سنة على حرب لبنان الثانية ، لم يكن هناك أي مدعاة للاحتفال. فهي الحرب الوحيدة المذكورة كفشل ، وكانت الحرب الوحيدة التي ضرب فيها العدو عمق الجبهة الداخلية. والوحيدة التي كانت نهايتها معروفة مسبقا لأنها الوحيدة التي انطلقنا اليها ونحن غير مستعدين. والاخطر من كل ذلك ، انها كانت الوحيدة التي قللت من القوة العسكرية لاسرائيل في نظر جيرانها والعالم.
ورغم ذلك ، ورغم الثمن الباهظ الذي دفعناه ، من حظنا أن الحرب كانت قبل سنة وليس بعد ثلاث او خمس سنوات. وذلك لان الله وحده يعرف اين ، وكيف وحيال من كانت إسرائيل ستقف في الحرب القادمة. بحجم غرور رئيس الوزراء ايهود اولمرت ، ووزير الجيش عمير بيرتس ورئيس الاركان دان حلوتس كان "الدرس" الذي سنلقنه لحزب الله في الحرب ، هكذا كانت ذلة الفشل. ليس الفهم بانه يمكن انهاء العملية بسلاح الجو وحده اخطأ حلوتس. فقد اخطأ حتى في قراره بيع اسهمه قبل بضع ساعات من الحرب. والدليل هو أنه بعد يومين من بداية الحرب بدأت البورصة ترتفع.
اخطأ في الحرب واخطأ في الاستثمار. باطلاق 4 الاف قذيفة صاروخية حتى الدقيقة الاخيرة قبل وقف اطلاق النار فاجأنا حزب الله. حظنا ، ان 800 منها فقط اصابت مناطق مأهولة. في حروب المستقبل ستكون الجبهة الداخلية جزءا لا يتجزأ من الحرب.
الكاتيوشا والزلزال سيعتبران لعبة أطفال في المواجهة القادمة. الافتراض بان الجيش مستعد في كل لحظة لعملية شاملة حين تقرر القيادة السياسية الحرب ، تبدد بين ليلة وضحاها. القيادة كانت مهترئة ، على حد تعبير دافيد غروسمان. وكذا تفكيرها بالنسبة لشن الحرب الشاملة في غضون بضع ساعات. الجيش لم يوفر وما كان بوسعه أن يوفر البضاعة على المستوى الاكثر أساسا.
الانشغال المتفرد في منع الارهاب شوش فكرة المهام لدى الجيش الاسرائيلي. التجربة الاساس للجيش اكتسبت بالتدريبات ، وليس في مهمات حفظ النظام في الضفة والقطاع. ولكن على مدى السنين لم يتدرب الجيش الاسرائيلي حقا. وانطلق الى الحرب قادة كتائب وألوية لم يسبق لهم أن استخدموا وحداتهم. والمعدات الخفيفة والثقيلة على حد سواء كانت صدئة إذ منذ زمن بعيد لم تستخدم.
الحظ كان معنا ، حين تلقينا ضربة على أطراف الاصابع في الوقت الذي لم يكن هناك خطر وجودي على الدولة ولم يلحق ضرر لا يمكن اصلاحه. في الماضي دارت حروب حيال جيوش عربية نظامية أو شبه نظامية بعيدا عن الجبهة الداخلية. في الحرب القادمة ستتعرض كل اراضي اسرائيل للهجوم بالصواريخ وبالقاذفات الصاروخية والجبهة الداخلية ستكون الجبهة الاساس.
واذا كنا رأينا في الماضي العدو وكان بوسعنا أن نستعد له ، فاليوم يدور الحديث عن عدو تعلم كيف يختفي في الارض ويتناثر في قوات صغيرة ، مزودة بالصواريخ بكميات تجعل هجماتهم نوعية. وكل ذلك دون التطرق لخطر استئناف الارهاب والعبوات الناسفة والعمليات الانتحارية في قلب البلاد.
في ضوء دروس الحرب ، التهديدات من سوريا والتحول النووي لايران ، يطرح السؤال ، ليس فقط لأي سيناريو عسكري نستعد بل كيف تستعد القيادة السياسية لاتخاذ قرارات الحياة والموت. ليس من لديه سلاح حديث وأكثر فتكا هو الذي ينتصر ، بل قيادة تفكر على نحو سليم في خطواتها. الوسائل القتالية متطورة اكثر اليوم ، ولكن المفهوم الاساس الذي وضعه دافيد بن غوريون في السنوات الاولى لاسرائيل لا يزال على حاله: نقل الحرب الى ارض العدو وتحقيق حسم سريع. من لم يفهم ذلك حين اتخذ القرار المتعجل بالحرب في لبنان الثانية ، فلينتظر شهر تشرين الاول - حيث سيشرح لهم فينوغراد حجم الفشل ومن المسؤول عنه.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)