بدأت الحياة تعود تدريجيا إلى طبيعتها في قطاع غزة ولو بحذر شديد غداة تمكن حركة حماس من فرض سيطرتها على القطاع، وتجلت بوضوح ظاهرة الانشطار بين القطاع والضفة الغربية، حيث وضع الرئيس محمود عباس اللمسات الأخيرة لحكومة الطوارئ، فيما أمر رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بتشكيل مجلس أعلى للشرطة في القطاع، في حين امتنع أفراد الشرطة عن العودة إلى أماكن عملهم تنفيذا لأوامر قائدهم في رام الله. وفتحت المحال التجارية أبوابها وعادت حركة السير إلى شوارع مدينة غزة وتهافت السكان لشراء وتخزين المواد الغذائية والبترولية خوفا من انقطاعها بعد قيام الجيش “الإسرائيلي” بإغلاق المعابر الرئيسية في القطاع. وطلبت حماس من التجار “عدم تخزين المواد الغذائية او رفع أسعارها أو احتكار المواد. كما دعت المواطنين إلى “عدم التهافت على المواد الغذائية”.

واصدر رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية أمس قرارا بتشكيل مجلس أعلى للشرطة في القطاع. وقال خالد أبو هلال الناطق باسم وزير الداخلية إن هنية الذي يتولى حقيبة الداخلية بالوكالة في الحكومة التي أقالها الرئيس محمود عباس، “اصدر تعليمات لتشكيل مجلس أعلى للشرطة في غزة برئاسة توفيق جبر”. وأضاف أبو هلال الذي كان يتلو بيانا أن القرار ينص “على ان يتم تشكيل مجلس أعلى للقيادة من قبل قائد الشرطة في القطاع، وان تتحدد مهام المجلس في تسيير عمل إدارات الشرطة بجميع أقسامها وإصدار القرارات والتعليمات بهذا الخصوص”.

وطالب القرار “جميع ضباط وأفراد الشرطة الالتزام بالدوام الرسمي (..) والتوجه إلى أعمالهم والالتزام بمقارهم وتنفيذ كافة القرارات والأوامر والقرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للشرطة حرصا على المصلحة العامة والنظام العام”، لافتا إلى أن “كل من يخالف ذلك سيتم ترقين قيده (أي فصله من الخدمة) واستبداله”. لكن أبو هلال دعا أفراد الشرطة للعودة الى أماكن عملهم قائلا “ان التعليمات صدرت إلى كافة منتسبي الشرطة الفلسطينية من أجل العودة فورا للعمل في مواقعهم”.

من جهته، اصدر العميد الركن كمال الشيخ مدير عام الشرطة الفلسطينية قرارا لكافة العاملين في جهاز الشرطة في القطاع بالتوقف عن الدوام وعدم التعامل مع وزارة الداخلية والحكومة المقالة.

وقال أبو خليل وهو رائد في الشرطة في غزة “تنفيذا لقرار قائد الشرطة لن أعود إلى عملي في الشرطة وخاصة في ظل هذا الوضع السيئ وفي ظل حكم حماس مهما كلفني الأمر حتى ولو مت من الجوع أنا وأولادي”. وقال زكي أحد ضباط الأمن الوقائي “حماس تقوم بحملة تطهير ضد أفراد الأمن الوقائي وهي عمليات انتقامية وثأرية نتيجة الحقد الدفين الذي يترجم بحملة مداهمات لبيوت ضباط وعناصر الأمن الوقائي لتسليم سلاحهم”.

ووجه أبو هلال “تحذيرا رسميا من وزارة الداخلية يطالب فيه بوقف ظاهرة اقتحام منازل الفلسطينيين والاعتداء والعبث بالممتلكات العامة والخاصة حيث إنه سيتم ومنذ (اليوم الأحد) منع ظاهرة اللثام”. وجاء قرار منع اللثام بعد قيام ملثمين حسب ما أفاد شهود باقتحام منازل مواطنين بحجة انتمائهم إلى فتح وسرقة هذه المنازل ومصادرة أسلحة منها.

وقال ابو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام في تصريح صحافي “حصلت أخيرا أمور لا يقبلها المنطق مثل قيام مسلحين ملثمين بالادعاء انهم من كتائب القسام وقاموا باقتحام البيوت ومطالبة سكانها بتسليم الأسلحة وهذا الأمر تمت معالجته”. وأضاف “من يريد ان يسلم سلاحه فليسلمه لقادة كتائب القسام”.

وقال قيادي من فتح في غزة ل “الخليج” إن عمليات تصفية تتم لعناصر فتح ومداهمات لمنازلهم في القطاع. وأضاف أن حماس اقتحمت منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات ونهبت محتوياته الأمر الذي نفته حماس مؤكدة أن كتائب القسام تحيط بالمنزل وتمنع أي شخص من الاقتراب منه.

على صعيد آخر قالت الكتائب إنها ضبطت وثائق تدين جهاز الأمن الوقائي في عمليات اغتيال ضد مجاهدين. وأوضحت الكتائب في بيان انها ضبطت مستندات خطيرة للغاية داخل مقر الوقائي في تل الهوى غرب غزة، وأنها ستنشر المعلومات والتفاصيل في الوقت المناسب. وأفادت مصادر طبية فلسطينية ان ناشطين من فتح قتلا برصاص مسلحين أحدهما في رفح في جنوب القطاع وآخر في دير البلح في وسط القطاع.

وفي رام الله عكف الرئيس محمود عباس على وضع اللمسات الأخيرة على الحكومة الجديدة المكلفة تطبيق حالة الطوارئ. وأعلن رئيس الوزراء المكلف سلام فياض انه سيعلن تشكيلة الحكومة قبل ظهر اليوم، الأحد، على ابعد تقدير.

وقال فياض للصحافيين في ختام لقاء مع عباس في رام الله ان “الحكومة ستعلن على ابعد تقدير الأحد قبل الظهر”. وقال أحد المقربين من فياض لفرانس برس ان الحكومة الجديدة ستضم “عشرة وزراء لا ينتمون لا لفتح ولا لحماس، ستة من الضفة وأربعة من قطاع”.