عندما ابتدأ الاعتصام والتخييم في ساحات "الداون تاون" وارصفتها في الأول من كانون الاول من العام المنصرم، شعرت كما غيري، بخطورة هذا الخيار وبتسارع تعميق الشرخ المتنامي في بنيان الاجتماع اللبناني والانقسام الاضافي الذي سيتسبب به.

وتتابعت الاحداث وتبيّن ان الشرخ الذي تبع كل تلك الممارسات المتهورة المتتابعة في لبنان منذ اغتيال الشهيد الحريري، وخاصة بعد حرب تموز الشهيرة أدى الى أخطر انقسام مذهبي عرفه لبنان حتى تاريخه، خاصة في ظل الوضع المذهبي المتدهور في العراق. وهذا الانقسام لم يعد يهدد لبنان والعراق وحدهما، بل بدأ يعم العالم العربي من عمان الى القاهرة وعواصم أخرى.

اسمع تساؤل الكثير من الخطباء، ومن بينهم خطباء "حزب الله" بالطبع، مستغربين ما يحصل ويؤكدون أن الخلاف او الاختلاف سياسي وينفون عنه الطابع المذهبي، متسائلين ببراءة: لماذا يراه العامة كذلك؟ ولماذا استغِل وحوِّل الى صراع مذهبي؟
ويبدو واحدهم كأنه هبط للتو في بلادنا التي تنعم بأحسن علاقات المواطنية وتخضع للقانون وللمؤسسات في دولة الحق وتجهل معنى سيكولوجيا الحشد ولا تعرف معنى التحيز والتعصب ونبذ الآخر المختلف أو تحقيره وصولا الى العنصرية التي هي الممارسة العملية لكل ما سبق.

يبدو واحدهم وكأنه نسي أن الخلاف او الصراع الاساسي بين المذاهب الاسلامية المختلفة وخاصة بين أهل الشيعة وأهل السنة لم يكن سوى خلاف سياسي في الأصل. فعلى ماذا يختلف المذهبان بالله عليكم؟ هل لكل مذهب نسخته الخاصة للقرآن؟ هل يختلفون على معتقدات جوهرية؟ ام ان الخلاف هو على مبدأ الخلافة نفسه ولمن أحقيتها؟ أي على مبدأ الحق بالسلطة بين تيارين كبيرين اتخذا دائما طابع الخلاف الأسري عامة!

السؤال هنا لماذا ينقلب الصراع في بلادنا من المستوى السياسي الى المستوى الديني او المذهبي والعكس؟ لماذا هذا التبادل في الأدوار؟

ربما يساعدنا دوركهايم على فهم هذه التبادلات. يكتب في كتابه عن الاديان ما يلي: " تعطي الحياة الجماعية، بعد ان تصل الى درجة معينة من الكثافة، (ما الذي يكثف الحياة الجماعية اكثر من الصراع السياسي والازمات الناتجة؟) اليقظة للفكر الديني، ذلك لانها تحدد حالة من الغليان التي تغير شروط النشاط النفسي. تحصل اثارة فائضة للطاقات الحيوية، ويصبح الشغف اكثر اشتعالا والاحاسيس اقوى؛ هناك أحاسيس منها لا تنتج الا في هذه اللحظة. لا يعود الانسان يتعرف على نفسه ويصبح وكأنه تحوّل، وبالتالي يحوّل البيئة التي تحيطه".

فعندما يكون المنطق السياسي للصراع أضعف من أن يقلب الموازين لمصلحة أحد المتصارعين وتتكثف الحياة الجماعية وتغلي المشاعر في النفوس يستيقظ الحس الديني وينقلب الصراع الى صراع ديني ومذهبي. كما أن اللجوء الى الدين او الحق الإلهي يعطي الشرعية والأحقية ويطبع الامور بطابع منزّه ومقدس يبعدها عن المفاهيم السلبية الملتصقة بكل ما هو سياسي والمرادف عامة للفساد وللانتهازية و... و...
ولمن يستغرب انقلاب الصراع السياسي في لبنان الى صراع مذهبي، نذكر بالوقائع القريبة التالية:

