يقوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بزيارة رسمية لسوريا على رأس وفد كبير، بعد ان وافقت دمشق على تحديد موعد الزيارة التي ستستغرق ثلاثة ايام.
وقد تردد قبل يومين نقلا عن مصادر دبلوماسية سورية ان المالكي يحمل رسالة اميركية الى دمشق تتعلق بفتح حوار اميركي سوري بشأن العراق على غرار ما جرى مع ايران، غير ان مصادر عراقية نفت ذلك وقالت ان اجندة المباحثات بين المالكي والمسؤولين السوريين تتعلق بمشاكل كبيرة عالقة بين البلدين ينبغي بحثها وايجاد الحلول لها.
وهذه الزيارة الرسمية الاولى لدمشق يقوم بها المالكي الذي قضى اكثر من 15 عاما لاجئا سياسيا فيها، مما اتاح للسوريين فرصة كبيرة للعلاقات معه، ومعرفة كل شيء عنه.
وقال احد الساسة العراقيين ل ’القبس’: ان المالكي لو قام بهذه الزيارة في وقت مبكر لكان افضل له من حيث النتائج، حيث ان الملف الآن بين البلدين مزدحم بالمشاكل مع وجود تأزم في الموقف السوري نتيجة تفاقم الاتهامات العراقية والاميركية ضد سوريا، وآخرها اتهامها بأنها وراء التفجيرات الارهابية التي حصلت في سنجار (15 كلم عن الحدود السورية)، والتي راح ضحيتها 700 من الطائفة الازيدية بين قتيل وجريح. وقد نفت سوريا هذه الاتهامات، فيما وجهت الصحف السورية لوما للمالكي قبل الزيارة منتقدة قراره بتجميد موافقات عراقية سابقة لإعادة تشغيل انبوب النفط بين كركوك، وميناء بانياس السوري، والذي يوفر اكثر من مليار ونصف مليار دولار للسوريين.
قبل الزيارة بيومين صرح فاروق الشرع نائب الرئيس السوري بما يشبه وضع شروط لنجاح الزيارة قائلا: ’بمقدار ما يتمكن المالكي من التعبير بصدق وصراحة عن موقف عراقي يؤدي الى المصالحة الشاملة ووضع جدول زمني لإخراج القوات الاجنبية من العراق، يجد سوريا قريبة جدا في علاقاتها مع العراق’، كما حذر الشرع من ’وجود نيات لاحداث فتن طائفية في هذا البلد المجاور لسوريا’.
وقد فسرت اوساط حكومية عراقية هذه التصريحات على انها عنوان رئيسي لموقف سوريا لم يتغير عن قبل، وينطوي على انتقاد يرفض الحلف الرباعي الحكومي الذي أقيم بين الشيعة والاكراد وفق اجندة طائفية.
وحسب تلك المصادر، فإن الاعتقاد السائد هو ان المالكي بأسلوبه الحذق ودبلوماسيته التوفيقية سيجاري الانزعاج السوري، ويمتص غضب المسؤولين السوريين بما عرف عنه من قدرة على مجاراة المعارضين لحكومته بالكلام المعسول، وسيستفيد من ماضي علاقاته مع سوريا ليكافئها بإصغاء ايجابي لآرائها، غير انه غير قادر على تلبية كل شروطها.
ونقلت تلك المصادر عن المالكي قوله في وقت سابق ان ضمان علاقات جيدة بين العراق وبين كل من ايران وسوريا بما يشبه الحلف السياسي في المنطقة من شأنه انقاذ العراق من كثير من المشاكل، وهذا الرأي تشاركه فيه ايران، غير ان تلك المصادر تحذر المالكي من الاندفاع نحو سوريا بعوامل الانزعاج من السعودية، واستغلال الخلاف السوري - السعودي لمصلحة اهداف سياسية عراقية، فليس من مصلحة العراق الدخول الآن في محاور اقليمية سبق ان جربها نظام صدام وفشل.
ان اهم ما يحتويه الملف العراقي السوري هو قضية ضمان امن الحدود بين البلدين ومنع المتسللين من تنظيم القاعدة والبعثيين. وهناك قضية كبيرة اخرى تتعلق باللاجئين العراقيين الذين تجاوز عددهم المليون، وتعتبرهم سوريا عبئا اقتصاديا واجتماعيا عليها، فضلا عن قضايا كبيرة اخرى تتعلق بعلاقات البلدين السياسية والاقتصادية.
ويستوجب على كل من بغداد ودمشق اتخاذ اجراءات كفيلة بتطبيق توصيات ’ لجنة الخبراء’ الامنية التي تشكلت في اجتماع دول الجوار العراقي الاخير، وبعد فشل اجتماع البحرين لهذه اللجنة، اجتمعت قبل ايام من زيارة المالكي في دمشق وقررت توفير ’خط ساخن’ بين البلدين والسماح بإقامة نقاط مراقبة على الحدود لمنع المتسللين والتهريب، وتفعيل ما جاء في مذكرات التفاهم بين وزيري الداخلية في البلدين.
وللتخفيف من الآثار النفسية التي خلفتها تصريحات الشرع لدى العراقيين، صرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم قائلا عشية الزيارة ان بلاده تتطلع الى افضل العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية مع العراق.
الجميع يتمنى الافضل بين البلدين، ولكن الافضل يحتاج الى واقع مختلف عن واقع العلاقات السيئة القائمة بين البلدين، وقد لاتقدم هذه الزيارة جديدا لاجتماع دول الجوار العراقي الذي سينعقد في انقرة بعد اسبوعين.

مصادر
القبس (الكويت)