوطنية بقيادة حركة حماس. وشدد شاكيد على أن حكومة الوحدة الوطنية لن تساهم في وقف عمليات المقاومة ضد الاحتلال، التي توقع أن تتواصل.