نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مسؤول سوري القول بأن القرار الظني الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ’سيفقد الكثير من قيمته المعنوية في غياب حكومة لبنانية كاملة الأوصاف الشرعية ترحّب بهذا القرار، ولن يكون باستطاعة المحكمة الإستمرار في عملها بالزخم نفسه أو بصيغة المحكمة الحالية’، مشيراً إلى أن ’هذه المحكمة قائمة على مبدأ التعاون مع السلطات الإجرائية في لبنان، وبالتالي فإن دورها سيتراجع ريثما تنشأ السلطة الإجرائية التي يجب عليها التعاون معها’.

ورأى المسؤول السوري أن ’التلويح بالفصل السابع بحجة عدم وجود سلطة إجرائية في لبنان أو اندثار النظام اللبناني، سيكون مضحكاً’، معتبراً أن ’دمشق التي حمت نفسها وحلفاءها اللبنانيين من استخدام الفصل السابع عند إنشاء المحكمة برغم الحملة الاستثنائية على سوريا في تلك المرحلة، تعرف كيف تحمي نفسها وحلفاءها في لبنان من الفصل السابع اليوم’.

وفي هذا السياق، تطرّق المسؤول نفسه الى عاملين أساسيين، الأول يتمثل في ’صعوبة اعتبار السلطات اللبنانية مندثرة في ظل المهل الزمنية المخصصة للأخذ والرد بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف تأليف الحكومة’، أما الثاني فهو ’عدم قدرة الرئيس سعد الحريري على تحمّل مسؤوليته عن استخدام هذا الفصل، لبنانياً، فضلاً عن أن رئيس الجمهورية الذي سيأخذ وقته في الإستشارات قبل التكليف، واضح في عدم نيته التوقيع على مرسوم التأليف إذا لم تراع التشكيلة الحكومية شروط الوحدة الوطنية’.

ولفت المسؤول السوري الى أنه ’ربما للمرة الأولى منذ خمس سنوات، لا تجد دمشق نفسها محشورة بمهل زمنية أو غيرها’، معتبراً أنه بالإمكان ’إيجاز الوضع بالمعادلة الآتية: لا عمليات إجرائية لمحكمة من دون حكومة لبنانية، ولا حكومة لبنانية من دون موقف واضح لرئيسها من التسييس الحاصل في المحكمة’.

وعن كيفية ولادة هذه المعادلة، أوضح المسؤول في حديثه للصحيفة اللبنانية أن ’المعارضة اللبنانية والمسؤولين في دمشق وطهران وجدوا أنفسهم الأسبوع الماضي أمام هجمة أميركية تمثّلت بإسقاط المبادرة السورية السعودية والطلب الى المدعي العام دانيال بلمار تسليم القرار الظني إلى دانيال فرانسين، فكان الرد بإسقاط حكومة الحريري مقابل إسقاط المبادرة السورية السعودية وظهور بوادر تسجيلات صوتية تُسخّف القرار الظني، ما يعيد الأمور إلى ما قبل نقطة الصفر’.

وأضاف المسؤول نفسه ’سرعان ما تنبّهت دمشق إلى أن الولايات المتحدة، التي ترغب طبعاً بوجود حكومة لبنانية مؤيّدة لها وتتفاعل بحسب التعليمات الأميركية مع القرار الظني، ترغب أكثر في حكومة معادية لها تتفاعل بسلبية من وجهة نظر أميركية مع القرار الظني’، لافتاً الى أن ’حكومة يترأسها عمر كرامي توفر للأميركيين مبرّرين لتفجير الأوضاع في لبنان وإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل حرب تموز، نحو خمس سنوات إلى الوراء’.

وإزاء ما سلف ذكره، أشار المسؤول السوري الى أن ’بعض المتوترين مذهبياً ينفجر بحجة إقصاء زعيم السنّة عن رئاسة الحكومة، ويغدو سهلاً لقوى 14 آذار تحريك الشارع بحجة أن الرجل الذي كان رئيساً للحكومة في 14 شباط 2005 هو رئيس حكومة نزع الشرعية اللبنانية عن المحكمة الدولية’، معتبراً أنه ’بين حدي هاتين الحكومتين اللتين يمكن الولايات المتحدة الإستفادة منهما، لجأت دمشق بالتنسيق مع حلفائها اللبنانيين إلى تجميد كل شيء’.

وعلى صعيد الإجتماع السوري التركي القطري الأخير،ذكرت الصحيفة أن الحريري هو الذي طلب من القيادة التركية التدخل عند القيادة السورية إثر تصاعد ضغط المعارضة اللبنانية عليه، لافتة الى أن المطلب التركي القطري الأساسي ’كان الحصول على إلتزام سوري بأن يترأس النائب الحريري، لا غيره، الحكومة التي يفترض أن تؤلف، وهو ما وافقت عليه القيادة السورية شرط إلتزام الحريري في بيان ترشّحه لرئاسة الحكومة الجديدة برفض التسييس الذي تعرّضت له المحكمة الدولية والقرار الظني، وموافقته على تأليف لجنة تركية قطرية تنظر في مصداقية القرار الاتهامي’.

وبحسب المعلومات التي أوردتها الصحيفة، فإن وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو ورئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم آل ثاني ’حملا معهما هذا العرض إلى بيروت، ولكن لماذا يوافق الحريري اليوم على ما رفضه بالأمس؟ يراهن المسؤول السوري نفسه في هذا الصدد على تفهّم الحريري للعلاقة بين الحكومة والمحكمة ومعرفته أنه بات خارج اللعبة حتى تغيير موقفه حيال القرار الاتهامي’.