الكاتب : حازم خضر

يطرح الصمت الرسمي العربي إزاء ما تتعرض له الاحتجاجات المصرية علامات استفهام كبيرة تتجاوز بالتأكيد المبررات المعلنة بأن ما يجري قضية داخلية ولا يجوز التدخل بها. ثمة مجازر طالت المدنيين ونبهتهم بأن القبضة الحديدية عبر نموذج ’ البلطجية’، الاختراع المصري بامتياز، تؤكد وجود مفاجآت لدى النظام المصري بمواجهة المحتجين تبدد صورة الضعف والارتباك الذي بدا عليه مبارك خلال الأيام العشرة الماضية.

قدرة وسائل الإعلام على نقل الفظائع المرتكبة في ميدان التحرير، رغم حجب الانترنت واعتقال الصحفيين والاعتداء عليهم ومنع دخول الكاميرات إلى وسط ميدان التحرير ، شكل ضاغطا إضافيا على النظام المتداعي وخصوصا من الجانب الدولي الذي ضاعف من ضغوطه على الرئيس المصري وسط صمت عربي مطبق.

وإذا كان الموقف العربي ليس مستغربا استنادا إلى تجارب سابقة غاب العرب عنها كما جرى في تونس والى إرباكات تواجه كثير من الحكومات في اليمن والجزائر والأردن ، مثلا ، فإن حجم الدخول الغربي الذي دفع قادة خمس دول أوربية كبيرة للإعلان المدوي عن ضرورة انتقال السلطة في مصر الآن، وقبلها الموقف الأمريكي الأكثر مطالبة لمبارك بالرحيل جعل العواصم العربية وكأنها تعيش في كوكب آخر وخصوصا أولئك الذين اتصلوا لتأييد الرئيس مبارك بمواجهة ’ المؤامرة التي تستهدف مصر ’.

الصمت العربي بصورته الحالية يعني تضامنا ضمنيا مع نظام تجاوزه المتظاهرون منذ يوم 25 كانون الثاني الماضي ويقوم اليوم بمحاولات أخيرة من أجل ترتيب نقل السلطة إلى من يحقق الرضا في واشنطن وتل أبيب لكن دون جدوى كما يبدو مع رفض المحتجين بكل صنوفهم الإسلامية والليبرالية والقومية .. لأي شخصية من النظام الحالي وفي مقدمتهم عمر سليمان وشفيق ..

والصمت العربي المتوقع من المصريين بعدما تابعوا ذلك الموقف المريب في محطات كبيرة كما في العدوانين على لبنان وغزة ، على سبيل المثال ، يؤكد قناعات سابقة بأنه لا تعويل إطلاقا على العواصم العربية في أي تغيير أو مواجهة المخاطر الكبرى.

قد لا يبدو ذلك الموقف مهما أصلا في إحداث أي ضغط على النظام المصري لكنه كان من الممكن أن يكون مفيدا بإعطاء إشارات إلى الاستفادة من الدرس المصري والانحياز الى الشعوب في إحداث تغييرات تصب بالتأكيد لصالح تعزيز حضور العرب ومحو الصورة لاابهتة والبائسة لهم في عالم اليوم .