بفاصل أسبوع واحد، جددت الطائرات التركية غاراتها على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. الغارة التي تمت هذه المرة نهارا هي استمرار

بفاصل أسبوع واحد، جددت الطائرات التركية غاراتها على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

الغارة التي تمت هذه المرة نهارا هي استمرار لـ»رسالة» القصف السابق، بأن مسلحي حزب العمال الكردستاني لن يكونوا في مأمن، لا في الليل ولا النهار، ولا في الصيف ولا في الشتاء.

وتريد تركيا بمواصلة هذه العمليات الجوية المحدودة الإبقاء على الجبهة الكردية ساخنة ومفتوحة، وإذا تطلب الأمر تطوير سلة الأهداف التي قد لا تقتصر على حزب العمال الكردستاني وتوسيعها تبعا للتطورات في شمال العراق والمنطقة عموما.

ولعل من المفيد جدا التذكير بأن هذه العمليات تتم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، في ظل تراجع حدة موقف أكراد العراق من العمليات التركية، ما يؤكد على الدور المركزي لواشنطن في إدارة التطورات، بل في ترتيب العلاقات التركية ـ الكردية.

وفي هذا الإطار، حظي بالاهتمام ما نشرته صحيفة «الإيكونوميست» البريطانية الجمعة الماضي من أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي جورج بوش قد اتفقا في لقائهما في الخامس من تشرين الثاني الماضي على شل القدرة العسكرية لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وقبل ذلك بثلاثة أيام كانت وزيرة الخارجية كوندليسا رايس تعلن بعد لقائها أردوغان في أنقرة التوصل إلى «اتفاق شامل» حول المسألة الكردية.

وانطلقت الصحف التركية في فك طلاسم الاتفاق الجديد وماذا يعني. وربما تكون «الإيكونوميست» أفشت سرّ الاتفاق، وهو أن أردوغان سيعترف بإدارة إقليم كردستان شمالي العراق، مقابل بقاء تبعيتها لحكومة بغداد وإبقاء كركوك خارج السيطرة الكردية مع منحها وضعا خاصا.

ورغم نفي رئاسة الحكومة التركية أمس الأول ما نشرته الصحيفة البريطانية، فقد ظهرت مؤشرات على احتمال وجود هذه الخطة من خلال تصريح رئيس الأركان التركي الجنرال ياشار بويوك أنيت مؤخرا من انه «إذا كان لا بد من فدرالية في العراق فإننا نفضّل أن تكون فدرالية بالمعنى الحديث»، أي فدرالية تعترف بسلطة الحكومة المركزية في بغداد وتترك كركوك خارجها.

وفي هذا الإطار بدأ زعيم المعارضة دينيز بايكال يتحدث بأسلوب جديد، بتخليه عن انتقاد الحوار مع أكراد العراق ودعوته إلى إقامة أفضل العلاقات معهم.

وفي البعد الكردي العراقي، كانت رايس تزور كركوك وتعلن من هناك أن المدينة تحمل أهمية لعراق ديموقراطي ولكل العراق، وهي لغة لا تنسجم مع الخطاب التقليدي والمعروف لأكراد العراق.

وتشير صحيفة «حرييت» إلى أن رفض رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الذهاب إلى كركوك، واللقاء مع رايس ليس سببه قصف الأتراك جبال قنديل ووصف البرزاني للقصف بالجريمة، بل لأنه منزعج من الموقف الأميركي من وضع كركوك وتأجيل الاستفتاء على مصيرها الذي كان مقررا وفقا للمادة 140 من الدستور العراقي قبل نهاية العام .2007

ولم تقف الأمم المتحدة متفرجة بل أعلن الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق ستيفان دي ميستورا انه إلى جانب تأجيل الاستفتاء في كركوك.

وتكشف صحيفة «راديكال» بعدا آخر من الضغوط الأميركية على تركيا وأكراد العراق لترميم العلاقات المتوترة بينهما، وهو أن إدارة بوش تولي أهمية لموضوع الطاقة في استراتيجية المواجهة مع القوة الروسية الصاعدة في عهد الرئيس فلاديمير بوتين. ودور تركيا كممر لخطوط الطاقة حيوي لهذه الاستراتيجية، التي تلحظ مرور قسم كبير من النفط العراقي في المستقبل عبر تركيا، وبالتالي عبر الفدرالية الكردية.

وربما يكون هذا ما قصده أردوغان من انه ليس من قوة يمكن أن تقوم بأي عمليات لا في المنطقة ولا في العالم على حساب تركيا، ومن دون أخذ مصالحها بالاعتبار.

مصادر
السفير (لبنان)