واشنطن بوس

مراهنة الولايات المتحدة على عباس لتحقيق السلام في الشرق الأوسط تقابل بالشك.. التقارير الاستخباراتية الأمريكية تبدي شكوكا بقوة عباس وتحذر من صلابة حماس

حذرت عدة تقديرات استخباراتية من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يأمل صناع السياسة الأمريكية بقدرته على إنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط، قد لا يمتلك القوة السياسية الكافية لتحقيق ذلك الهدف، حسب مسؤولين أمريكيين.

كذلك حذرت التقارير من أن خصوم عباس في حركة حماس، الحركة الإسلامية التي حوربت من عباس وإسرائيل والولايات المتحدة، لن يكون من السهل تهميشهمهم.

إن البيت الأبيض يراهن حاليا على أن عباس، بعد حصوله على المساعدات من الغرب والضرائب المحتجزة لدى إسرائيل، يمكنه خلق قطاع مستقر في الضفة الغربية واستعادة محادثات السلام مع إسرائيل، الفكرة التي كررها مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي. فقد قال هادلي لمحطة "أي بي سي" ضمن برنامج "هذا الأسبوع" إن الرئيس بوش سيناقش اليوم على علنيا "ما سنقوم به لمساعدة (عباس) ... ماليا، وبلوماسيا".

إن الحكومة الأمريكية تميل للاستمرار في عزل حكومة حماس في قطاع غزة سياسيا. وقد قام عباس بحل حكومة حماس، المنتخبة ديمقراطيا والتي رفضت الاعتراف بإسرائيل، بعد أن تغلبت على قواته في غزة.

إن اسراتيجية "الضفة الغربية أولا" التي يتبناها البيت الأبيض هي المنطلق الأكثر خطورة في التعامل مع السلطة الفلسطينية منذ قيامها عام 1994. إن الحكومة الأمريكية تدخل في منطقة غير واضحة المعالم لمساعدة عباس على الرغم من أنه وحركته السياسية فتح لا يسيطرون سوى على مساحة صغيرة من أراضي السلطة الفلسطينية.

إن تقديرات التقارير الإستخباراتية خلال الشهر الماضي، منذ سيطرة حماس على قطاع غزة وانفسام السلطة الفلسطينية إلى قسمين، ترى أن موقع عباس حتى في الضفة الغربية. إن شعبية حماس قد تراجعت قليلا بعد الانقسام، إلا أن استطلاعا قام به المركز الفلسطيني لأبحاث لسياسات والاستطلاع بعد أسبوع على الشرخ الفلطسيني بين أن شعبية حماس لا تزال أكبر من شعبية فتح بين أكثر من ربع فلسطينيي الضفة العربية.

استطاعت حماس أن تسيطر على أكبر ثلاثة مدن في الضفة الغربية خلال الانتخابات التي جرب منذ 18 شهرا.

مع وجود القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قد تستطيع فتح التقليل من ا لوجود العسكري لحماس في الضفة الغربية، لكن عباس يواجه صعوبة تحجيم وجودها السياسي، خاصة في الخليل ونابلس، حسب المسؤولين الذين وصفوا التقارير الاستخباراتية بشرط عدم ذكر أسمائهم.

كذلك حذرت التقارير الاستخباراتية من أن الرئيس الفلسطيني لا يسيطر على جميع الفصائل المسلحة، من بينها كتائب شهداء الأقصى، المرتبطة بفتح، وقد لا يكون قادرا على إيقاف جميع العمليات العسكرية. وحسب التقارير، قد يقوم عناصر حماس وغيرها من الفصائل بشن عمليات على إسرائيل من الضفة الغربية لإفشال جهود السلام فيها، وبالتالي قدرة عباس على إقامة دولة دون حماس.

وقال أحد كبار المسؤولين الاستخباراتيين الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه لأن المعلومات سرية "إن فتح تواجه تحديا كبيرا في حكم الضفة الغربية. وإن العمليات العسكرية الإسرائيلية تمثل العامل الأكبر في تقييد نشاطات حماس، أما عباس فلا يمكنه سوى التأثير، وليس التحكم، بكتائب شهداء الأقصى التي تمثل القوة المسيطرة في عدة بلدات".

