صاحب الجلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، رئيس مؤتمر القمة العربية في الرياض،
معالي الدكتور عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ملوك ورؤساء ووفود الدول العربية المشاركون في قمة الرياض.

تحية طيبة وبعد،

ليس خافيا على أحد أن معاناة اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين غدت الوجه القديم المتجدد لاستمرار القضية الفلسطينية والتي لا زالت معلقة بلا حل. وليس خافيا على أحد أن كل محاولات فرض حل يتجاهل حقيقة أن أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني من اللاجئين والمهجرين باءت بالفشل. ولم يعد خافيا على أحد أن مواقف إسرائيل الايديولوجية والسياسية المعلنة وتلك التي تطرح في المفاوضات تراهن على تراخي العرب والفلسطينيين وتنازلهم عن حقوق اللاجئين وبالأخص حقهم في العودة إلى ديارهم الأصلية وممتلكاتهم، التي هجروا منها قسرا، فيما تواصل إسرائيل في الوقت ذاته، ومن خلال جملة طويلة من ممارساتها على الأرض بتهجير المزيد من الفلسطينيين. إن أي تراخ أو تنازل في حقوق اللاجئين يعني عمليا استمرار النكبة المرتكبة منذ العام 1948 بحق شعب فلسطين ومن ثم استمرار الصراع.

إننا، مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، إذ نتوجه إلى جلالتكم وفخامتكم ومعاليكم في مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرياض، في هذه الظروف التي تعصف بالمنطقة فإننا ننطلق من المعطيات الآتية:

أولا: إن إعلان إسرائيل استعدادها للتعاطي مع المبادرة العربية إذا ما تم تعديل البند المتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لا يعدو كونه ذر للرماد في العيون، تتوخى إسرائيل من ورائه تحقيق تنازل مجاني آخر.

ثانيا: إن حقوق اللاجئين الفلسطينيين المدنية والإنسانية في دول اللجوء وتحديدا في البلدان العربية المضيفة لا يجب أن تكون مشروطة و/أو معلقة و/أو موقوفة على أي أمر يراكم من معاناتهم ويهدد هويتهم وينال من صمودهم الممتد منذ ستة عقود ويجب تفويت الفرصة على الجهات التي تحاول اثارته كورقة ضاغطة على الدول العربية والفلسطينيين.

ثالثا: إن ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في العراق إذ يستدعي تدخلا رسميا عاجلا وفاعلا فانه يشكل في الوقت ذاته قاعدة لتحرك عربي استراتيجي على كافة المستويات يستهدف تحديد المسؤولين والمسؤوليات المترتبة على كل منهم بما يضمن توفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين وفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

بناء على ما تقدم، فإننا، مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، ندعو مؤتمر القمة العربية إلى التأكيد على:
أولا: ان حق العودة للاجئين والمهجرين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم، حق إنساني، وقانوني، وفردي، غير قابل للتصرف، ولا يسقط بالتقادم. يرتبط ارتباطا وثيقا بحق تقرير المصير لعموم الشعب الفلسطيني، وأن بحثه في أية مفاوضات أو مبادرات سياسية لا يجب أن يتناول أصل الحق، بل آليات تنفيذه بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.

ثانيا: إن منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية، وتحسين ظروف حياتهم الإنسانية والمعيشية، في مواطن اللجوء يعتبر ضرورة لتعزيز صمودهم من جهة، وأن ذلك، من جهة ثانية، لا ينتقص من حقهم في العودة إلى ديارهم الأصلية ولا يشكل بأي حال بديلا عنه.
ثالثا: ان الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأجنبية وتحديدا القوات الأمريكية تتحمل المسؤولية الأولى والمباشرة عما يتعرض له الفلسطينيون في العراق، وأنهما مطالبتان بموجب القانون الدولي بتوفير الحماية الدولية الكاملة للاجئين الفلسطينيين. وعليه، فإننا ندعو حكومات الدول العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية الى دفع الحكومة العراقية للالتزام بتحمل مسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
رابعا: أن دور مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين ومن ورائها كافة هيئات ووكالات الأمم المتحدة، حيال اللاجئين الفلسطينيين عموما واللاجئين الفلسطينيين في العراق على وجه الخصوص، لا زال دون المستوى المطلوب وأقل مما هو منوط بها وفقا للواجبات المسندة إليها والصلاحيات المخولة لها.

وفي سبيل إيجاد آلية تنفيذ ومتابعة لما تقدم أعلاه نقترح على مؤتمركم الموقر:
أولا: تشكيل لجنة عربية بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية تعنى بإحياء لجنة التوفيق الدولية الخاصة بفلسطين للاطلاع بدورها وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة.
ثانيا: تفعيل وتطوير بروتوكول الدار البيضاء حول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية للعام 1965، وتشكيل لجنة متابعة دائمة تعنى بضمان تطبيقه.
ثالثا: التعاون مع كافة الهيئات الدولية المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين (المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ووكالة الغوث الدولية) نحو دفعها الى تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، إلى حين عودتهم وفق القرار 194.