الكاتب : سها مصطفى

مبكرا بدأ عمر سليمان نائب الرئيس المصري بفكفكة عقد الثورة المصرية وحلحلة متاريسها، وهو النائب الذي حصل على منصبه الأخير بعد إحدى وعشرين عاما من الانتظار، اجتماعاته التي بدأت بوتيرة متسارعة مع احتدام المظاهرات المطالبة بإسقاط الفرعون المصري عن عرشه، جاءت خدمة لمطالب غربية أقرت وأخيرا بضرورة الانتقال السلمي للسلطة وتشكيل حكومة لايزال حتى الآن وعلى الرغم من كل التظاهرات يتسيدها الرئيس حسني مبارك..خوفا من انتشار الفوضى في البلاد في حال استقالته كما صرح في لقاءه التلفزيوني الأخير، وليس حسما وترتيبا لمقاليد السلطة وفق العرف الأمريكي.

سليمان القادم من الحدائق الخلفية للنظام المصري لم يألوا جهدا في تحقيق الانتقال السلمي الديمقراطي للسلطة وباشر احتضان الثورة واحتوائها بالامس!

اول الغيث بيان إنشائي، صدرته المعارضة المجتمعة مع أحد رموز النظام الذي تطالب بإسقاطه، معلنة ان أطراف الحوار اتفقت على تقدير واحترام حركة 25 يناير، التي طالبت باسقاط النظام الحاكم!

اللقاء لم يستثن جهة بما فيها حركة الاخوان المسلمين التي كان لها حصتها من الاجتماع، رغم اعلانها رفض أي حوار قبل رحيل مبارك، في ظل تنازع على سدة المعارضة بين أقطابها، بين وجوه مختلفة حاضرة في المشهد المصري، لكنها في النتيجة وجوه لعملة واحدة، كمحمد البرادعي رئيس وكالة الطاقة الذرية السابق، الذي رفض بدوره الحوار مع سليمان الا انه ارسل ممثلين عنه.

لينتهي اللقاء بإعلان يرضي الجميع يخلص الى القبول بخطاب مبارك، للمفارقة الذي سبق وأن رفضه الشارع المصري، غير أن أسياد المعارضة الجدد أعلنوا الاتفاق على تنفيذ التعهدات الواردة في كلمة مبارك وتشكيل لجنة وفاق للقيام باصلاحات دستورية وتشريعية في غضون شهر، واتاحة الحرية لوسائل الاعلام وانهاء العمل بقانون الطوارىء.

حتى هذه اللحظة قضت خطة المجتمعون بالاتفاق على عدم ترشح مبارك لفترة رئاسية جديدة، وتحقيق انتقال سلمي للسلطة وفقا لاحكام الدستور، واجراء تعديلات دستورية تشمل المادتين 76 و77 وما يلزم من تعديلات دستورية أخرى تتطلبها عملية الانتقال السلمي للسلطة، وملاحقة الفاسدين، والتحقيق مع المتسببين في الانفلات الأمني الذي أعقب انتفاضة الشباب طبقا لأحكام القانون، وذلك كله يشكل حسب الاعتراف الرسمي المصري استجابة لثمانين بالمائة من مطالب المظاهرات.

لكن التظاهرة التي انطلقت لمواجهة التوريث، نجحت حتى اللحظة في استبدال وجه مبارك بسليمان، ورغم محاولة اقتناص الاعتراف بشرعية حركة 25 يناير، إلا أن رموز تلك المعارضة سقطت في شرك التوافق على اسم سليمان الذي رفض دعوة قوى المعارضة وممثلي شباب 25 يناير بتفويض الرئيس مبارك جزء من صلاحياته اليه، الأمر الذي يعلم جيدا أنه لن يحصل عليه.