الكاتب : سها مصطفى

ليس أكثر إثارة للسخرية من تبادل الفضائيات العربية لذلك السؤال الغبي: ماذا يحدث لو استيقظت إسرائيل ووجدت على حدودها دولة إسلامية؟

سؤال للتعمية، يوحي بأن مابين إسرائيل والأنظمة الإسلامية عداء تاريخي، تلك النظرية يسقطها قاسم مشترك مابين تلك الدول وإسرائيل وهي ’أحادية الدين’، فكما إن إسرائيل دولة تقوم على أسس دينية ’يهودية’، تلك الدول النقيضة أو بالأحرى الرديفة ’الإسلامية’ ستقوم على أسس دينية ’إسلامية’ بدورها، تشرعن وتبرر الوجود الإسرائيلي في المنطقة، في جملة من الدول الطائفية التي تمد عمر إسرائيل حتى إشعار آخر، لذلك لطالما كانت التعددية الاثنية والفكرية التي يتمتع بها لبنان ولا زالت موضع استهداف إسرائيلي، وبدورها سوريا التي تعد خط حماية للداخل اللبناني بتعدديته هذه وبتعدديتها.

والعلاقة الحميمية مابين الولايات المتحدة ’عراب إسرائيل في المنطقة’ والإسلام يؤرخ لها جون فوستر دالاس وزير خارجية آيزنهاور عندما كتب له معلنا:الشرق الأوسط يقوم على بحر من النفط والإسلام، لعل من تلك العباءة خرجت أكثر الحركات أصولية في تاريخ الإسلام كالوهابية في مصر والسعودية قديما والقاعدة مؤخرا...

والثورات التي بدا الفيس بوك على وشك تصديرها، لم تعد تمتلك الوجه الذي قدمته ثورة تونس ومصر، في حالتها السورية هذه، أمام تحولها لحالة من التجييش والشحن المذهبي، الفيس بوك بدا سلاحا ذو حدين، المواقف والأحداث التي دارت في دمشق مؤخرا منذ أحداث تونس، بدت أنها موضع اختبار، أمام اسكتشات مختلفة بثت عبر الفيس بوك، مفبركة بعضها يحاول الإيحاء بتعرض شخص يبدو كرجل الأمن لسيدة محجبة تهتف بشعارات معارضة، الكليب الأخير الذي بثته قناة النيو تي في للمفارقة فاضح في حالة استغباءه المتلقي والمشاهد، فلا يعقل ان لا تكاد تصرخ سيدة محجبة تضع النظارات الله سوريا حرية وبس، حتى يهاجمها رجل لا نرى وجهه ويضع نظارات تخفي وجهه ’لانعلم لماذا يخفي وجهه ولانرى سوى ظهره’، لتصرخ السيدة بمنتهى ’المياعة’ والتصنع :بس ياكلب، وكأنها تتعرض لتلطيشة في أحسن الأحوال!

غير أن السيناريو الذي ياتت تسير على وقعه الفيس بوك بات أكثر انكشافا، مع العلاقة المتعدية بين الاعلام والفيس بوك، فالفضائيات ستعتمد على كليبات تختلط احداثياتها مابين جثث ضحايا القذافي وعناوين درعا، وشعارات لمسيرات مؤيدة للسلطات السورية وضعت تحت عنوان معارض للسلطات السورية على شاشات الفضائيات، واستضافات بهدف تدويل الازمة السورية لشخصيات فقدت كل مصداقيتها كرئيس تحرير محطة الشام الداعي لسيناريو تدخل اجنبي في دمشق كما في ليبيا!

ماذا ايضا، البي بي سي ستفتح اثيرها لشخصيات افتراضية بأسماء وهمية على انهم شهود عيان مثل ابو عمار وابو عمر وغيره!

مترافقة مع بث صور لحرق تماثيل وصور تذكرنا بسيناريو الحرب على العراق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل والديمقراطية، الأخيرة التي للمفارقة سحلت عند تظاهر العراقيين ضد الحكومة العراقية مؤخرا دون أن تتبنى الفضائيات نفسها تلك التظاهرات أو تغطيها!

كل تلك الاحداث ومن ضمنها خطاب القرضاوي الطائفي تجاه دمشق سيجيب مرة أخرى عن ذلك السؤال الغبي’ماذا يحدث لو استيقظت إسرائيل ووجدت بجوارها دولة إسلامية’، الذي تجير تحته مختلف التظاهرات الخارجة من جوامع بشعارات تدعي الإسلام وتدعي الحرية!