"حزب الله" حزب ديني، ويدين بالعقيدة الشيعية، وخاصة التي تعتمد فهماً خاصاً للتشيع عبر مفهوم ولاية الفقيه. وهو حزب جاهر بذلك في كتاباته السابقة ويجاهر بها الآن. كما انهم لم يكونوا يخفون هدفهم في الوصول الى مجتمع الدولة الاسلامية في بدايات عملهم في لبنان. كما يقوم الحزب بكل الشعائر التي يستتبعها هذا الانتماء، ويجمع اتباعه ويؤلف بينهم على أساس هذا الانتماء المجبول بالولاء أولاً وأخيراً. ويتجلى هذا الامر في جميع احتفالاته وشعائره واجتماعاته وهو يفاخر بذلك ويشجع المنتمين اليه على هذا الانتماء/ الولاء وعلى هذا التوجه: من الشعارات الى الالوان والطقوس والعادات الاجتماعية المستعادة وحتى اللغة. ويتم التوجه الى الموالين للحزب كفئة متجانسة، ملتحمة، متميزة، ومتعالية لتمتعها بالفضائل التي تميزها عن غيرها. حتى الخطب في معظمها لا تقام الا في المناسبات الدينية وهي تستعيد مفردات الصراع الازلي السياسي - المذهبي منذ مئات السنين فتنبشه وتعيد تكرار المشاهد والرموز وتستعيد الكلمات وتستدر العواطف وتؤججها. ويتم التساؤل بعدها ببراءة: لماذا نشهد هذا الاحتقان المذهبي في لبنان؟

السؤال البديهي والموضوعي: كيف يمكن المواطن الآخر، من مذهب أو دين مختلف ألا يربط بين السياسة والدين عندها؟ وان يستعيد هو ايضا ذلك التاريخ المحمل بألوان الصراع والفتن ويعود بذلك الاحتقان والشقاق هو نفسه؟ هل "حزب الله" حزب سياسي فقط؟ ام انه حزب سياسي ديني؟ لماذا الاستغراب عندما يختلط السياسي بالديني عند قراءة الآخرين، خاصة المذهب المنافس تقليديا، لتحركاته ومطالبه؟

لماذا يستغرب الحزب وممثلوه ان يتحفز الشارع السني وأن يشعر نفسه مستهدفا عندما يحتل هذا الحزب (مع شركاء له) الساحات المواجهة للسراي مطالبا برحيل ممثل السنة في الحكومة والذي يحظى بدعم - لنقل نصف اللبنانيين فقط! - بينما يحتكر الحزب تمثيل طائفته ويمنع التكلم باسمها من قبل غيره وحلفائه؟ ثم ألم تكن الانتخابات الاخيرة هي المؤسس بشكل ممتاز لكل هذا الانقسام الحاصل اليوم؟ ألم تؤسس للخوف ولانحسار الطمأنينة ولشيوع الارتياب من الآخر، بحيث اعتبرت كل طائفة نفسها مهدّدة من قبل الآخرين؟ لقد تم حشد الناس بالتحريض الطائفي ووصل الامر بالاطراف المتنازعة على المقاعد الانتخابية الى اعتبار كل طرف نفسه الضمانة الوحيدة لـ"طائفته المهددة".

وهنا لا يمكن إغفال دور السياسيين على مختلف فئاتهم في دفع الظاهرة المتفشية والمتمثلة في مشكلة طغيان التعميم. نتوجه الى الكل وكأنه صخرة صماء لا مكونات فردية فيه، فـ"حزب الله" هو الذي يقرر عن الطائفة الشيعية ككل ويعدّ الحكومة غير ميثاقية لأنها تخل بتمثيل نفس هذه الطائفة الشيعية المصادرة - جزئيا على الأقل، خوفا وقمعا وتخجيلا ومنعاً سافراً - ويريد المشاركة الحقيقية في الحكومة من طريق الثلث المعطل. والسؤال هنا ماذا عن مشاركة سائر الاطراف في الطائفة الشيعية نفسها في القرار وفي الحكم؟ ماذا عن الذين لا يشاركون الحزب وحركة أمل في الرأي ولا يقبلون بهما كمتحدثين حصريين باسم هذه الطائفة؟ كيف يمكن تعطيل البلد من اجل المشاركة على صعيد الوطن فيما تتم مصادرة أي مشاركة على صعيد تمثيل هذا الطرف الطائفي أو ذاك؟

