الكاتب : سها مصطفى

لا تخشى المصارف العامة من نظيراتها الخاصة، القاعدة الاخيرة تبدو موضع بحث أمام تسجيل مدخرات السوريين الى حاجز 850 مليار ل س في المصارف بشقيها العام والخاص على شكل ودائع، ودائع ضلت طريقها للاستثمار! لا خوف من المصارف الخاصة، هكذا سيجيب موظفو المصارف العامة، مستندين في ذلك إلى عصر ذهبي، شكل لهم قاعدة صلبة في السوق المصرفية السورية، لكن القاعدة الأخيرة تغيرت معطياتها إلى حد ما خلال فترة قصيرة من الانطلاقة الصاروخية للمصارف الخاصة، في أسواق أحكم القطاع المصرفي العام قبضته عليها في عهد مضى.

فبعد 40 عاما من القبضة الحديدية للقطاع المصرفي العام جاءت المصارف الخاصة وبعد أكثر من سبع اعوام على افتتاح اول مصرف خاص في سوريا، غير أن قواعد السوق بدأت تختلف، أمام تطورات فرضتها الاحداث المتسارعة في الداخل السوري وخارجه، وعلى الرغم من تمكن المصارف الخاصة الـ14، وبينها 3 اسلامية، مع 6 مصارف عامة، ان تحقق ارقاما هامة مع تجاوز قيمة الودائع لدى المصارف المحلية 1,1 تريليون ليرة سورية ’ 21,6 بليون دولار’ خلال العام المنصرم، إلا أن الخدمات التي تقدمها المصارف الخاصة تجعلها تكاد تتفوق على المصارف العامة.

الاخيرة تبدو عاجزة عن مواكبة السوق ومتطلباته مع المعلومات المتسربة عن حجم القروض التي بلغ سقف بعضها حاجز ’400’ مليون ل س بهدف دعم المشاريع الصناعية، اضافة الى مزايا أخرى تتمتع بها هذه المصارف لجهة انعدام الروتين والبيروقراطية، واعتمادها الرئيس على خدمات الصيرفة بالتجزئة التي تميزت بها، كما في مجال خدمات بطاقات الدفع بالقطع الأجنبي، لتغطي المصارف الخاصة في ذلك مجالاً لم تستطع المصارف العامة على مختلف انواعها وتخصصاتها تغطيته.

غير أن خبير اقتصادي يرى أن هذه المصارف الخاصة التي بدت لوهلة على أنها ستنقذ العمل المصرفي، تعاني اليوم من فوائض لاتعرف كيفية توظيفها، المدخل الاخير يبدو نقطة انطلاق الاستثمار في سوريا واستقطاب ودائع المغتربين، امام اغلاق الاسواق الخليجية واستنكافها مؤخرا، بكل مابات يحمله رأس من توظيفات بمضامين سياسية مختلفة لكنها بالنتيجة غير مضمونة’.

عودة القطاع العام مصرفيا

في السوق المصرفية الحديث يدور منذ زمن عن مشروع يدرس لدمج بعض المصارف العامة، بهدف خلق عملاق مصرفي لجهة ضخامة رأس المال، بخاصة بعد ورود كل من المصرفين التجاري والعقاري ضمن قائمة أقوى مئة مصرف عربي في تقرير مجلة اتحاد المصارف العربية، مايعني توسع أبواب المنافسة من جهة ومن جهة أخرى ربما عقبات منتظرة في وجه القطاع المصرفي العام امام العقوبات التي سنتها الولايات المتحدة على سوريا.

القاعدة الاخيرة على وقع التطورات السياسية ستجعل من الاستثمار الخليجي مرتهنا بإشارة من واشنطن، وهو رأس مال يفضل البعض عدم المغامرة بالتعويل عليه من جهة، ومن جهة أخرى تنتظر السوق المصرفية مجالا استثماريا للتوظيفات بدلا من سياسة تراكم الودائع والتخمة في كلا القطاعين العام والخاص...وحتى تحول وبحث بعض المصارف الخاصة عن توظيفات لودائعها في المصارف العامة.

نبيل خوري ’خبير اقتصادي’ يبين لسوريا الغد أن ’المصارف بطبيعتها لا تنفذ استثمار وانما هي تمول مستثمرين، العامة بمختلف تسمياتها بدأت بتمويل المشاريع الاستثمارية المتنوعة من صناعية وخدمية وسياحية، متل التسليف وتوفير البريد مثلا، حتى التجاري السوري ساهم في تمويل مشاريع عامة وخاصة، أما بداية عمل المصارف الخاصة بسوريا بدأت بتمويل صفقات تجارية وبعض تجار موثوق بهم ومؤخرا من 3 سنوات بدأت بتمويل مشاريع استثمارية’.

لافتا الى أن ’المكاتب الاستشارية والوعي الاستثماري، الناس توظف مالها بفكر استثماري وهناك من لايملكه، والمفترض ان يكون هناك مكاتب استشارية مالية تقدم خدمات مالية ومشاريع استثمارية للمستثمرين تقدم لهم ماهية الفرص المتاحة وعائديتها ومخاطرها، سواء كان الاستثمار ورقي ’اسهم وسندات الخزينة في البورصة’، او مادي في مشاريع انتاجية وخدمية، ونظرا لعدم توفر لسوق الاوراق المالية سابقا في السنوات الماضية بدأت البورصة وبدأ فيها ضخ استثماري ويتطلب وقت ووعي من الناس لايداع مدخراتهم واعلام مواكب يوضح مزايا هذه الاستثمارات’.

اما العقوبات الغربية على سوريا من الاتحاد الاوروبي فيقول خوري ’لايزال وضعها ضبابي لجهة اثرها على المصارف وما اشيع عن مصرف الاستثمار الاوربي، لكن هناك ضغط غربي لفرض عقوبات اقتصادية لايقاف المنح والمساعدات القادمة من الامم المتحدة، لكن موفد الامم المتحدة بدمشق اكد ان المشاريع في دمشق لاتزال قيد التشغيل ولا ايقاف لأي منها’.

جدير بالذكر أنه بلغت فيه موجودات المصارف الخاصة نحو 495 مليار ليرة سورية، مقابل 378 مليار ليرة في العام 2008، أي بنمو نسبته 31%، ونمو صافي الإيرادات في 2009 بنسبة 32% لتصل إلى 11.1 مليار ليرة مقابل 8.5 مليار ليرة في العام السابق، وتراجع الأرباح الصافية بنسبة 2% في 2009، وبلوغها 2.557 مليارات ليرة خلال العام 2009 مقابل 2.621 مليار ليرة في العام 2008.