يعيش السّنة والشيعة في العراق الى جانب بعضهم البعض ولكن لا يخفى على أحد التوتر القائم بينهما نتيجة للصراع الدموي الدائر على أرض الرافدين. في حي السيدة زينب الواقع على اطراف العاصمة السورية دمشق فإن الشيعة والسنة يعيشون الى جانب بعضهم البعض كلاجئين ولكن بنسبة توتر اقل. هناك اكثر من مليون سني وشيعي عراقي عبروا الحدود الى سوريا التي تحكم من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي.. وبالرغم من ان اللاجئين العراقيين يعيشون في ظل حكومة لا تهتم كثيرا بالاختلافات الدينية، فإن هاتين المجموعتين شكلتا شيئا جديدا يمكن ان نطلق عليه اسم «بغداد المصغرة». السنة والشيعة حتى الآن لم يحصل بينهم أي احتكاك وبالتالي لم تسجل أي حالات للعنف الطائفي. المنفى لا يعني حتى الآن بالنسبة للعراقيين السماح والنسيان.

يقول عادل خلف (وهو سائق تاكسي سني)، ان تسعة من أولاد عمه قتلوا على يد الشيعة. ويضيف «كان بالامكان ان يحضروا لملاحقتنا هنا لو لم تكن الحكومة مفتحة الاعين».

هناك 2‚2 مليون لاجئ عراقي غادروا العراق من اصل 27 مليون هم اجمالي تعداد السكان، وذلك حسب احصاءات الأمم المتحدة. وذكرت هذه الاحصائيات ان 59% من هؤلاء اللاجئين ذهبوا الى سوريا والاردن وهما اكثر بلدين عربيين رحبا باللاجئين. سوريا التي يبلغ تعداد سكانها 17 مليون نسمة قبلت لاجئين عراقيين اكثر من أي بلد عربي آخر. وتقدر الأمم المتحدة اعداد اللاجئين العراقيين في سوريا بـ 4‚1 مليون لاجئ. وتبدي حكومة الرئيس بشار الأسد ترددا واضحا تجاه اغلاق الباب امام اللاجئين العراقيين. ان فرص استقرار هؤلاء اللاجئين في بلد غير سوريا محدودة للغاية. فالولايات المتحدة وافقت على استقبال 7 آلاف عراقي هذا العام، وهناك 20 ألف عراقي تمكنوا من دخول أوروبا عبر التهريب وصل منهم 9 آلاف الى السويد.

في البداية كان معظم اللاجئين من السّنة وهم يشكلون 20% من اجمالي سكان العراق. وقد حكموا هذا البلد لفترة طويلة انتهت بالاطاحة بنظام صدام حسين، الغزو الأميركي الذي تم في 2003. وتم اعدام صدام في ديسمبر من العام الماضي. بعدها بوقت قصير بدأ اللاجئون الشيعة بدورهم في التدفق وهم الذين يشكلون 60% من سكان العراق.

خلال يناير 2007 ومنتصف مايو تم تسجيل 41 ألف لاجئ سني و18500 لاجئ شيعي و19700 لاجئ مسيحي و5 آلاف لاجئ من الاقليات. وصول اللاجئين الشيعة فاجأ المسؤولين الذين توقعوا منهم الانتقال من اماكن سكناهم التي يسودها التوتر الى أماكن أخرى يطغى عليها الشيعة داخل العراق. يقول اللاجئون الشيعة انهم لم يشعروا بالأمن في العراق نظرا لاستهدافهم واستهداف مساجدهم من قبل السنة. وبالرغم من ان السنة يشكلون 75% من السكان في سوريا الا ان الشيعة لم يجدوا حرجا في الانتقال اليها.

تقول مسؤولة في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة «ان العراق اعاد انتاج نفسه في سوريا». وتضيف تلك المسؤولة «ان الأمور ستصبح على قدر أكبر من الصعوبة وهناك شعور مناف بالاضعاف تجاه الأجانب في سوريا».

وعبر الفنان السوري دريد لحام عن المزاج العام السائد لدى السوريين بأسلوب ساخر عندما قال «ان هناك اجزاء من سوريا اصبحت غريبة علينا».

مصادر
الوطن (قطر)