هذا الطرف الذي يجاهر في الوقت نفسه بديموقراطيته وفي انه لا يعبر عن رأي طائفة بل عن رأي فئات منوعة؟
ليس الحزب وحده المسؤول عن هذه الظاهرة، فالآخرون يساهمون فيها عن قصد او غير قصد وعلى درجات عندما يتوجهون الى الشيعة خاصة (او أي جماعة أخرى) كجماعة واحدة كـ"بلوك" متجانس لا تمايز فيه وفي هذا من التعسف ما فيه. لكن آثاره تتجاوز التعسف لانها تعطي الذريعة للمزيد من تماسك الجماعات. ان اعتراف الآخرين بمثل هذا الانتماء يشكل أفضل هدية اخلاقية واجتماعية تزيد من تماسك هذا النسيج الاجتماعي، واذا كان في الانتماء الى جماعة نوع من تخلٍ عن قدر من الحرية فان ذلك يعوض عنه باثبات الذات في شكلها الجماعي أي اثبات الهوية الجماعية لهذا الانتماء والتعصب. ومن هنا فإن النسيج اللبناني بمجمله يتحمل وزر ما هو حاصل الان من تحيّز وتمييز.

لا يفسر الاصطفافات المذهبية والطائفية الحاصلة في لبنان سوى فهم لوبون لسيكولوجيا الحشود: يتجمع الحشد على مستوى الطائفة او المذهب متناسين اختلافاتهم وهمومهم المهنية وجنسهم. يتجمعون في ظروف محددة فتنطمس الشخصية الواعية لدى الفرد منهم وتتشكل روح جماعية تهيمن عبرها الشخصية اللاواعية والتوجه الاجتماعي ضمن الخط نفسه بواسطة التحريض.

ويصبح سلوك الفرد آلياً في الغالب الأعم، فتنعدم لديه الروح النقدية والرأي الشخصي وينزلق الى المبالغة في المشاعر. واشار لوبون في معرض تفسيره لهذه الظاهرة الى أن اهمية الاندماج في مجموعة يكمن في جعل الجهلة يحررون من الاحساس بدونيتهم وعدم كفاءتهم وعجزهم ويصبحون مجيشين بقوة هائلة، يصبحون أقوى واصحاب غلبة.

يستمدون هذه القوة من اتّباعهم لقائد ملهم، يتبعون الآراء التي يعتمدها؛ فالجماعة تمتلك القدرة الهائلة على احتواء الفرد لكنها ايضاً تستطيع خنق الهوية الفردية بشكل لا يتصوره احد. وهي تستطيع الوصول الى السلطة المطلقة بمجرد ان تغذي الافراد بالأوهام. ان الجماهير بشكل عام عبارة عن افراد متعطشين الى رموز يعلقون عليها آمالهم، ويضاف الى دور القائد البطل كون ظهوره بمثابة استجابة لهذه الحاجة الملحة. ويتجلى سلوك الأفراد حينئذٍ بالاتكالية والتعلق، والحاجة الى الخضوع لتجنب الألم وتجنب قلق المسؤولية وحملها. ويبدو هذا القائد جاهزاً لتحمّل كل مسؤولية عنهم بسبب ما يتمتع به من قوى خارقة. كما ان أهم ما يحصل على مستوى الافراد في الجماعات وحشودها هو التفريغ بحيث يصبح جميع الافراد جزءاً من الحشد ويتخلصون عبره من اختلافهم فيشعرون انفسهم متساوين وتختفي المسافات بينهم. ومن هنا وهم محاكاة الاسلوب الديموقراطي: المساواة. لكنها مساواة منقوصة لانها ضمن فئة واحدة فقط وتعتمد التشابه ولو بالقوة وليس قبول الاختلاف واحترام الرأي الآخر المغاير.

