سعيا للملمة تداعيات بدء بريطانيا جدولة سحب جنودها، طالب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني باقي الحلفاء بالبقاء في العراق، محذرا من إعطاء تنظيم «القاعدة» فرصة الانتصار في معركة الإرهاب، في وقت أعلن عن مقتل أربعة جنود أميركيين، بينما يدرس الجيش الأميركي مواجهة تكتيكات المسلحين الجديدة الخاصة بإسقاط المروحيات، وبدء استخدام قنابل كيماوية بدائية الصنع من الكلور.

وفي تطور ذي مغزى اعتقلت القوات الأميركية عمار الحكيم نجل رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبدالعزيز الحكيم لدى عودته من إيران ثم اطلقت سراحه بعد ساعات، في وقت كشف نائب عن «جبهة التوافق» السنية أن هناك مخططا أميركيا، لاعتقال 141 سياسيا عراقيا متهمين بالوقوف وراء «فرق الموت» وضالعين بقضايا فساد مختلفة، فيما أطلقت شخصيات دينية سنية وشيعية عراقية دعوات لطي صفحة اتهام العراقية صابرين الجنابي لرجال شرطة باغتصابها. وفي خطاب ألقاه في مدينة سيدني الاسترالية، التي شهدت تظاهرات صاخبة ضد زيارته، أكد تشيني على أهمية بقاء القوات الأميركية في العراق. ووجه نداء من أجل لم الشمل قائلا إن الولايات المتحدة وحلفاءها ينبغي ألا يتخلوا عن العراق والدول الأخرى التي قال إنها قد توفر ملاذاً آمنا للإرهابيين. وحذر تشيني من أن الهزيمة في العراق ستؤدي إلى انتشار العنف في الشرق الأوسط، وقال «ان الجهاديين بعد ان يذوقوا طعم النصر في العراق سيتطلعون إلى مهام جديدة. سيتجه كثير منهم إلى أفغانستان للقتال إلى جانب حركة طالبان وسيذهب آخرون إلى عواصم في شتى أنحاء الشرق الأوسط».

عراقيا، قالت مصادر في مكتب «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» في النجف ومصادر أمنية في محافظة الكوت إن «القوات الأميركية احتجزت عمار الحكيم نجل رئيس المجلس عبدالعزيز الحكيم مع اثنين من حراسه لدى عودته من إيران عند منفذ بدرة الحدودي (حوالي 180 كيلومترا جنوب شرق بغداد).

وأكد مصدر في مكتب عمار الحكيم على أن «القوات الأميركية اعترضت موكبه أثناء عودته من إيران وقامت باحتجازه مع اثنين من أفراد حمايته وصادرت اجهزة الهواتف المحمولة الخاصة بهم وكذلك اسلحتهم الشخصية».

وجاء هذا الاعتقال، غداة توتر في العلاقات بين «المجلس الأعلى» والولايات المتحدة بعد ان داهمت القوات الأميركية المجمع الذي يوجد به منزل الحكيم في منطقة الجادرية في بغداد وألقت القبض على مسؤولين إيرانيين كانا متواجدين بداخله، قبل بدء تطبيق خطة أمن بغداد.

ولاحقاً أعلن المسؤول في مجلس محافظة النجف نزار الملالي عن انه (تم اطلاق سراح عمار الحكيم وهو موجود حالياً في الإدارة المدنية في مدينة الكوت).

وقال: (تكلمت مع السيد عمار شخصيا وهو موجود في الإدارة المدنية في محافظة الكوت بعد ان احتجزه الجيش الأميركي لعدة ساعات، رافضا الكشف عن سبب الاحتجاز أو ما دار بين الحكيم والجانب الأميركي).

في غضون ذلك، كشف النائب عن «جبهة التوافق» السنية محمد الدليمي أن هناك مخططا أميركيا، يتماشى مع الحملة الأمنية المنطلقة منذ اكثر من أسبوع، لاعتقال 141 سياسيا عراقيا متهمين بالوقوف وراء «فرق الموت» وضالعين بقضايا فساد مختلفة.

وقال في تصريح للصحافة إن «تحولا كبيرا طرأ منذ مدة على استراتيجية أميركا في العراق، وأن الحملة لم تعد تقتصر على السنة، في البداية كان التيار الصدري والآن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية».

وعن الفضائح التي تكشفت عقب تنفيذ خطة فرض القانون، قال «هناك الكثير من الفاسدين في الجيش والشرطة وحكومة المالكي، ولا بد من الانتباه لذلك وليس التركيز على الجانب الأمني المرفوض لدى الجبهة من خلال هذه الخطة الأمنية الجديدة والتي ستثبت فشلها».

