لا أستطيع أن أتخيل مشاعري لو أنني كنت أبا لجندي في العراق ، وقرأت لتوي أن البرلمان العراقي قد قرر الذهاب في إجازة في شهر آب ، لأن الطقس حار فعلا في بغداد ، تبعا لما قاله ، توني سنو ، المتحدث باسم البيت الأبيض.
لقد كنت في بغداد في الصيف وهي حارة فعلا. لكن هل تعرفون؟ إنها أشد حرارة بكثير عندما تكون مرتديا زي الجيش الأميركي وتحمل بندقية وحقيبة ظهر ، والعرق يتصبب من رأسك تحت الخوذة الفولاذية وتشعر بالقلق من أن قنبلة يمكن أن تلقى عليك من أي اتجاه. أحد الجنود أبلغني انه فقد ستة باوندات في يوم واحد.
إذن دعونا نصل للنتيجة بصراحة: أعضاء البرلمان العراقي ، على الأقل اولئك الذين لا يقاطعون البرلمان ، سيكونون في اجازة خلال شهر آب ، وهكذا سيستمتعون بالهدوء ، بينما الشباب الأميركيون ، نساء ورجالا ، وجنود الجيش العراقي سيقاتلون في هذا الحر من اجل خلق بيئة امنية يمكن أن يعود إليها السياسيون العراقيون في شهر أيلول ويواصلوا شجارهم بينما بلادهم تحترق.
وإليكم ما أفكر به بهذا الشأن: أعتقد أن في الأمر الكثير من الخداع - بالنسبة لبوش البيت الأبيض ، فإن تبرير ذلك بتقرير عن طقس بغداد يظهر الى أي حد بات رهينة للعراق.
تقول الادارة باستمرار ان زيادة القوات ضرورية ، لكنها غير كافية. هذا صحيح. يجب أن يكون هناك صفقة سياسية. وآخر تقرير عن العراق يظهر أنه لا توجد اي صفقة في المدى المنظور. بالتالي ، أين هي الزيادة في التحرك الدبلوماسي؟ وما الذي ننتظره؟ يوم بارد في أيلول؟ عندما تقرأ في الصحف كل يوم قصص الأميركيين الذاهبين الى العراق في جولتهم الثالثة ، أو حتى الرابعة ، وتفكر ان هذه الادارة لم ترسل ابدا أفضل دبلوماسييها ولو لجولة واحدة حتى الآن - لماذا لم تقم على الإطلاق بأي جولة دبلوماسية ، ولو واحدة ، تتميز بالجدية وتعطي دفعة لحل النزاع ، بدلا من ذلك وضعت كل العبء على الجيش ، وهو أمر مقرف.
أعرف ان وزيرة الخارجية ، كوندوليزا رايس ، ستقوم بواحدة تلك الجولات السريعة - لا تكاد تصل حتى تغادر - في الشرق الأوسط الشهر المقبل ، في محاولة لحشد الدعم لمؤتمر سلام الاسرائيلي - فلسطيني في الخريف القادم. وأنا مؤيد بشدة للمفاوضات العربية الاسرائيلية ، لكن المكان الذي يحتاج حقا لمؤتمر سلام ، وبأسرع ما يمكن ، هو العراق ، وهو ما لن يحدث بجولة دبلوماسية خاطفة.
الرئيس بوش يحيرني ، إذا كان كل إرثك متوقف على العراق ، ماذا الذي يمكن أن تفعله؟ أنا كنت سأطلب افضل مفاوضي الدولة - هنري كيسنجر ، جيم بيكر ، جورج شولتز ، جورج ميتشيل ، دينيس روس او ريتشارد هولبروك - وأطلب من واحد ، او أكثر منهم ، للذهاب الى بغداد بتفويض من الامم المتحدة ، وفقا لما يلي:
اريد منكم ان تتحركوا نحو المنطقة الخضراء وتلتقوا بالفصائل العراقية ولا تعودوا إلا إذا توصلتم لواحدة من ثلاث نتائج :
1 ـ حل قضية السلطة وتقاسم عوائد النفط التي تعرقل المصالحة السياسية.
2 ـ أو التوصل إلى نتيجة مفادها أن هذه العقبات لا يمكن تخطيها ، وعندها عليكم إقناع العراقيين بخطة تقسيم يمكن تقديمها الى الامم المتحدة وان يجري الإشراف عليها بواسطة قوات دولية.
3 ـ إذا توصلتم إلى ان العراقيين عاجزين عن الاتفاق ، لا على المصالحة الوطنية ولا على خطة التقسيم ، وإبلغتم العراقيين بذلك ، فأن النتيجة هي انه لن يكون هناك خيار أمام الولايات المتحدة سوى إعادة قواتها إلى الحدود وترك العراقيين يحلون المشكلة بأنفسهم.
النقطة الأخيرة حاسمة. أي محام سيقول انه لن يكون لك أي نفوذ اذا كنت تتفاوض حول عقد يعتقد الطرف الآخر انك لن تخل به أبدا. وفي العراق لم يكن لدينا أبدا أي نفوذ. العراقيون يعتقدون ان بوش لن يخل بالعقد ابدا ، لذا ليس لديهم أي حافز يحملهم على القيام بأي تنازلات مؤلمة.
ولهذا ، البرلمان العراقي في إجازة في آب وجنودنا يقاتلون في الحر.
هناك أمر خاطئ في هذه المشهد. أولا ، لقد أمضى بوش ثلاث سنوات وهو ينكر حقيقة أننا بحاجة الى زيادة عدد القوات لاستتباب الأمن ، وبعد ذلك ، وعندما خروج العراق تماما عن السيطرة وتأصلت الميليشيات في كل مكان ، أعلن زيادة القوات وانتقد الآخرين لكونهم نافذو الصبر.
في الوقت نفسه ، اعلن بوش عن مؤتمر سلام للإسرائيليين والفلسطينيين ، وليس للعراقيين. انه أشبه برجل محاصر في منزل يحترق ويتصل بقسم الإطفاء للإبلاغ عن حريق في الطرف الآخر من الشارع.
التخلي عن العراق يمكن أن يكون خطوة مدمرة أخلاقيا واستراتيجيا. لكن مواصلة زيادة القوات دون وجود خطة طريق لحل سياسي ، وبذهاب صانعي السياسة العراقيين في عطلة ، وبدون أن يكون هناك أي نتائج لكل هذا التردد ، كل هذا يمكن أن يتيم أيضا بعدم المسؤولية الاخلاقية والاستراتيجية.
نحن ندين للعراقيين بأفضل قواتنا العسكرية - وافضل جهد دبلوماسي - لتجنب الكارثة التي ستنجم عن الانسحاب ، لكن إذا لا يريدون الاستفادة من ذلك ، فإننا ندين لجنودنا بتذكرة سفر تعيدهم إلى الوطن.