هآرتس

نشرت صحيفة "هآرتس" امس تقريرا كتبه عاموس هرئيل عن تعاظم قوة حركة "حماس" في المناطق الفلسطينية بعد الاشتباكات الاخيرة بينها وبين "فتح"، وعقب توقيع اتفاق مكة، مشيرا الى الاخطار المترتبة عن ذلك على اسرائيل. وكتب: "كلما مر الوقت على توقيع اتفاق مكة بين "حماس" و"فتح" في شأن تشكيل حكومة وحدة فلسطينية يتنامى شعور "حماس" بأنها خرجت منتصرة من الجولة الاخيرة بينها وبين "فتح". فالتنازلات التي طُلبت منها في الاتفاق محدودة الحجم، ولقد استطاعت المحافظة على قوتها العسكرية وباتت حظوظ تخفيف الحصار الاقتصادي على السلطة الفلسطينية كبيرة جدا.
وليس هذا وحده يقلق اسرائيل. فمتابعة تصريحات المسؤولين الكبار في حماس والناطقين الرسميين والمحادثات غير الرسمية التي يجريها ناشطون كبار في الحركة تظهر بوضوح ان حماس لا تنوي اقرار تغييرات مهمة تتصل بالخط الايديولوجي المتشدد الذي تنتهجه. ولقد جرى التستر على هذا الموقف فور توقيع اتفاق مكة، لان ممثلي حماس نزلوا عند الحاح مضيفيهم السعوديين ومحاوريهم من حركة فتح وامتنعوا عن الادلاء بتصريحات الى وسائل الاعلام تتعلق بمسألة حساسة هي الاعتراف باسرائيل. ولكن في مواجهة الثناء الذي انهال على حماس من الدول العربية المعتدلة بعد اتفاق مكة، بات من الصعب على مسؤولي حماس المحافظة على ضبط النفس. وتدلّ تصريحاتهم الاخيرة على ان حماس لم تتغير، كما ان الماء يبقى ماء، وكما قال الناطق باسم الحركة في غزة اسماعيل رضوان: لم تغير الحركة شيئا من موقفها من المحتل والعدو الصهيوني. ورضوان مثله مثل مسؤولين كبار في حماس، لا يتأثرون كثيرا بكلمات الاعجاب الصادرة عن الامم المتحدة ولا عن روسيا وبعض الدول الاوروبية، ويوضحون ان الحركة لم تتراجع ميلليمترا واحدا عن سياستها. والمرونة القصوى التي يمكن ان تبديها حماس هي القبول بحدود 1967 كحدود موقتة، ولكن شرط عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم واطلاق كل الاسرى. عندها ستكون حماس مستعدة للتفكير بهدنة.
ولا يعتبر رضوان من ممثلي التيار المتشدد، وانما يمثّل تيار الوسط في حماس الذي يتزعمه اليوم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي. عندما يحاول انصار حماس تلخيص احداث الاشهر الاخيرة، يقولون ان فتح خسرت معركتها في غزة. ويقول احد هؤلاء في مجالس مغلقة ان اسرائيل لم تدرك بعد انه بعد اتفاق مكة بات زوال فتح مسألة وقت فقط. لقد اصبحت حماس هي القوة الاسلامية الصاعدة في الشرق الاوسط، وبدأ العالم كله يفتح ذراعيه لاستقبالها.
الجانب الاسرائيلي ايضا بدأ يعتقد ان حماس هي التي تغلبت في المواجهة الداخلية لكنها فازت بالنقاط. وثمة اجماع بين جهاز الامن العام (الشاباك) ومخابرات الجيش على ان المقارنة بين خسائر التنظيمين في غزة تظهر ان فتح تلقت ضربة موجعة جدا، فلقد قتل عدد كبير من ضباطها وقيادييها وتضررت بنيتها التحتية وعتادها(...)".