يبدو أن العلاقات السورية الأميركية لم تصل إلى طريق مسدود، وثمة في الأفق فرص مشجعة لاستعادتها رغم ما يبدو في الأفق من تناقض في المصالح والرؤى عكس نفسه في التصنيف الأميركي لسوريا ضمن ما يسمى محور الشر، وانخراط سوريا في مشروع معاد للشرق الأوسط الكبير الذي تتبناه الولايات المتحدة.

وقد دعا الخبير الاستراتيجي الأميركي المعروف أنطوني كوردسمان بعد لقائه وفريق عمله الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية وليد المعلم إلى عدم انتظار عامين إلى حين استتباب إدارة أميركية جديدة والبدء بالعمل على بناء ثقة متبادلة من منطلق أن ذلك سيحسن العلاقات بين الطرفين وتحقيق مصالحهما المشتركة.

واعتبر كوردسمان في تقرير محدود التداول نشره مركز الشرق أن كلا الطرفين (السوري والأميركي) ارتكبا أخطاء على صعيد العلاقة بينهما ومن خلال أفعالهما في المنطقة ولذلك فإن التركيز على ذلك يمكن أن يؤدي إلى اتهامات متبادلة.

ويقترح كوردسمان استكشاف الخيارات من خلال دبلوماسية «المسار الثاني» والاكتفاء في الوقت الراهن بالحوار في مسألة واحدة تلو الأخرى، مشدداً على ضرورة الكف عن وضع الشروط المسبقة التي تتطلب تغييراً مستحيلاً في السياسة.

ولاحظ الخبير الأميركي من خلال حواره مع المسؤولين السوريين أنه ليس لديهم رغبة باستعادة الجولان عن طريق الحرب، ولديهم أسباب جيدة للتشديد على رغبتهم بالتوصل لاتفاق. واعتبر أنه إذا توفرت خطة قريبة تخدم المصالح السورية والإسرائيلية على حد سواء فستكون مصلحة كبرى لسوريا في المضي بها بشكل علني وليس مجرد الاكتفاء بإشارات رئاسية أو محادثات سرية بين أفراد خاصين.

ودعا كوردسمان إلى مرونة يقوم بها باحثون سوريون لبعض المبادرات دون أن يكون ذلك إلزام للحكومة على صعيد إيضاح بنود الاتفاق السابق الذي تم برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون ولم تقبله سوريا بشكل دقيق، معتبراً أن هذه الخطوة ستكون كفيلة بإيضاح مخاوف واهتمامات سوريا لكل من الإسرائيليين والأميركيين.

وأشار كوردسمان إلى أنه من المزعج حقاً أن تسمع حديثاً عن الحرب من خبراء وصحافيين جادين في البلدين، لافتاً إلى أن العمليات القائمة على لخبطة الأوضاع واستفزاز الخصم إلى الحد الأقصى لا يمكن أن تؤدي في هذه المنطقة إلى جعل الأمور أسوأ بكثير للمستفِز والمستفَز.

يتساءل كوردسمان: «هل تستطيع سوريا التعامل مع حزب الله بتحفظ خاصة فيما يتعلق بالتحرك قرب الحدود السورية اللبنانية الإسرائيلية».

وحول محاربة الإرهاب اعتبر كوردسمان، الذي وصف المجتمع السوري بأنه واحد من أكثر المجتمعات حداثة وعلمانية في الشرق الأوسط، أنه لن تتفق الولايات المتحدة وسوريا على تعريف محدد للإرهاب في المدى القريب، خاصة فيما يتعلق بعمليات وأفعال حماس وحزب الله. مؤكداً أن قيام سوريا بعمل مبادر ضد هذا التطرف هو في مصلحة سوريا بقدر ما هو في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية.

واعتبر أن قيام سوريا باتخاذ إجراءات قوية في نطاق رؤيتها لمصالحها في هذا المجال سيضع الأسس لتخفيف توتر العلاقات السورية الأميركية.وبشأن العراق ينقل كوردسمان عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله إن مصالح سوريا تكمن في وحدة العراق وفي حكومة مركزية قوية وقوات شرطة وقوى عسكرية فعالة، وضرورة تعريف العراق رسمياً كدولة عربية إسلامية.

وأعرب الخبير الأميركي عن اعتقاده بأن لسوريا مصلحة واضحة في ذلك وأنها لا يمكن لها أن ترتبط بالقضية الشيعية في المنطقة وليس لدسها مصالح متطابقة مع مصالح إيران، كما أنها لا تحتاج إلى عدم الاستقرار أو الصراع الأهلي على حدود أخرى. وأشار إلى أن القيام بمبادرات سورية لدعم المصالحة السياسية في العراق والتشدد ضد عمليات المتسللين داخل سوريا وعبر الحدود وتأمين الحدود السورية مع العراق، هي جميعاً في مصلحة سوريا.

وعن العلاقات السورية الأميركية اعتبر كوردسمان أن عدم وجود سفير أميركي في سوريا وعدم التعاطي مع البعثة السورية في واشنطن هي أمور ليست مجدية.

وفي ختام التقرير دعا كوردسمان الولايات المتحدة إلى الكف عن شيطنة سوريا وعليها أن توضح أن لا مصلحة لها في تغيير النظام.. لأنه ليس لدى الولايات المتحدة أفضل من النظام الحالي لتقدمه، وخطر عدم الاستقرار في الداخل السوري أو حكومة يسيطر عليها الأخوان المسلمون خطير بما فيه الكفاية ليشير إلى أن أي خيار قريب المدى سيكون أسوأ بكثير على الأرجح.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)