كما وصف القيادي في «الائتلاف العراقي الموحد» داغر الموسوي، عملية الاعتقال بأنها «تخبط من قبل الاميركيين وتوقيت خاطئ ومريب وغريب وتشجيع للارهابيين»، وأضاف أن «عملية الاعتقال ضد القانون».

يذكر أن عمار الحكيم يتولى منصب أمين عام مؤسسة «شهيد المحراب» للارشاد الديني وأنه يقوم بجولات في عدد من المدن العراقية.

في غضون ذلك، أعلن الجيش الأميركي أمس عن مقتل أربعة من جنوده في هجومين منفصلين في العراق لترتفع حصيلة قتلى الجيش خلال الشهر الجاري إلى 67. وأوضح البيان ان «ثلاثة جنود قتلوا أثناء شن عمليات عسكرية في محافظة الانبار (غرب العراق) الخميس» دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وأشار بيان آخر إلى أن «جنديا آخر قتل وأصيب ثلاثة آخرون بانفجار عبوة استهدفت سيارة هامفي كان الجنود يستقلونها الخميس بالقرب من الديوانية» جنوب بغداد. وفي السياق، قال مسؤولون عسكريون أميركيون ان الجيش الأميركي يبذل جهودا كبيرة للتصدي للوسائل التكتيكية الجديدة التي يستخدمها المسلحون لنشر الفوضى في العراق بما في ذلك إسقاط المروحيات وقنابل الكلور.

وأضافوا ان القوات الأميركية دهمت ورشة لصنع قنابل كيماوية واستهدفت خلايا لمتمردين، يعتقد انهم متورطون في إسقاط مروحية أميركية مؤخراً. وقال الميجور جنرال وليام كالدويل الناطق باسم القوات الأميركية في بغداد إن «ما نراه هو تغيير في الوسائل التكتيكية لكن الاستراتيجية لم تتغير».

وأضاف ان الهدف من ذلك هو «شن هجمات لا يظهرون فيها (المتمردون) لبث الخوف والانقسام بين العراقيين».

إلى ذلك، أعلن عضو في التيار الصدري أمس عن قيام القوات الأميركية بإطلاق سراح صلاح العبيدي المدير الإعلامي لمكتب الصدر في النجف، والذي اعتقل قبل أربعة أشهر من منزله في النجف.

وقال باسم العذاري عضو مكتب الصدر في النجف ان القوات الأميركية أطلقت «سراح العبيدي منذ يومين وهو بصحة جيدة وأدى صلاة الجمعة في مسجد الكوفة امس». في غضون ذلك، سعى مسؤولون عراقيون ورجال دين شيعة وسنة إلى تطويق التجاذب الطائفي، الذي تصاعد خلال الأيام الأخيرة بعد اتهامات وجهتها السيدة السنية صابرين الجنابي إلى رجال شرطة باغتصابها خشية ان ينعكس ذلك سلبا على الخطة الأمنية الجديدة في بغداد التي تستهدف وقف العنف الطائفي.

وحذا أئمة مساجد شيعية وسنية في خطبة الجمعة أمس حذو الرئيس العراقي جلال طالباني، ونائبه طارق الهاشمي، مطالبين بالتعامل مع هذه القضية «في إطار القانون» بصرف النظر عن الانتماء المذهبي لأطرافها وعدم تسيسها. وقال ممثل المرجع الشيعي البارز على السيستاني في خطبة الجمعة في الصحن الحسيني في كربلاء أمس «لماذا عندما ترتكب أي جريمة ننقسم وكأن الخلاف بين مذهبين وطائفتين».

وأضاف «ينبغي ان تعامل مع الخارج عن القانون كشخص خرج عن القانون وننظرللواقعة كجريمة وقعت» بصرف النظر عن الانتماء المذهبي لمن ارتكبها. وطالب «الدولة إلى فرض هيبتها أي فرض القانون في جميع أنحاء العراق»مؤكدا ان «استهداف طائفة كاملة سواء الشيعة أو السنة أمر غير صحيح فيجب إلقاء القبض على المجرم ويجب ألا يحميه أي كيان».

من جهته، دعا الشيخ علي المشهداني من مسجد الشواف السني في حي اليرموك غرب بغداد، إلى عدم استخدام قضية صابرين لتأجيج الفتنة الطائفية في البلاد. وقال «هذه الجريمة لا نريد لها ان تكون جذوة لفتنة طائفية فلا فرق عندنا من تكون هذه المرأة حتى لو كانت ذمية فان عرضها في رقاب المسلمين لأنهم أهل ذمة». ولكنه دعا الحكومة العراقية إلى «الاقتصاص من الجناة».

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)