وتابع المسؤول الاستخباراتي بأن حماس، المعزولة عن العالم في غزة نتيجة الاستراتيجية المدعومة من إسرائيل وحكومة بوش، يمكنها أن تعزز موقعها بين الفلسطينيين. وتحذر التقارير من أن العديد من الفلسطينيين قد يلومون إسرائيل أو أي طرف خارجي على مصاعبهم الاقتصادية، والتي حذر البنك الدولي في تقرير له الأسبوع الماضي من أنها قد تؤدي إلى أضرارا اقتصادية لا يمكن إصاحها.

وبين العديد من الفلسطينين، يطلق على عباس اسم "المتعامل" و"المتعاون مع العدو" لقراره باتخاذ جانب الإسرائيليين والأمريكيين على حساب إخوانه.

وقال مسؤول أمريكي مطلع على سلسلة التقارير "إن التحدي الذي يواجهه عباس كبير جدا. عليه أن يحد من ازدياد الدعم لحماس، وتغيير سمعة الفساد التي تلاحق حكومته وإثبات أنها تستطيع توفير الأمن والفرص الاقتصادية في الضفة الغربية".

وتابع "إن حماس تعمل بجد لمجاراة هذا الأمر وإظهار أنها قادرة على حكم وتمثيل مصالح الشعب الفلسطيني. وفي حال فشل عباس ونجاح حماس، فإن التداعيات ستكون كبيرة على المؤسسات التابعة لعباس والداعمين الخارجيين".

لكن هادلي قال في "هذا الأسبوع" أن بوس يرى "أن هناك فرصة ... لتقديم خيار للفلسطينيين بين العنف والفوضى في ظل حماس في غزة والازدهار سلطة عباس ورئيس الوزراء فياض، لأجل إقامة دولة ديمقراطية فلسطينية".

وقد حذرت الاستخبارات الأمريكية من أن عباس سيواجه صعوبه لتحقيق ما وعد به خلال الأشهر الثماني عشر الماضية وما يريده معظم الفلسطينيين منه داخليا: تنظيف وإعادة بناء فتح عن طريق أجيال أكثر شبابا من السياسيين. كذلك حذر محللون أنه من الصعب لعمية إصلاح واسعة، من قبل حكومة الطوارىء التي تسيطر عليها فتح أو ضمن فتح ذاتها، أن تتحقق في المدى القريب.

خلال السنوات الثلاث تقريبا التي تولى فيها الرئاسة بعد موت ياسر عرفات، لم يستطع عباس إقامة سلطة كافية لإعطاء الأوامر أو القيام بالأفعال. وحسب بروس رايدل، محلل شؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الأمريكية المتقاعد مؤخرا والذي يعمل حاليا في مركز سابان التابع لمعهد بروكينغز، "لا يمتلك عباس الشرعية السياسية التي كانت لعرفات أو (لمؤسس حماس الشيخ أحمد) ياسين".

وعلى الرغم من الصعوبات المالية لحماس، تلاحظ التقارير الاستخباراتية بأن الحركة تريد أن تؤخذ على محمل الجد وأنها تحاول أن تطبق قواعد محلية أكثر يسرا في غزة".

يقول بول بيلار، المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الاستخبارات القومي "من ناحية، إن الاستراتيجية الأولى للضفة الغربية هو جهد جدير بالثناء لاستخراج عصير الليمون من الليمون. لكن يبدو أنها امتداد للاعتقاد الخاطىء بأن جهودا كافية لعزل حماس سيقضى على حماس. حماس لن تذهب. مضيفا "لحماس في غزة فرصة أن تستفيد من التضرر الذي ينال كل واحد، ليس فقط من الفلسطينيين، بل والإسرائيليين أيضا".

ويقول كل من رايدل وبيلار بأنهم يعتقدون أن حكومة بوش لا تصغي بشكل كاف للوسط الاستخباراتي بخصوص الأزمة الفلسطينية.

مع الدعم من المجتمع الدولي، ومن ضمنه إسرائيل، قد يظهر عباس وكأن له اليد الأعلى على المدى القصير، لكن حماس أيضا لها حلفاءها المصممون على نجاتها على المدى الطويل".

كذلك تحذر التقارير من أن آثار عزل غزة على المدى المفتوح قد يسبب مشكلة لعباس أيضا. ويضيف رايدل أنه "سيكون من الصعب لعباس إدارة ظهره لمعاناة 1.2 مليون فلسطيني في غزة ... قد يكون غاضبا على حماس اليوم، لكنه لن يكون في موقع يسمح له بتحمل سياسة تعاقب 1.2 مليون شخص، وكقائد سياسي، لا يمكنه تحمل عقبات ذلك".