يسهل في ظل هذا الوضع أن يسود التحيز والتنميط والتمييز العنصري، مكونات اللاتسامح الثلاثة المرتبطة، لكن المتمايزة. والتحيز هو حرفيا "الحكم المسبق" او ما نصدقه حول شيء او شخص مرتكزين على افتراض واعتقاد اكثر من الارتكاز على تجربة حالية. ان التحيز قد يكون ضد شيء ما او معه. لكن في الاستخدام الشائع يرجح النفور من مجموعة خاصة بكاملها او لجزء منها، كجماعة عرقية او اتنية او مذهبية دينية او في ما يتعلق بالجندر او فئة عمر. لقد عرّف التحيّز من قبل السوسيولوجيين كنفور مرتكز على تعميم خاطئ وجامد. التحيز هو موقف وليس مجرد سلوك. وللتأكد من ذلك ليس عليكم سوى الاستماع الى أحاديث أطفالكم (أطفال الغير) وانصتوا الى اللغة التي يتحدثون بها والتي كانت غريبة عليكم في طفولتكم! اللغة التي تعود الى الجذور التاريخية للصراع والى الصور الأثرية التي يكونها كل فريق عن الآخر والتي استعيدت وانتعشت كافضل ما يكون. انهم مرآتكم التي تعجزون عن رؤية انفسكم من دونها.

انه التنميط الذي يمكن تعريفه ببساطة كـ"تعميم جامد". التنميط الذي يسود حياتنا وهو تنسيب بعض المميزات للاشخاص ببساطة على قاعدة انتمائهم لمجموعة ما. التنميط هو تبسيط مبالغ وجامد لصور ذهنية، قد تحتوي على بذرة من الحقيقة تحمّل بتعميمات خاطئة بنيت حولها. وأحد الاشياء المثيرة للاهتمام حول التنميط ان الناس يظلون يصدقونها حتى بعد ان تقدم لهم ادلة غير قابلة للرفض حولها. وغالبا ما يقلل الناس من ملاحظاتهم الشخصية، يشككون بها كما تفترض "توقعاتهم من القاعدة". انهم يتبعون الجماعة، لذا يمكن للتنميطات ان تكون ثابتة بتطرف. التمييز العنصري، بعكس التحيز، يحيل الى سلوك: انكار الحقوق الاساسية و/ أو الفرص لاعضاء بعض المجموعات على قاعدة متغيرات واسعة مثل: العرق والعمر والجندر والدين/ المذهب او الاعاقة.

الا نجد في هذه التوصيفات ملخصاً لتاريخنا المذهبي والسياسي؟ تاريخنا العنصري تجاه مختلف الأقليات والاتنيات وتعبيراتها الثقافية في منطقتنا؟

ومن أمثلتنا المحدثة ما أورده السيد هنية في خطابه يوم 6/10/2006، عندما أراد أن يدافع عن القوة التنفيذية التي شكلتها "حركة حماس" لتحل محل القوى الأمنية الفلسطينية المشكلة بقرار منبثق عن اتفاق أوسلو، فحاول أن ينفي عن هذه القوة صفة "العصابات" أو "المليشيات"، فقال إنها ليست عصابات كـ"البيشمركة" الكردية. وكتب مهند صلاحات تحت عنوان "من يعتذر من الشعب الكردي" ما يلي: "وعلى الرغم من أن البيشمركة الكردية لا تمثل كل الشعب الكردي، إلا أن الوحيد المخول بتوصيف هذه الحركة هم الأكراد أنفسهم (لاحظوا التحيز أيضاً). ولا يجوز التمادي من قبل من يعتبر نفسه ممثلاً لشعب فلسطيني يعاني كما يعاني الشعب الكردي من التشتيت والمذابح، فالأكراد ليسوا عصابات، وهم شعب أصيل متجذر كان له دولة تاريخية أصيلة، تمتد لأكثر من مئات السنين في هذه الأرض...". وهذا صحيح لكن ما رأيكم بهذه

العنصريات المتبادلة؟ نقوم بها كل يوم، دون أن ننتبه او أن يرف لنا جفن؟
كما ان الموقف المتنامي ضد الايرانيين والسياسة الايرانية ايضا باللجوء الى الموقف العنصري من العجم والفرس والمجوس وما شابه من النعوت التي هي ايضا تستقي من التاريخ الدامي والعنصري السحيق لكي تستعيد صراعات اثرية ونأمل الا تكون أزلية. وكما نعلم فإيران ليست مكونة من فرس فقط بل من اتنيات عدة مختلطة بما فيها العرب!!! هذا ناهيك عن رأي الفرس والايرانيين بالعاربة وكل ما يتبع من تحيز متبادل بين جميع هذه الاتنيات، عاينت بعضها شخصيا.

