الاتحاد

أسباب للحوار مع سوريا وإيران... ومستقبل غامض للطاقة النووية

لماذا اختارت واشنطن هذا الوقت لطرح الحوار مع سوريا وإيران حول الوضع الأمني في العراق؟ وهل يمكن الثقة في تحذيرات البيت الأبيض من الانتشار النووي؟ وماذا عن مستقبل الطاقة النووية؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.

أميركا وجيران العراق:

خصصت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي للتعليق على قرار إدارة الرئيس بوش عقد مؤتمر في العراق خلال الشهر المقبل تجلس فيه مع مسؤولين من سوريا وإيران لمناقشة الوضع الأمني في العراق. المؤتمر ستدعو إليه الحكومية العراقية، وسيشمل بريطانيا وروسيا وبعض البلدان في الشرق الأوسط. سيكون هذا المؤتمر هو الأول من نوعه منذ ثلاث سنوات، الذي يجلس فيه دبلوماسيون أميركيون مع نظرائهم الإيرانيين والسوريين. وحسب الصحيفة، يبدو أن الرئيس يتعرض لضغوط متزايدة للتخلي عن رفضه الحوار مع طهران ودمشق، وهي ضغوط بدأت منذ صدور تقرير "بيكر- هاملتون"، فحسب هذا التقرير، تفاوضت الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق أو "إمبراطورية الشر"، دون أن يكون هذا التفاوض أو الحوار دليلاً على ضعف الولايات المتحدة. إدارة بوش حسب الصحيفة، لديها خيارات محدودة، كالحوار مع جيران العراق حول الوضع الأمني في بلاد الرافدين، خاصة وأن القوات الأميركية تجدد التزامها بنشر مزيد من الجنود في "معركة بغداد"، في وقت يعلن فيه حلفاء واشنطن سحب قواتهم من العراق، إضافة إلى عدم وجود ما يكفي من قوات التحالف لحماية الحدود العراقية، وبغض النظر عن النتائج المترتبة على زيادة عدد القوات الأميركية، فإن أي قرار مستقبلي يقضي بتخفيض عدد هذه القوات تتوقف نجاعته على مدى توفير الأمن على الحدود العراقية، وفي حال تحقق الأمن على الحدود العراقية، ستجد دول الجوار العراقي مصلحة في تعزيز الاستقرار ببلاد الرافدين. بوش ووزيرة خارجيته ربما وجدا الوقت مناسباً الآن للإعلان عن محادثات تشمل إيران وسوريا، دون أن تظهر واشنطن في موقف ضعيف، لاسيما وأن البحرية الأميركية تستعرض عضلاتها في منطقة الخليج، كما نجحت الدبلوماسية الأميركية في إصدار قرار من مجلس الأمن يُدين برنامج إيران النووي، ناهيك عن أن الرئيس الإيراني، وبسبب تصلبه، يبدو في ورطة سياسية مع ملالي طهران.

"الحقيقة المريحة... فجأة":

