تتخذ كل من روسيا وبريطانيا موقف المنتظر الحذر لخطوة الاخر بعد تبادل طرد الدبلوماسيين ووقف منح المسؤولين تأشيرات دخول للبلد الآخر، وإعادة النظر بالتعاون في مجال مكافحة الارهاب. ووسعت الازمة بين موسكو ولندن جبهة المواجهة بين روسيا والغرب، وادخلت فيها عنصرا جديدا للتوتر، بالدول الغربية سارعت قبل ان تفكر مليا بالوقوف الى جانب حليفتها بريطانيا.وثمة مؤشرات على ان الازمة ستلحق الاضرار باقتصاد الطرفين. ووضعت تلك الاجراءات العقابية المتبادلة العلاقات بين موسكو ولندن أمام طريق مسدود.

وكما قال أحد الساسة العارفين بذهنية النسق الاعلى للسلطة العليا الروسية فان الطرد المتبادل للدبلوماسيين سيترك ظلاله لسنوات طويلة على العلاقات بين البلدين. وتنم التصريحات التي ادلى بها المسؤولون الروس بعد الرد على لندن، ان الكرملين غير معني بتفاقم العلاقات أكثر، ويسعى الى تجميد التدهور الى الحد الذي وصلت اليه. ووصف الرئيس بوتين التطورات على جبهة المواجهة مع بريطانيا بانها أزمة عابرة " صغيرة" ويمكن تجاوزها، بينما ربطها وزير الخارجية لافروف بوصول حكومة جديدة تبحث عن نهج سياسي لها تصب في مسار السياسية الاوروبية. وربما ستقبل موسكو بالحفاظ على فعالية العلاقات الاقتصادية، وتجميد السياسية الى حين.

(الحل الوسط)...

بيد ان السؤال المشروع، ماذا ستقدمه موسكو من تنازلات للندن لكي تواصل المياه مجراها الطبيعي في علاقات البلدين. فهل تسلم موسكو اندريه لوغوفوي للقضاء البريطاني لمحاكمته بتهمة دس السم للمواطن البريطاني ( ضابط الاستخبارات الروسي سابقا) الكسندر ليتفينينكو؟ وهذا أقل ما تطالب به بريطانيا وتحشد الرأي العام الاوروبي لدعمها بقوة فيه. ام ان روسيا تعد من وراء الكواليس طبخة أخرى لاعداد خطوة وسطية من شأنها تحفظ بها كرامتها، تقوم على حل اجندة المتهمين المطلوبين من الطرفين. وكان المتهم من الجانب البريطاني لوغوفوي أعلن انه مستعد للمثول امام محكمة في موسكو. ولايمكن ان يتحدث لوغوفوي دون الاستئناس براي من هو أعلى منه الذي مسك بملفات قضيته، التي غدت قضية تخص الدولة. ويكمن الحل الوسط القائم بمحاكمة المطلوبين لروسيا في لندن ومحاكمة لوغوفوي في موسكو. ولكن هل ستقبل بريطانيا بذلك؟ وقالت روسيا انها قدمت 21 طلبا لبريطانيا لتسليمها المطلوبين لديها من المواطنين الروس وفي مقدمتهم الاوليغارش السابق بوريس بيريزوفسكي.

(الاثرياء يشدون الحقائب)...

وفيما تقف موسكو ولندن "في محطة الانتظار" شعر أثرياء روسيا في لندن بالقلق من احتمال المستجدات القادمة. واذا كان اصحاب المال والشركات هم الاكثر شعورا باحتمالات التطور في الحدث السياسي فان تصرفاتهم توحي بان السحب ستتلبد اكثر في سماء العلاقات الروسية ـ البريطانية. وشرع اثرياء روسيا في عاصمة الضباب بشد الحقائب وسحب الارصدة المودعة في البنوك البريطانية تأهبا للخروج. ويعتقد رئيس اتحاد الصناعيين ورجال الاعمال الكسندر شوخين ان الازمة الروسية البريطانية يمكن ان تؤدي الى خروج الجزء الاعظم من الشركات الروسية من بورصة لندن، وستنعكس بقوة على عمل الشركات الحكومية. وقال شوخين وهو نائب رئيس حكومة سابق: اذا سارت الامور على هذا المنوال فانه بالمحصلة يمكن ان تفقد الشركات الروسية مواقعها في ساحة البورصة البريطانية، وتظهر لدى البورصات العالمية امكانية لسحب الشركات الروسية لساحاتها. ولم يستبعد مواجهة الشركات البريطانية صعوبات بعملها في روسيا.

(تجميد مكافحة الارهاب)...

ووصف الممثل الخاص لرئيس روسيا في قضايا التعاون الدولي لمكافحة الارهاب والجريمة ما فوق القومية اناطولي سافونوف خطوة لندن بتعليق التعاون مع موسكو في مجال مكافحة الارهاب بانها "غير مثمرة". لافتا الى: "ان لندن معنية بمثل ذلك التعاون ليس باقل من موسكو. وقال: "ان على الجانب البريطاني ان يدرك ان المتضرر من ذلك لن تكون روسيا وحدها. وعلى حد قوله :ان تعليق التعاون بمجال مكافحة الارهاب سينعكس سلبا على مجمل التعاون العالمي في مكافحة الارهاب. وأضاف: ان قرار موسكو بوقف التعاون مع لندن في مجال مكافحة الارهاب جاء بمثابة رد على الموقف الذي اتخذته بريطانيا.

مصادر
ايلاف