بدا أمس، أن نظام الرئيس الليبي معمر القذافي يسير على خطى نظامي حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس، بعدما اتسعت رقعة انتفاضة 17 فبراير/ شباط، التي انطلقت من مدينة بنغازي في شرق البلاد، إلى مختلف محافظات الجماهيرية، لتصل مساءً إلى العاصمة طرابلس، وهو ما واجهته أجهزة القذافي بمجازر وحشية، أودت حتى الآن بحياة المئات من المواطنين الليبيين، ودفعت بسيف الإسلام القذافي إلى مخاطبة الليبيين بخطاب متلفز خيّرهم فيه بين ’الحوار’ و’الإصلاح’ وبين ’الحرب الأهلية’ و’آلاف القتلى’ و’انهار من الدماء’... وعودة الاستعمار، معتبراً أن ليبيا ليست تونس أو مصر، وأن جميع الليبيين أصبحوا قادرين على الاحتكام إلى السلاح.

و بلغت الانتفاضة الشعبية الأكبر في وجه معمر القذافي، نقطة اللاعودة بين الشعب والنظام، مع سقوط مئات القتلى، معظمهم في مدينة بنغازي.

وقال القذافي الابن إن المنطقة تمر بعاصفة الثورات والتغيير والتحرر، وأنه ’في هذا الجزء من العالم لا بد أن يتحقق التغيير إن لم يكن من قبل الحكومات فسيكون من قبل الشعوب’، لكنه حذر من تداعيات أي محاولة لتكرار التجربتين التونسية والمصرية في ليبيا، قائلاً إن’هناك معارضين في الخارج، ولديهم أصدقاء وأعوان في الداخل، وقد بدأوا بتقليد ما حدث في مصر وتونس، مستخدمين ما يسمى بثورة ’الفيسبوك’، واستغلوا حادثة السفارة الإيطالية في بنغازي (التظاهرات الشعبية يوم الخميس الماضي)، لينفذوا فتنة انفصالية تهدد الوحدة الوطنية لليبيا كأمة ودولة’.

وتحدث القذافي عن ’مخططات خارجية’ لتقسيم ليبيا والاستيلاء على ثرواتها، مشيراً إلى أن قوات الأمن ألقت القبض على العشرات من ’إخواننا العرب’، وأن ’العمالة العربية والأفريقية في بلادنا قد جرى استخدامها من قبل أثرياء ورجال أعمال لتنفيذ هذا المخطط’.

كما حذر من محاولات للانفصال سواء في بنغازي ’حيث يستعد البعض لإعلان حكومة هناك’، أو في البيضاء ودرنة ’حيث أقيمت إمارات إسلامية’، في الوقت الذي ’يشرب العرب القهوة والشاي ويضحكون عندما يشاهدون كيف نخسر بلادنا’.

وكرر القذافي أن ’ليبيا ليست تونس ولا مصر’، موضحاً أن ’الجميع مسلح’ وأن ’هناك مدنيين وحشاشين أصبحوا يقودون دبابات’ في الشوارع. كما أكد أن معمر القذافي ’ليس حسني مبارك ولا زين العابدين بن علي’ لأنه ’ليس رئيساً تقليدياً بل هو زعيم شعبي’، مشيراً إلى أن مئات آلاف الليبيين وكذلك الجيش سيحمونه حتى آخر قطرة دم.

مندوب ليبيا في الجامعة العربية يستقيل

إلى ذلك، قدم مندوب ليبيا الدائم لدى جامعة الدول العربية أمس الأحد استقالته احتجاجا على تعامل السلطات الليبية مع المحتجين في الاضطرابات التي تشهدها البلاد حاليا.

وفي اتصال هاتفي مع وكالة الانباء الالمانية (د.ب.ا) من القاهرة قال المندوب الليبي عبد المنعم الهوني ’انه بعث باستقالته الى الزعيم الليبي معمر القذافي وانه لم يتلق ردا على الاستقالة من القيادة الليبية نظرا لانشغال القذافي بعمليات قمع المتظاهرين’.

وقال الهوني ’انه يقال ان القذافي في حالة عصبية شديدة وان هذا مانقله لي المقربون من القذافي’.

ومن جانبها، قالت جامعة الدول العربية انها لم تتلق من وزارة الخارجية الليبية ما يفيد باستقالة الهوني.

ودعت الجامعة إلى الوقف الفوري لكافة أعمال العنف وعدم استخدام القوة ضد المظاهرات السلمية في الدول العربية التي تشهد مظاهرات احتجاجية للمطالبة بإصلاحات سياسية.

وأعربت عن مشاعر الحزن والأسى الشديدين لسقوط الضحايا الأبرياء الذين تناقلت وسائل الإعلام أنباءهم في كل من ليبيا والبحرين واليمن.

وفي بيان أصدرته أمس بمقرها في القاهرة، قالت الجامعة إنها تتابع ببالغ الاهتمام المظاهرات الشعبية الجارية في العديد من العواصم والمدن العربية.

وفرضت السلطات الليبية تعتيما كاملا على ما يدور في البلاد ومنعت دخول صحافيين أجانب وقيدت تحرك المراسلين داخل ليبيا وعملهم في المدن المضطربة، فاكتفى المراسلون بالأخبار الرسمية أو النقل عن شهود عيان في عين المكان انطلاقا من طرابلس.