الوطن القطرية محمد ظروف

أليس امراً مستغرباً ويدعو إلى الدهشة بالفعل ان تشهد مختلف عواصم العالم مظاهرات ومسيرات احتجاج للتنديد بالغزو الاميركي للعراق، وان تمتد حركة التظاهر هذه إلى واشنطن وكبريات المدن الاميركية في حين ان أي مظاهرة لم تتحرك في أي عاصمة عربية؟!

من المؤكد انه اذا كانت هناك بعض الأنظمة التي أيدت غزو اميركا للعراق فإن معظم الشعوب العربية وقفت ضد الغزو وفي الساعات الأولى تطوع الآلاف من المواطنين العرب وذهبوا إلى العراق لمقاتلة القوات الاميركية.

ولكن الذي حدث هو ان الحكومات العربية سعت إلى تشويه حركة الاحتجاج الجماهيرية هذه لتوجه رسالة خاطئة إلى الإدارة الاميركية بأن المنطقة العربية كلها مؤيدة أو داعمة لاحتلال العراق.

وقد بدأت كل الحقائق تتكشف الآن.. فتصاعد عمليات المقاومة الوطنية العراقية ضد قوات الاحتلال ودخول الغزو الاميركي في مأزق أمني وسياسي كارثي وبروز معطيات واقعية تهدد بتقسيم العراق إلى دويلات طائفية ومذهبية قد أعاد رسم الصورة من جديد وسلط الضوء على حقيقة اساسية وهي انه لولا الدعم والتسهيل العربي عام 2003، لما نجحت الولايات المتحدة بتلك السهولة والسرعة في احتلال العراق والسيطرة على بغداد.

لقد ارادت عبر تلك العملية توجيه رسائل رعب إلى عواصم القرار العربي واثارة حالة من القلق الشديد لدى حكام المنطقة!

ولكن النتائج جاءت معاكسة تماماً الآن والدليل ان واشنطن تصرخ الان مطالبة من يساعدها في الخروج من المستنقع العراقي!

انه لامر مخجل جداً، ان يتظاهر الاميركيون في واشنطن وامام البيت الابيض والبنتاغون للتنديد بغزو العراق، في حين يلوذ الصمت في معظم العواصم العربية وكأن هذه المدن تقع في كوكب آخر، وكأن العراق هو في مجرة بعيدة!