الكاتب : سها مصطفى
يذكر اللبنانيون جيدا اسكتش أحد برامج الكوميديا السياسية عندما رد أحد الممثلين اللبنانيين مجسدا شخصية رفيق الحريري على سؤال زميله :عن مرشحه لرئاسة الحكومة، وكان رده...بالانكليزية ’مي...آتي’!
ذلك الاسكتش لا يزال ماثلا بقوة وحاضرا في ذاكرة اللبنانيين عن شخصية حضرت وبقوة في عهد الحريري الاب وغابت في عهد ابنه، لعل ذلك الاسكتش ينعش ذاكرة تيار المستقبل القصيرة بعجره وبجره من نواب ورئيس حكومة تصريف اعمال، بما يحمله من دلالة على العلاقة الوثيقة مابين نجيب ميقاتي والحريري الأب في تلك الفترة.
للمفارقة، بعد ستة سنوات على عرض ذلك الاسكتش لا تزال تلك المعطيات حاضرة وبقوة، ولا يزال اسم الميقاتي مرشحا وبقوة لولكن من ضفة أخرى هذه المرة خارج فريق ’الحريري جونيور’ ان جاز التعبير، رغم كل الحرص الذي بذله الأخير هذه المرة لتقزيم والتقليل من شأن مختلف الشخصيات التي احاطت بوالده، كما فعل في حديثه عن ميقاتي من خلال التسجيلات التي سربتها الحقيقة ليكس من على شاشة تلفزيون الجديد.
نجيب ميقاتي مرشح المعارضة اللبنانية، هو أحد أبرز شخصيات فريق الحريري في عهد انقضى، وهو شخصية تمكنت من الحفاظ على توازن ما بين مختلف الاطراف كما في عهد الحريري الاب، شخصية تستحق لقب المعارضة ’بالمرشح التوافقي’ وربما يعد اوفر حظا من رشيد كرامي في نيل اصوات من داخل تيار المستقبل ومن خارجه، رغم وصف التيار الأخير لمختلف الترشيحات التي قدمها حسن نصر الله في خطابه أمس بالـ’اغتيال السياسي’.
لكن الحريري الذي يواجه انقلابا سياسيا اطاح به وبحكومته، ورغم رفضه لأي ’مرشح توافقي’ من المعارضة وفقا لتصريحه في غمز من ميقاتي الذي ينافسه على مقعد رئاسة الحكومة، لا يمكنه فعليا امام الاستشارات النيابية المنتظرة، التي يثقلها مواقف النواب من المعارضة وفريق الحريري وفريق آخر ثالث يمثله نواب مستقلون، لم يكن آخرهم وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي الذي حسم موقفه لصالح المعارضة، لا يمكنه الاستمرار بالرفض، امام ما ينتظر لبنان إزاء حالة الشلل السياسي والتعطيل التي سيدخلها من جديد على يد قريق الحريري لأجل غير مسمى.
في ظل معطيات سياسية يمهد لها قرارا ظنيا منتظرا من محكمة دولية تسدد به اصابع الاتهام نحو المعارضة في اغتيال سياسي للمقاومة اللبنانية والمعارضة، ترشيح ميقاتي ودعمه بحكومة’ شراكة وطنية’ بالنتيجة، شعار معتدل ترفعه المعارضة في وجه رفض الحريري وإقصاءه لأي مرشح من 8 آذار، رغم أن المرشح الاخير للمفارقة يعتبر في وقت انقضى رجل رفيق الحريري الاول في لبنان وعرابه في سوليدير وغيرها من المشاريع الاقتصادية التي يمتلكها ميقاتي في مملكة واسعة تمتد مابين سوريا ولبنان وغيرها، بالنتيجة الاستشارات النيابية تلوح بما لا يمكن للحريري رفضه أمام تبوأ ميقاتي 59 صوتا في حصيلة اليوم الاول من الاستشارات، وحصول الحريري على 49 صوتا فقط، لتصبح تلك التظاهرات التي يؤججها تيار المستقبل في الشارع المسلم اللبناني حالة اعتراض مما تخشاه أمام يقين التيار ’سلفا’ بنتائج الاستشارات وما ستؤول اليه، لكن هذه التظاهرات لاتعني حربا اهلية كما يحلو للبعض تصويرها أمام دور الجيش اللبناني وسابقته بتطويق مختلف حالات تعطيل الاستقرار اللبناني.