الاتحاد

نحو مؤتمر دولي للأزمة العراقية... ومطلوب "إطار عام" لما بعد "كيوتو"

دعوة لعقد مؤتمر دولي للبحث عن حل للورطة العراقية، وزيارة "تشيني" إلى أستراليا تعزز التحالف بين واشنطن وكانبيرا، واليابانيون يأملون في مراجعة تحالفهم مع أميركا، والعالم في حاجة إلى الاستعداد لمرحلة ما بعد "كيوتو"... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.

"حان الوقت لبدء الحوار":

هكذا عنون "هنري كيسنجر" مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، مقاله، يوم أول من أمس الأحد بصحيفة "إنترناشونال هيرالد تريبيون"، ليصل إلى قناعة مفادها أن الوقت قد حان للإعداد لمؤتمر دولي من أجل وضع مخرج سياسي للحرب العراقية، وعلى رغم كل ما يحدث، فإنه من الضروري الدخول في مرحلة الدبلوماسية. "كيسنجر" يرى أنه يتعين على العراق الالتحاق مجدداً بالمجتمع الدولي، خاصة وأن التوتر الذي يشهده يغري -على نحو متواصل- أطرافاً خارجية بالتدخل في شؤون بلاد الرافدين، وهذا التوتر يصعب منعه في ظل غياب معايير مشتركة يتفق عليها الفرقاء. فثمة مصالح متصارعة لعدد من الدول داخل العراق، مما يتطلب كبح هذه الدول، بإيجاد حالة من توازن القوى، والاتفاق على حق فرض عقوبات دولية على من ينتهك هذا التوازن. الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي حول العراق، خطوة مهمة، لاسيما في ظل حالة الشذوذ التي تعتري السياسات الدولية المعاصرة. أميركا تتعرض للوم كونها خاضت الحرب ضد العراق، كما أنه لا توجد ثمة دولة تبدي استعدادها للمشاركة في النتائج الخطيرة المترتبة على هذه الحرب حتى في المستقبل القريب. "كيسنجر" يقول إنه إذا فشلت أميركا في تحقيق أهدافها العاجلة بالعراق، وإذا نجحت معسكرات الإرهاب في الظهور على أرض هذا البلد واستفادت من ثروته النفطية الهائلة، فلن يكون بمقدور أي كيان أو منطقة ذات كثافة سكانية إسلامية عالية الهروب من العواقب المترتبة على تفاقم الوضع في بلاد الرافدين وفق هذا السيناريو، وضمن هذا الإطار لن تنجو الهند ثاني أكثر بلدان العالم من حيث عدد مسلميها، ولا إندونيسيا أكبر بلد إسلامي في العالم، ولا تركيا المتضررة من شبح انفصال الأكراد عن العراق، والأمر نفسه ينطبق على ماليزيا وباكستان، ولا أي دولة في غرب أوروبا، ولا روسيا بمسلميها، ولا حتى الصين. وإذا نتج عن الحرب الأميركية على العراق -بطريقة غير مباشرة- ظهور إيران نووية، وإذا أدت هذه الحرب إلى تكوين دولة إسلامية أصولية، تدعي أنها أخرجت الأميركيين من العراق، بالطريقة نفسها التي تم بها إخراج الروس من أفغانستان، فإن الشرق الأوسط سيتعرض لفوضى واضطراب، يصعب تفاديهما. الخطر لن يكون محصوراً في الشرق الأوسط، بل إن إمدادات النفط العالمية ستتضرر، ومن ثم سيتضرر الاقتصاد العالمي، ما سيعود بنتائج وخيمة، خاصة على الدول الصناعية. وبدلاً من هذه السيناريوهات، يمكن تجريب الدبلوماسية من خلال عقد مؤتمر دولي حول العراق، كي يكون مناسبة من خلالها يتم تجاوز مسألة الفصائل المتناحرة في بلاد الرافدين إلى صياغة استراتيجية مستقرة للطاقة في العراق، ومن ثم يكون هذا المؤتمر الإطار الأفضل لطي مرحلة الاحتلال الأميركي، وربما يكون هذا المؤتمر هو أيضاً الإطار الأفضل لدخول الولايات المتحدة في مناقشات ثنائية مع سوريا وإيران.