هذا نموذج عن ممارسات سياسيينا الذين يستغربون في ما بعد الصراع والصدام بين مكونات شعوبنا المتعددة. رحم الله صدام على كل حال، أليس هو القائل "عرب، أكراد، كلنا عرب"!! هل فكرنا في ما يعنيه ذلك؟ رفض الآخر باختلافه؟ وعدم الاعتراف به كمختلف؟ بل الحاقه بالقوة بالعنصر المهيمن؟
ونشكو من أن الاميركيين واسرائيل يزرعون الفتنة في ما بيننا؟ ونجعلهم على كل شيء قادرين!!

تعترض الحركات النسوية على تحيّز اللغة، ففي اللغة العربية تستعمل صيغة المذكر عند وجود ذكر واحد مقابل مئات النساء. يتم التوجه عندها وكأن الحشد كله ذكور. وجه الاعتراض ان ذلك يلغي وجود النساء ويغلب الوجود الذكوري، فكيف يمكن ان نجمل الكل من أجل واحد فقط ونبرز وجود هذا العنصر الوحيد؟ ونتصرف وكأن النساء غير موجودات؟ ولكن في المقابل ولأن اللغة متحيزة ضد المرأة يحافظ هذا الفعل على خصوصية الذكر ويمنع امّحاء هويته عند وجود النساء!! الحل إما استخدام صيغة محايدة او استخدام ما يظهر وجود تمايز جندري.
في المقابل نشمل الطوائف والجماعات في وعاء واحد مضبوط متجانس لا يفلت منه أي فرد ولا نهتم لوجوده أصلاً، فنقول يرى الشيعة كذا ويريد الشيعة هذا الأمر، أوالمسيحيون الانعزاليون أو الأكراد أو سنة العراق وهكذا دواليك. ونلغي بذلك أي تمايز وأي خصوصية لأي فرد تجاه جماعته. فهل يعقل ان يكون لطائفة رأي معين من موضوع ما؟ لأتباع دين؟ لعرق معين أو إتنية؟؟ أليس هذا مكمن التحيز؟ ولماذا تحافظ اللغة العربية على تمايز ذكر فرد وتلغي خصوصية أفراد عديدين يصعب إحصاؤهم؟ لماذا يعبر عنهم موقف فئة معينة ومهما كان عديد هذه الفئة او عدتها؟؟ هذا هو التحيز والتمييز الذي ينعكس ممارسة ما نسميه بوضوح التمييز العنصري.
انهما وجهان لتحيز واحد ولتمييز عنصري بالمعنى العصري للتمييز والتحيز؛ فأن نلغي المجموع من اجل فرد والعكس اي نلغي الافراد من اجل المجموعات هما وجها التحيز والتعصب والعنصرية.

ربما على "حزب الله" الاختيار بين السياسة والدين؟ بين ولاية الفقيه والمواطنية اللبنانية وكل ما ينتج عنها؟

لكن هذه الممارسات ليست قدرا لا راد له، سبق ان عانت اوروبا من صراعات اكثر دموية وتخطت مشاكلها عندما اعتمدت القانون مرجعا وحيدا للعلاقات بين الناس كمواطنين متساوين، وعندما فصلت بين الدين والدولة وعندما نمّت الانسان وحسّنت ظروفه على جميع الصعد، الرمزي منها والاجتماعي والاقتصادي، وأعطته تربية متوازنة ومنسجمة مع أهداف المواطنية. لم يعد يكفي ان نقول ان زرع دولة اسرائيل سبب في الكثير من المآسي ومنها العنصرية (ولو انه صحيح)، أو ان نقول ان أميركا تزرع الفتنة بيننا، الشيطان سواء جعلناه اميركا او اسرائيل يغوينا ويراودنا عن انفسنا قبل ان ينقضّ علينا فلماذ نجعل انفسنا ضعافا امام إغواءاته؟

علينا تخطي واقعنا وتحسينه ولنستمع الى النصائح اليابانية انها مجانية لكنها يمكن ان تحمل لنا افضل الحلول التي لن تقدر بمال. كما أن "حزب الله" لا يستطيع الجمع بين الديني والسياسي والتنقل بينهما بحسب ارادته ومنع الاخرين من اجابته بالمثل؛ ويصرّ على الخروج بريئا من دم هذا الصدّيق.

مصادر
النهار (لبنان)