وفق تقارير إسرائيلية غير رسمية فإن الرئيس السوري بشار الأسد "مقتنع" بوجوب جرّ إسرائيل الى حرب استنزاف"، وبحسب مصادر صحيفة يديعوت أحرنوت أمس فإن سورية تريد استغلال "هشاشة" الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتستبق أي احتمال لسن تل أبيب حربا ضد دمشق.

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن التقارير الجديدة مصدرها "محافل سورية ولبنانية" شاركت في لقاء "مثير للاهتمام" عقد في عاصمة أوروبية، برعاية وزارة خارجية تلك الدولة، وحضره مندوبون إسرائيليون رسميون، بينهم أعضاء كنيست، إضافة إلى شخصيات أكاديمية.

وبحسب الصحيفة نفسها، فإن "المحافل السورية واللبنانية" التي شاركت في المؤتمر، والتي يقيم بعضها "علاقات شخصية" مع الرئيس السوري، قالت خلال اللقاء للمندوبين الإسرائيليين إن المعسكر المؤيد لإيران في سوريا نجح في إقناع الرئيس السوري بالمبادرة إلى شن حرب في الجولان. وأوضحت هذه المحافل أن السوريين يعتقدون أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية "هشة"، ولذلك يمكن استدراج تل أبيب إلى حرب استنزاف، وخاصة أن التقدير السائد في دمشق يرى أن "رد إسرائيل على عمليات مقاومة في الجولان سيكون محدوداً".

وأشارت «يديعوت» إلى أن الأحاديث التي جرت في هذا الشأن في اللقاء عززت "الخوف الكبير في إسرائيل من احتمال حصول سوء فهم بين دمشق وتل أبيب يؤدي إلى مواجهة بينهما، برغم أن أياً من الطرفين غير معني بذلك». ولفتت الصحيفة إلى رسائل التهدئة التي تبادلها الجانبان في الآونة الأخيرة والتي تشدد على «أن وجهتهما ليست نحو الحرب... حتى إن السوريين قرروا إلغاء مناورات الصيف هذا العام".

إلا أن إلغاء المناورات لا يلغي الانشغال السوري بالجبهة مع إسرائيل، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن الضيوف اللبنانيين والسوريين في اللقاء قدّموا أدلة تشير إلى تنامي هذا الانشغال، بينها تقارير تحدثت عن صدور تعليمات إلى العمال السوريين بعدم السفر إلى لبنان والبقاء في سوريا بوصفهم جزءاً من التشكيل الاحتياطي في الجيش السوري. كذلك فإن «النظام السوري يقوم بحملة إعلامية حثيثة ضد الاحتلال الإسرائيلي ويقوم بمنح مخصصات مالية لعائلات الأسرى الدروز في الجولان، كما تمت المصادقة على إصدار صحيفة جديدة في سوريا تحمل اسم "الجولان"، وعلّقت لافتات كبيرة في الشوارع السورية موضوعها الجولان وإنشاء جمعية لتشجيع النشاطات المتعلقة بالجولان".

أما صحيفة «هآرتس» فنقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية تقديرها أن سوريا تخشى من أن تكون العلاقات بينها وبين إيران بمثابة "عناق دب" إيراني يضر بالمصالح السورية. وقالت المصادر إن السوريين يوثّقون علاقاتهم بإيران لأن هذا هو أفضل شيء لديهم في هذه اللحظة، إلا أن "سوريا تحاذر التحول إلى تابعة لإيران، رغم أنها ترى فيها عمقاً أمنياً لها".

وتابع المسؤولون الإسرائيليون أنه "كلما استمر التهديد الأميركي لسوريا، تعزّزت الأصوات في دمشق التي تدعو إلى التوجه لمقاومة عنيفة ضد إسرائيل، وعندها ستصل اللحظة التي لن تتمكن فيها سوريا من الخلاص من الحلف مع إيران، لكننا لسنا هناك بعد".

وقالت «هآرتس» إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه إذا غيّرت الولايات المتحدة سياستها الداعية إلى عزل سوريا وقيادة نظامها فإن دمشق قد «تغيّر الاتجاه»، في إشارة إلى احتمال ابتعادها عن طهران. «لكن بينما تقيم الولايات المتحدة علاقة بالمعارضة السورية في الخارج، التي تضمّ أيضاً الإخوان المسلمين، الحركة المحظورة النشاط في سوريا، فإن التقديرات في اسرائيل ترى أن البدائل المحتملة لنظام الأسد لن تكون بالضرورة أفضل».

كذلك، تشير التقديرات الإسرائيلية، بحسب هآرتس"، إلى أن سوريا تخشى هجوماً إسرائيلياً محتملاً، قد يكون ضد قافلة سيارات تحمل أسلحة لحزب الله أو هجوماً هدفه تصفية زعيم فلسطيني مثل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل المقيم في دمشق.

إلى ذلك، تطرق المسؤولون الإسرائيلييون، في تصريحاتهم إلى «هآرتس»، إلى ما ورد في خطاب الأسد أمام مجلس الشعب في شأن تجديد عملية السلام بين الدولتين ومطالبته بتعهد خطي إسرائيلي لانسحاب إلى حدود 1967.

وعقّب المسؤولون على ذلك بالقول إن رسالة الأسد في خطابه ليست بالضرورة «غير منطقية»، وخصوصاً أن إسرائيل أبدت في الماضي استعداداً للانسحاب إلى هذه الحدود. كما نوّه المسؤولون أنفسهم بأقوال الأسد عن أن «رسم الحدود بين الدولتين بشكل نهائي سيتم بواسطة مندوبي كلتا الدولتين»، وأشاروا إلى أنّ ذلك يعكس ليونة ما، وخاصةً أن «لا أحد يعرف مسار الحدود في حينه».