التوغل الجوي الإسرائيلي الأخير في الأجواء السورية هو السبب المرجح في تأجيل كوريا الشمالية محادثات الدول الست التي كان مقرراً أن تحصل بواشنطن، وكان يتوقع أن توضح بيونغيانغ فيها تفاصيل برنامجها النووي العسكري. وكان الخبير النووي الأميركي كريستوفر هيل استعد للسفر إلى الصين، وهو يأمل في الإلمام بتفاصيل بلوغ كوريا الشمالية القوة النووية.

وبينما لم تذع سورية أو إسرائيل تفاصيل وافية، شاع إن التوغل الإسرائيلي في الأجواء السورية كان هدفه الغارة على قاعدة يعتقد بأن سورية تطور فيها سلاحاً نووياً، مستفيدة من خبرات كوريا الشمالية. وضرب هذا بعرض الحائط التوقعات التي ذهبت إلى أن كوريا الشمالية قبلت فعلاً تقديم صورة كاملة عن قدراتها النووية لقاء دعم اقتصادي تحتاج إليه. وهيل، بحسب التقارير المنشورة بواشنطن عن الهجوم الإسرائيلي، ودور كوري شمالي في صفقة نووية مع سورية، أراد جاهداً إلغاء الانطباع عن عقد صفقة نووية بين كوريا الشمالية وسورية، وحاول التقليل من أهمية صلات الأولى بالثانية.

وتعليقاته في جلسة استماع للخارجية الأميركية هي أقوى تعليق على تجارة كوريا الشمالية النووية.

وكان وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أكثر وضوحاً من هيل في شأن الصلات الكورية بسورية. فقال إن هذه مسألة مثار قلق شديد. وكلمات غيتس قرينة على تباين آراء كبار المسؤولون الأميركيين. فأنصار المفاوضات، وتقودهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، علقوا الآمال على تحقيق إنجاز إيجابي مع كوريا الشمالية يغطي الأخبار السيئة من الشرق الأوسط، خصوصاً العراق. كان لهيل، وأيدته رايس، الفضل في تقدم الحوار المباشر مع وزير خارجية كوريا الشمالية، بعد أن رفض صقور الإدارة الأميركية الحوار خارج إطار اللجنة السداسية. والتلويح بحمل بيونغيانغ على انتهاج سياسة قويمة في المسألة النووية، قد يكون ترياقاً مناسباً يشفي من الأخبار السيئة الطالعة من المناطق الأخرى.

وكان موظفو الإدارة الأميركية، بقيادة كريستوفر هيل، يسعون في بلورة محادثات الدول الست حول برنامج بيونغيانغ النووي حين ابتدأت مصادر استخبارية أميركية وإسرائيلية الكلام على دعم كوري شمالي لسورية في برنامجها النووي. والحلقة السورية – إذا صدقت – تشخص توسيعاً وتطويراً في البرنامج النووي الكوري. ومصدره هو الدكتور عبدالقدير خان، قبل احتجازه, وهو مصدر مشروع إيران النووي كذلك، على ما يقال، وعلى هذا فإفشاء الحلقة السورية جاء في وقت عصيب. فهناك من يشتبه في الصقور بواشنطن، وهم يعارضون محادثات الدول الست. وكان جون بولتون، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، طليعة معارضة الصقور المحادثات السداسية. وهو رفض التعليق على الإجراء الإسرائيلي. وقد تكون القاعدة مخازن سلاح تزود منها القوى السنّية في العراق و «حزب الله» في لبنان، وربما كان الكوريون الشماليون يصدرون الصواريخ، وليس الأسلحة النووية، إلى سورية، على ما تصنع كوريا مع دول أخرى. ولكوريا الشمالية الحق في تصدير السلاح، ومنه الصواريخ، على ما فعلت في أثناء السنوات الخالية. والسؤال، حين تبدأ المفاوضات السداسية، على قائمة المفاوض الكوري الشمالي، كيم، بنشاطات بلاده النووية. وزيارة المفتشين موقع يونغبيون لا تعني ان الموقع هو المنشأة النووية الوحيدة. يقول كريستوفر هيل إن أحداً لم يزر الموقع الذي أجرت فيه كوريا الشمالية تجربتها النووية، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. والهدف ليس وقف النشاط النووي الكوري في تلك المنشآت، بل تفكيك المنشآت.

(صحافي قام بتغطية حوادث كوريا وشمال شرقي آسيا)

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)