من السخف أن نقدم حلاً واحداً لمشكلات معقدة. ولكن من الصعب ألا نفعل ذلك عندما ننظر إلى سلسلة الفظائع التي ترتكب في العالم العربي.إن النفط، هذه السلعة التي تأتي بأرباح طائلة تزيد من نفوذ أصحابها، تفسر معظم أسباب القلق الذي ينتاب المرء حيال الوضع في الشرق الأوسط. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تخوض حربها في العراق من أجل السيطرة على موارد نفطه

. فعلى الرغم من كل الاتهامات التي تفيد أن أميركا خاضت الحرب من أجل النفط، فإن الاحتلال الأميركي لم يقدر حتى الآن على وقف الانخفاض في إنتاج النفط في العراق ولم يتمكن من وضع حد للارتفاع الكبير في أسعار النفط على مستوى العالم. ومؤخرا حدث أن أول العقود التي وافقت عليها وزارة النفط العراقية، التي تتحرى الآن الشفافية في أعمالها، لم تذهب إلى شركات أميركية.

إن ما أعنيه هو أن الاحتياجات النفطية الكبيرة للغرب وللهند والصين وما يترتب على تلك الواردات من مكاسب ضخمة تذهب إلى خزائن الدول المصدرة للنفط، قد ضخمت من مشكلات الشرق الأوسط. إن ما يحدث حاليا هو أن جزءاً كبيراً من منطقة الشرق الأوسط يحاول بجدية اللحاق بركب التقدم والعولمة. وعلى الرغم من ذلك فإنه في الوقت الذي يبدي فيه الغرب اهتماما ضئيلا بالمسلمين في الهند وشبه القارة الهندية وماليزيا، فإن جل اهتمامنا نحن منصب على المتشددين في إيران والعالم العربي.

وتأتي المشكلة الفلسطينية كمثال في هذا الصدد. فمنذ احتلال إسرائيل للأراضي التي استولت عليها في حرب 1967، ينظر جزء كبير من العالم إلى القضية باعتبارها تهديدا للسلام العالمي والإقليمي. مثل تلك الصراعات على الأراضي هي بالطبع أمر مألوف في العالم، غير أنها في أماكن أخرى لا تحظى بقدر الاهتمام نفسه الذي تحظى به المشكلة في الشرق الأوسط. فجزر كوريل اليابانية لا تزال تحت الاحتلال الروسي. واستولت الصين على التبت وهناك نزاع بين الهند وباكستان على كشمير.

وعلى الرغم من ذلك فإن الغضب حول ممارسات إسرائيل في الضفة الغربية هو الذي دفع العرب رعاة الفلسطينيين إلى حظر تصدير النفط إلى الغرب في الماضي. هناك إرهابيون في كل مكان من تيمور الشرقية إلى البيرو. غير أن القلق العالمي دائما ما يتركز على إرهابيي الشرق الأوسط في ضوء أنهم لديهم القدرة على قلب إيقاع الحياة لدى المواطن الغربي.

التهديد الذي كان يمثله صدام حسين كان ينبع من أنه كان قادرا على شراء معدات أسلحة تفوق تلك التي كانت تمتلكها معظم القوى الأوروبية واستخدم تلك الأسلحة في مهاجمة جيرانه في محاولة للسيطرة على احتياطي العالم من النفط.

في إيران يثق الرئيس محمود أحمدي نجاد في أن القوى الكبرى في العالم ستتغاضى عن مساعيه النووية على أمل أن يكون لها نصيب في نفط بلاده، أو خوفا من أن يؤدي أي توتر في المنطقة إلى رفع أسعار النفط أكثر مما هي عليه الآن.

وفي الوقت نفسه فإن الأرباح الكبيرة التي تأتي من النفط لا تساعد بلدان الشرق الأوسط. فبشكل يختلف عن الأماكن التي يكون فيها النجاح الاقتصادي هو ثمرة عمل رجال أعمال بارعين وقوة عاملة قوية وشعب متعلم ومثقف، فإن عددا كبيرا من بلدان الشرق الأوسط تحولت إلى دول ثرية تنعم بالمليارات فقط بسبب وجود النفط في أراضيها.

إحدى مشكلات الشرق الأوسط تتمثل في أن هناك دائما خوفا من نفاد احتياطات الغاز والنفط، الأمر الذي يمنح دولا مثل ليبيا وإيران وغيرها اهتماما عالميا أكثر مما تحصل عليه دول مثل تشاد وبلغاريا. ثمة نتيجة أخرى تتمثل في وجود مجتمعات غير مستقرة. فعندما تُجمع الدول ثرواتها بشكل تدريجي من خلال صناعاتها فإنه تكون هناك فرصة لظهور الطبقة المتوسطة، وهو الأمر الذي لا يحدث في الشرق الأوسط.

إذا تمكنت الولايات المتحدة الأميركية من كبح جماح اعتمادها على النفط الأجنبي عن طريق تنويع مصادر الطاقة وزيادة إنتاجها واللجوء إلى الطاقة النووية والوقود البديل وإلى الفحم والتقنيات الجديدة في هذا المجال، فإن السعر العالمي للنفط يمكن أن يهبط إلى 40 دولارا تقريبا للبرميل.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)