على الرغم من أن غالبية الإسرائيليين يشعرون أنهم كسبوا حربا للبقاء عام 1967 إلا أن الجدل مازال مستمرا على مدى 40 عاما حول سياسة مثيرة للجدل لبناء مستوطنات يهودية على أراضي الضفة الغربية، ويطمح الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة على ترابها.

وخفتت المناقشات الداخلية الصاخبة في إسرائيل حول القضية الفلسطينية خلال الست سنوات الماضية مع وصول حركة «حماس»إلى السلطة العام الماضي، بسبب رفض «حماس» الاعتراف بإسرائيل. لكن التساؤلات القديمة تطفو على السطح مجددا ومعها مجموعة من الصور الفوتوغرافية للقوات الإسرائيلية وهي تستولي على القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة التي تعيد إلى الأذهان واقعا بأن الصراع الفلسطيني لم يحسم.

ومع احتفال الإسرائيليين بذكرى حرب 1967 هذا الأسبوع نزل الإسرائيليون اليساريون إلى الشوارع احتجاجا على استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وفي المقابل ينظم المستوطنون اليهود مظاهراتهم ويحاولون استغلال اللحظة المواتية لإقناع إسرائيل بالتشبث بأراضي الضفة الغربية «مهد التوراة».

وتكشف استطلاعات الرأي أن إسرائيل منقسمة تماما حول ما تسمى بحرب الأيام الستة بين من يفتخر بالنصر وبين شعور متنام بعدم الارتياح من الانتقاد العالمي المتصاعد لاستمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.

وقال آفي ديجاني وهو خبير استطلاعات رأي إن استطلاعا نشر هذا الأسبوع وجد أن 63 % من الإسرائيليين من مختلف أطياف التوجهات السياسية يعتقدون أن الحرب كانت «انجازا كبيرا».

ويقول ديجاني «إنه رغم ذلك فإن أكثر من النصف وبالتحديد 53 في المئة يشعرون أن إسرائيل فقدت بعض منزلتها الأخلاقية، مشيرين إلى تحفظات الرأي العام على عقود تالية من الحكم العسكري الإسرائيلي لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة».

وقال ايلان جيلون وهو سياسي يساري خلال مناظرة تلفزيونية بمنسبة ذكرى الحرب، «إن إسرائيل خسرت شبابها وهي في التاسعة عشرة من عمرها»، في إشارة إلى 19 عاما من احتلال فلسطين التاريخية عام 1948. وانتقد سنوات الحكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية.

ومن الناحية الأخلاقية يقول جيلون عن إسرائيل عن حرب 1948«هذا النصر هو نفسه كان أنشودة الموت.. الانجاز الأخير وبعدها بدأنا نغرق طوال 40 عاما». ويقول اليسار الإسرائيلي إن استمرار التوسع الإسرائيلي في بناء مستوطنات يهودية على الأراضي المحتلة يشكل عقبة أمام جهود إحياء محادثات السلام التي جمدت طويلا مع الفلسطينيين.

ويرى رون بونداك وهو مفاوض شارك في إبرام اتفاق السلام المؤقت مع الفلسطينيين عام 1993 أن المستوطنين «يغامرون بوجودنا» أي بوجود إسرائيل. ويضيف بونداك أن الافتقار إلى تسوية سلمية «سيؤدي الى تدمير الصهيونية»لان الفلسطينيين سيصبحون عاجلا أم أجلا أغلبية في إسرائيل.

ويتهم المستوطنون ويقدر عددهم الآن بنحو 230 ألفا في الضفة الغربية إسرائيل بأنها فقدت الإصرار على الاحتفاظ بالأراضي التي يرون فيها حقا توراتيا ويقولون إنها أبطأت نمو المستوطنات في السنوات الأخيرة. وقال بيني كتسوفر وهو مؤسس حركة استيطانية «من لا يفهم أن هذه ليست مجرد أراض بل قلب الوطن لديه خطأ ما في عقيدته اليهودية».

وتفجر الجدل بكل أبعاده بقوة هذا الأسبوع في بلدة الخليل بالضفة الغربية حيث نظمت حركة «السلام الآن» المناهضة للاستيطان احتجاجا قرب جيب يهودي صغير ظل مصدر توترات طوال عقود في المنطقة التي تقطنها غالبية فلسطينية.

وقارن إسرائيلي يميني في الخليل المحتجين الداعين للسلام بالنازيين الذين قتلوا على حد قوله ستة ملايين يهودي في الحرب العالمية الثانية في أوروبا. وقال تسافرير رينات للمحتجين الداعين للسلام «انتم جئتم لتدمروا وجودنا في إسرائيل.

انتم تريدون هذه المنطقة بلا يهود» مستخدما العبارة الألمانية التي استخدمها النازيون «تخلصوا من اليهود». وفي المقابل، وقف المتظاهرون الإسرائيليون الداعون إلى السلام يرددون أغنية جون لينون الشهيرة «اعطوا السلام فرصة» بينما احتشد المستوطنون محاولين أن يغرقوا بصيحاتهم الغاضبة كلمات الأغنية الداعية للسلام.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)