هآرتس

رأى المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" زئيف شيف ان حرب تموز كانت الجولة الاولى من المواجهة العسكرية بين اسرائيل وايران وكتب: "في بداية حرب لبنان الأولى عام 1982 ادعى وزير الدفاع أرييل شارون ان المقصود هو عملية توغل داخل الاراضي اللبنانية حتى 40 كيلومتراً من اجل ابعاد صواريخ منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن كان واضحاً منذ البداية ان شارون كان ينوي الوصول الى بيروت، اي انه يخطط لحرب واسعة.
ومع ذلك عندما اشتبك الجيش الاسرائيلي مع الجيش السوري في لبنان ودمر له شبكة صواريخ أرض - جو وفرضت اسرائيل حصاراً على بيروت واحتلت قسماً من العاصمة، وأبعدت ياسر عرفات ومقاتليه عن لبنان، خسر المسيحيون حلفاء اسرائيل، وازداد الشيعة بمن فيهم "حزب الله"، قوة وظل الكلام ظاهرياً عن عملية عسكرية ولكن الجيش الاسرائيلي بقي بعدها 18 سنة في لبنان.
في حرب لبنان الثانية عام 2006، اعتقد الجيش الاسرائيلي وكذلك مكتب وزير الدفاع ان ما يجري هو عملية واسعة النطاق، ولكن ما لبثت الامور أن تطورت بصورة مختلفة وتحوّلت حربا، الطرف الذي قرر ذلك كان في الحقيقة "حزب الله". وهذه المرة الاولى منذ حرب الاستقلال عام 1948 ينجح العرب في مهاجمة الجبهة الخلفية في اسرائيل بصورة قاسية، فتساقطت آلاف الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية. من هنا لا يمكن تسمية ما جرى بالعملية العسكرية. فلقد تسللت العملية من لبنان الى اسرائيل وتحولت حربا لم تكن اسرائيل مستعدة لخوضها. واذا ما دققنا في المصطلح العسكري لَوصَفْنا ما جرى بالحرب المحدودة. ورغم ذلك أديرت المعارك على الصعيد الاستراتيجي كما لو كانت حرباً ذات اهداف سياسية واضحة مما يجعلها تختلف عن العملية العسكرية ولا يمكن مقارنتها بالعمليات السابقة في لبنان، مثل عملية "تصفية الحساب" عام 1993، و"عناقيد الغضب" عام 1996. وحقيقة ان الجيش الاسرائيلي لم يكن مستعداً لها، لا يجعلها عملية، فلقد شهدت قيادة الشمال شيئاً استثنائياً في تاريخ حروب اسرائيل تحقق فيه لجنة فينوغراد. وأعدت القيادة خطة عسكرية جديدة اشتملت على خطة برية واسعة لم يوافق عليها رئيس الاركان دان حالوتس. وكان يفترض تطبيق خطة عسكرية جرى العمل عليها لاشهر من جانب ضباط رفيعي المستوى مثل بيني غينتس وإيل بن رؤبين، تقوم على احتلال الاراضي اللبنانية حتى الليطاني مع احتمال التوغل حتى النبطية واستمرار المعارك لمدة شهرين. ولكن لم تجر الموافقة على هذه الخطة ايضاً.
ان النتائج العسكرية لحرب لبنان الأخيرة ضخمة ولا يمكن وصفها بأنها مجرد عملية عسكرية بين اسرائيل و"حزب الله". انها بمعنى من المعاني الجولة الاولى من الحرب بين اسرائيل وايران التي خططت وأقامت الشبكة الضخمة للصواريخ التي يملكها "حزب الله" بما فيها الصواريخ البعيدة المدى، ولقد شاركت سوريا ايضاً في القتال بطريقة غير مباشرة عبر مساعدة "حزب الله" (...)".