دلالات زيارة "تشيني":

يوم أمس الاثنين، خصصت "ذي أستراليان" افتتاحيتها للتعليق على زيارة "ديك تشيني" إلى أستراليا، التي رأت فيها الصحيفة تأكيداً على متانة التحالف بين واشنطن وكانبيرا. فعلى رغم الانتقادات التي توجهها له قوى "اليسار" في أستراليا، من أنه لم يحرز أي إنجاز يُذكر، وحاله يشبه حال رئيسه، وأن "تشيني" سيصبح قريباً "البطة الأكثر عرجاً" داخل الإدارة الأميركية، على رغم هذا كله، فإن "تشيني"، حسب الصحيفة، رجل ذو عزم لا يلين، فهو أكد على أن بلاده لن تتخلى عن العراق وأفغانستان، وأن منطق "اضربْ واجْرِ" يعصف بمصداقية الدول الديمقراطية. وترى الصحيفة أنه إذا تنصّلت إدارة من بوش من الأعباء الملقاة على عاتقها الآن، فإن المصالح القومية الأسترالية ستتعرض للضرر. "تشيني"، كان على حق عندما حذر من خطر الإرهاب على الغرب، وأن الهجوم الإرهابي المُقبل قد يكون نووياً أو بيولوجياً، وأن ثمة ما هو أخطر من الدخول في مواجهة عسكرية ضد إيران، ألا وهو خطط طهران لتطوير قدرات نووية تمكنها من إنتاج قنبلة نووية. زيارة "تشيني" مثال ممتاز على الطريقة التي يمكن من خلالها إدارة تحالف طويل الأمد بين بلدين، لاسيما وأن كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتين الأستراليين، يُجرون مع نظرائهم الأميركيين لقاءات بصورة منتظمة.

"النظر إلى ما وراء بروتوكول كيوتو":

تحت هذا العنوان، خصصت "ذي هندو"الهندية افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، مشيرة إلى أن ثمة اجتماعاً التأم في الآونة الأخيرة بالعاصمة الأميركية واشنطن، وضم برلمانيين من الدول الصناعية الثماني الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا واليابان وألمانيا وكندا) إضافة إلى برلمانيين من الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا أي وفق صيغة (8+5)... هؤلاء البرلمانيون أصدروا وثيقة يطالبون فيها حكوماتهم بالتوقيع على ما أسموه بـ"هدف طويل الأجل قابل للقياس" للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. الصحيفة ترى أن الدول الثلاث عشرة المذكورة مسؤولة عن ثلثي الغازات المسببة للاحتباس الحراري، لذلك يطاب هؤلاء البرلمانيون دولهم بالتوقيع على "إطار أممي جديد" تلتزم به دولهم، بعد أن تنتهي صلاحية بروتوكول كيوتو أي في عام 2012. ويبدو أن خطوة كهذه ستكون صعبة، لأن دولاً كالصين والهند سترفض الحد من إنتاج الغازات الملوثة، خوفاً على نموها الاقتصادي، ومن ثم لابد من أن تكون الأولوية للتفاوض على إطار جديد يصلح لمرحلة ما بعد "كيوتو".

نحو مراجعة التحالف الياباني- الأميركي:

في مقاله المنشور يوم أمس الاثنين بـ"جابان تايمز" اليابانية، وتحت عنوان "التعبير عن عدم الانحياز"، أشار" كيروكي هانيا"، إلى الأصوات المعارضة لسياسة الولايات المتحدة داخل الحكومة اليابانية. "كيروكي"، تطرق إلى تصريحات أطلقها وزير الدفاع الياباني في 24 يناير الماضي، مفادها أن قرار الرئيس بوش الخاص بغزو العراق كان خاطئاً، إضافة إلى تصريحات أخرى أطلقها وزير الخارجية الياباني تصف العمليات العسكرية الأميركية في العراق أثناء وجود رامسفيلد في وزارة الدفاع الأميركية بالسخيفة. الكاتب، وهو صحفي ياباني، يرى أن حكومته في حاجة إلى مراجعة تحالفها الأمني مع الولايات المتحدة، وأيضاً مساعدتها في العراق، وذلك بدلاً من أن تسعى إلى الحد من الأصوات المعارضة لواشنطن بين وزرائها، ذلك لأنه إذا استمرت الحكومة اليابانية في الطاعة العمياء لإدارة بوش، فإنها ستفقد مزيداً من الدعم الشعبي. فحالة انعدام الثقة لدى الرأي العام الياباني في الحكومة بدأت تتفاقم، خاصة وأن هذه الحكومة تحاول استخدام سياسات الدعم الموجهة للمناطق المتضررة بعملية إعادة انتشار القوات الأميركية داخل اليابان، كأداة لتحسين صورتها. هذه العملية أقرتها الحكومة في مايو 2006، وفق اتفاق نهائي مع الولايات المتحدة، لكن ثمة شكوكاً في إمكانية تنفيذ إعادة الانتشار، في ظل رفضها من قبل بعض المسؤولين المحليين.