استخدمت "نيويورك تايمز"، هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم أمس الجمعة، قائلة: إننا نرغب في الاعتقاد بأن إدارة الرئيس بوش اكتشفت أخيراً مدى خطورة "إدمان الاستخبارات"، وهذا ما يتضح من اعتراف المسؤولين الأميركيين بأنهم غير متأكدين من الدرجة التي وصل إليها البرنامج النووي لكوريا الشمالية. من ناحية أخرى هذا الاعتراف يأتي بعد شهر من إصرار مسؤولين استخباراتيين على أن قيادات إيرانية أمرت بتهريب قنابل خطيرة إلى العراق. على الأقل هذا حدث قبل أن يعترف ضباط كبار في البنتاجون بأنه لا أحد يعرف هوية الشخصيات الإيرانية التي تقف وارء تهريب هذه القنابل إلى العراق. الصحيفة ترى أن ثمة شكوكاً في أن اعتراف المسؤولين الأميركيين عن تشككهم في برنامج بيونج يانج النووي لن يكون له تأثير كبير بعد المصارحة القوية التي أقدمت عليها كوريا الشمالية بإعلانها السماح بالتفتيش على منشآتها النووية، لاسيما وأن المفتشين ربما لن تكون لديهم القدرة على رصد برنامج فعلي لتخصيب اليورانيوم، وهو البرنامج الذي تزعم إدارة بوش أنه قائم منذ أربع سنوات. إضافة إلى أن البيت الأبيض متلهف على إحراز نجاح دبلوماسي في هذه الآونة تحديداً -فالبيت الأبيض يُصر على أن أي اتفاق نووي مع كوريا الشمالية لن يمضي قدماً في ظل الاعتقاد بأن لدى بيونج يانج ما تخفيه. صحيح أن "التأخير في تحقيق شيء ما ربما يكون أفضل من لا شيء"، لكن ربما يؤدي هذا التأخير إلى خسائر فادحة كما في العراق وأسلحته المزعومة. ولنكن صرحاء، كان لدى الكوريين الشماليين برنامج سري لتطوير أسلحة نووية، كما أنهم اختبروا في أكتوبر الماضي سلاحاً نووياً. لكن رغم فرحة الأميركيين بنجاح إدارتهم في التوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية يقضي بإغلاق مجمعها الصناعي النووي، لا يوجد ما يضمن أن بيونج يانج ستتخلى للأبد عن أسلحتها النووية. وبالنسبة لإيران، فإنها لاشك تقترب من امتلاك قدرات تمكنها من إنتاج سلاح نووي، لكن حتى الأوروبيون أقرب حلفاء أميركا، ليست لديهم رغبة في مواجهة طهران، بينما نجد لدى كل من الصين وروسيا حوافز تجعلهما لا تهتمان ببرنامج إيران النووي، مما يعني أن واشنطن أصبحت وحدها التي تحذر من مخاطر "إيران النووية". صحيح أن ثمة مخاطر حقيقية وراهنة من حولنا، لكن من الذي لا يزال يثق في التحذيرات الصادرة من البيت الأبيض؟

"الانشطار الذري لتبريد الكوكب":

هكذا عنونت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها يوم أمس لترصد محتوى تقرير قدمته لجنة من العلماء المتخصصين في الطاقة إلى الأمم المتحدة يتضمن أفكاراً حول إمكانية تقليل اعتماد العالم على الفحم والنفط والغاز. أهم ما ورد في هذه الأفكار هو المضي قدماً نحو تطوير مصادر متجددة للطاقة، والاعتماد بدرجة أكبر على الطاقة النووية، وهذا عادة ما يتكرر في استنتاجات تقارير أخرى معنية بمصادر الطاقة. وحسب الصحيفة، فإن كثيراً من المدافعين عن سلامة البيئة، يرون في استخدام الطاقة النووية مخاطر عدة منها احتمال خرق نظام حظر الانتشار النووي ووصول مواد نووية إلى الإرهابيين والمشكلات المتعلقة بالنفايات النووية، ناهيك عن التكلفة على المدى الطويل، والمخاطر المتعلقة بمعايير السلامة، وجمعيها أمور مهمة ولا يمكن الاستهانة بها. ورغم هذه المخاوف، ثمة بعض المدافعين عن حماية البيئة ممن يؤيد الخيار النووي في إنتاج الطاقة، يرون أنه من الضروري حماية الأرض من الاحتباس الحراري بدلاً من الخوف من تداعيات محتملة لاستخدام الطاقة النووية.

وحسب الصحيفة ظهر في الآونة الأخيرة 30 مفاعلاً نووياً جديداً في أكثر من 13 دولة، نصفهم تقريباً في الصين والهند وروسيا، وفي الولايات المتحدة ثمة خطط لبناء 26 أو ربما 29 مفاعلاً نووياً جديداً خلال العقد المقبل، جميعها من الأنواع التي تُعد أكثر أماناً من الموجودة حالياً. غير أن مستقبل الطاقة النووية في عالم يتجه نحو تقليل الاعتماد على الكربون، يشوبه عدم التأكد، خاصة وأن الرأي العام الأميركي لا يزال يفضل استخدام هذا النوع من الطاقة، لكن في هامش أو بنسبة محددة. ومن ثم يمكن الحد من معارضة توسيع نطاق استخدام الطاقة النووية، إذا وضعت شركات الطاقة معايير الأمن والسلامة ضمن أولوياتها.