بعد مرور عام على تعرضه لانتكاسات مفاجئة ضد مقاتلي حزب الله، بدأ الجيش، “الإسرائيلي”، الاستعداد مرة أخرى لحرب تقليدية كبيرة. ويتدرب عشرات آلاف المجندين والاحتياط بقوة لم تشهدها “إسرائيل” منذ عقود، معتمدين على وفرة من أموال الطوارئ المقدمة من حكومة تتحدث علانية عن صراعات جديدة محتملة ضد عدوتيها اللدودتين سوريا وإيران.

وقال اللفتنانت جنرال جابي اشكينازي الذي تولى قيادة الجيش في فبراير/ شباط الماضي بأوامر بضرورة التشديد على جنود ينظر إليهم على أنهم فقدوا الروح المعنوية والقدرة على التهديد، أي جيش له وظيفتان، هما شن حرب أو الإعداد لحرب.

ويقول قادة ومحللون إن قليلين فقط يشكون في أن “إسرائيل” لا تزال تحتفظ بأعتى آلة حربية في الشرق الأوسط، لكن تجربتها الفاشلة ضد حزب الله تسلط الضوء على تحديات خاصة لاشكينازي الذي يتحتم عليه أن يجري تغييرا جذريا في الرتب العالية في الجيش، والتي اعتادت على تحقيق مكاسب سهلة ضد المقاومين الفلسطينيين، ونسوا كيفية الإعداد لشن هجمات برية وبحرية وجوية شاملة على أعداء أشد بأسا.

وهناك جهود أيضا للتخلص من مبدأ ظهر حديثا بأن التكنولوجيا المتقدمة، ل “إسرائيل”، تستطيع تحقيق الانتصار عن بعد من دون توغل الدبابات أو القوات في عمق الأراضي.

وقال المؤرخ العسكري، “الإسرائيلي”، مارتن فان كريفلد، ليست لدى إشكينازي أوهام، أي جيش لا تقاس قدرته بنوع العرض الذي يمكنه تقديمه، وإنما بتدريب أفراده.

واستغل حزب الله افتقار،”إسرائيل”، للاستعداد التكتيكي في أثناء حرب لبنان التي استمرت 34 يوما، وحول قادة كوماندوز، “إسرائيليون”، يطبقون أسلوبا مستخدما في الضفة الغربية وقطاع غزة منازل لبنانية مهجورة إلى مواقع قيادة لتلحق بهم خسائر بشرية خطيرة حين أطلق حزب الله الصواريخ لتخترق الجدران. ولم يكن الجنود “الإسرائيليون” في منجاة في مدرعاتهم، ودمرت دبابات عديدة في مواقع مراقبة بيد فرق من حزب الله تستخدم صواريخ غير متاحة للفلسطينيين. وفي إحدى المرات دهست دبابة جنديين وقتلتهما في حادث يؤكد افتقاد القوات “الإسرائيلية” للتنسيق تحت النيران.

وقال نسيم هوري الليفتنانت كولونيل في الاحتياط والذي حارب في لبنان وتدرب من أجل سيناريوهات سورية، كان التغلب على الفلسطينيين حربا بسيطة، هذا ليس عدوا لديه أي شيء مثل جيوشنا أو أنظمة الدعم لدينا، وما حدث في لبنان وما يمكننا توقع أن يحدث ضد سوريا أشبه بحرب جادة يدفع فيها كل جانب بقوات مسلحة مركبة ضد الآخر، ويعني ذلك تحولا ب 180 درجة في استعداداتنا،. وقتل 117 جنديا “إسرائيليا” و41 مدنيا في أثناء الحرب مع حزب الله، ويشغل “إسرائيل” منذ انتهاء الحرب الحفاظ على القدرة على كسب حروب، غير متكافئة، بصورة حاسمة، بما يكفي لتجنب خسائر كبيرة بدرجة تقلص التأييد للجيش، وبما يجعل القيادة أيضا في موقف يسمح بإملاء شروط الهدنة.

وفي تدريبات استمرت أحيانا أسابيع على مرتفعات الجولان المحتلة أو في قواعد في صحراء النقب، تدربت وحدات من الجيش يصل حجم كل منها إلى فرقة على اجتياح مواقع وقرى للعدو، اعتمادا على أسلوب المناورات الخاطفة الذي استخدمته “إسرائيل” في حروب سابقة ضد جيوش عربية نظامية.

وتبدو الحاجة إلى كسب سريع في أي حرب مستقبلية أمرا ملحا بصورة خاصة بالنسبة للمخططين الاستراتيجيين “الإسرائيليين” بالنظر إلى سهولة استهداف “إسرائيل” بصواريخ أرض أرض، وهي وسيلة استغلها حزب الله وأيضا المقاومون الفلسطينيون في غزة، وإن كان بدرجة أقل.

وكتبت، يديعوت أحرونوت، وهي أكثر الصحف “الإسرائيلية”، مبيعا أن 3،3 مليون “إسرائيلي”، لا تتوافر لهم ملاجئ ضد القنابل، على الرغم من الاستعدادات الجارية على الجبهة الداخلية منذ أطلق العراق عشرات من صواريخ سكود في أثناء حرب الخليج في 1991.

وكتب إليكس فيشمان في الصحيفة، في سيناريوهات الحرب التي تم تحديثها، يضع الجيش بالفعل في اعتباره مواقف يبحث فيها أفراد الاحتياط ما يفعلون: التوجه إلى مرتفعات الجولان أم اصطحاب العائلة إلى الأمان، وأضاف، في أفضل الحالات، ستكون لدى، “إسرائيل”، أنظمة أسلحة قابلة للاستخدام ضد الصواريخ، ربما في ثلاث أو أربع سنوات،.

والمفارقة أن استعداد “إسرائيل” لحرب ضد سوريا يأتي في حين يتحدث الجانبان عن استئناف محتمل لمحادثات السلام المجمدة منذ العام ،2000 بسبب طلب دمشق إعادة الجولان. وقال نائب وزير الحرب ماتان فيلناي للإذاعة “الإسرائيلية”، لا شك أننا يجب أن نفحص تلك المفاتحات السورية، لكن فقط من موقع قوة. وأضاف، يجب أن نعمل وفق مبدأ أن من يبحث عن السلام يجب أن يعد نفسه للحرب، نحن نعود إلى الأساسيات، إلى الصيغ التي عملت لصالحنا في الماضي.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)