الكاتب : سها مصطفى

بينت مصادر في وزارة الاعلام لسوريا الغد أن الوزارة تعكف على ’صياغة قانون للاعلام لافتة إلى وضع أفكار أولية’، دون أن تنسى التنويه إلى أن ’القانون عند إنجازه سينشر على موقع التشاركية’.

وينتظر السوريون قانونا للإعلام يستجيب لمتطلبات المتغيرات التي تشهدها دمشق، ليحل بديلا عن قانون للمطبوعات لايشمل المرئي والالكتروني، الأخير الذي كان نصيبه قانون الـ’تواصل مع العموم’ والذي لم يبصر النور بدوره.

وعلمت سوريا الغد أن الوزارة أنجزت في وقت سابق قبل اندلاع الأحداث قانون للإعلام مؤلف من عشرين صفحة ومع تحويله لأحد المختصين أضاف 50 صفحة من الملاحظات على القانون الأخير.

بخصوص سانا ...

وينتظر من القانون تلافي الثغرات التي خلفها مرسوم ترخيص الإذاعات الخاصة المؤلف من صفحة واحدة، وأيضا تحديد الجهات المعنية بمتابعة العمل الإعلامي، و رفع حالة الوصاية الصادرة بقرار عن رئيس مجلس الوزراء السابق محمد ناجي العطري بقصر الأخبار السياسية المحلية على وكالة سانا وحصرها بها.

المعطيات الأخيرة تحطمت مرتين الاولى في عام 2005 مع الحملة التي تعرضت لها دمشق إثر اغتيال رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أمام خروج الإذاعات السورية عن قرارات المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 2002 والناص على الترفيه والارشاد والبرامج الموسيقية والغنائية والإعلانات، بتحول مختلف المحطات الإذاعية الى منابر لحملة مضادة تتداول الأخبار السياسية وتناقشها، المتحول الأخير غدا ثابتا مع نهاية الحملة الاعلامية، لكنه عاد وانفجر مجددا أمام الأحداث التي تشهدها سوريا اليوم.

لتكتشف دمشق أنها تواجه ترسانة إعلامية عربية وغربية، لايتجاوز العتاد السوري الإعلامي إزائها سوى ثلاث محطات فضائية رسمية وفضائية واحدة خاصة، الأخيرة ’الدنيا’ حصلت على الترخيص وفضائية ’المدينة’ من أصل 15 طلب ترخيص يستقر في أدراج مديرية الاذاعات والفضائيات في الوزارة الى اليوم، وكذلك الاذاعات الخاصة التي استقر منها 14 محطة من أصل 560 طلب قدم لوزارة الاعلام للترخيص لدى صدور المرسوم.

يوسف: مع احترامي لـ....سانا

سامر يوسف مدير محطة شام اف ام الإذاعية، يستغرب عدم دعوة ممثلين عن الاذاعات الخاصة للمشاركة في اللجنة التي ألفتها وزارة الاعلام لوضع القانون، ويقول’ لم يدعنا أحد للمشاركة باللجنة ولم يسألنا أحد عن رأينا’، وبدبلوماسية يعول مدير فضائية شام على ’دور طالب قاضي أمين في اللجنة الذي سبق له أن تسلم ملف الاذاعات الخاصة في الوزارة، على أن يتجرد الأخير من دوره الرسمي الأسبق كمعاون وزير اعلام وأن يتناول القانون من زاويته كإعلامي’.

يضيف’اليوم يفترض بالقانون العمل على تنظيم العمل الاذاعي والاعلامي وعدم وضع مختلف المحطات في سلة واحدة، سواء كانت تمتلك كادرا ضخما معروفا بخبراته وإعلاميوه من سنوات عدة، أو كانت محطة سخيفة بلا لون أو طعم أو رائحة’، لافتا إلى أنه ’في كل دول العالم يتوفر إذاعات فئة أولى وفئة ثانية’، يستدرك يوسف موضحا أنه لايقصد بقوله الإذاعات من الفئة الثانية شيء من الفوقية وكأن هذه الإذاعات هي ’بنت البطة السودا’ كما يقال بالعامية!

لكنها والكلام ليوسف’إذاعات لها مجال تخصصها ولن تكون في مقام الإذاعات من الفئة الأولى التي تتضمن الأخبار والاقتصاد والتي هي بأتم الجاهزية بكوادرها لتناول مختلف القضايا على عكس باقي المحطات كما يحدث اليوم’.

دون أن ينسى ’يوسف’ رفض مرجعية سانا للأخبار محليا، ويقول’قمة التخلف إنتظار أخبار سانا وهذا ليس لضعفها، وانما لأن أخبارها تتأخر 12 ساعة حتى تنشر، في الوقت الذي تبث فيه كل الفضائيات مباشرة، فيما تخضع سانا لسلسلة من التراتبيات والروتين التي تتخذها لنشر الخبر لكونها وكالة رسمية تمثل الدولة، أما نحن قطاع خاص ولا نمثل الدولة’، وعلى قاعدة الخطأ مسموح والعتب مرفوع يضيف’لا مشكلة في أن نخطىء كقطاع خاص وبالنتيجة كل محطة تبني مصداقيتها’، أما حصر الأخبار بـ’سانا، فيعني أننا أصبحنا مملين وأننا أصبحنا نسخة واحدة كإذاعات عن التلفزيون السوري وسانا، وبالتالي لا داع لوجودنا’!

وكانت فضائية شام اف ام قد منعت في وقت سابق من وضع الشريط الاخباري على بثها الفضائي ليعود اليوم مجددا.

العربية للإعلان : نحن هنا

غير أن معاناة الإذاعات السورية والمطبوعات والفضائيات تحمل شقا اقتصاديا وشقا إعلاميا، من خلال العلاقة التاريخية مع مؤسسة الإعلان التي سبق لرئيس تحرير جريدة الوطن السورية الخاصة وضاح عبد ربه بوصفها بـ’مؤسسة حصر صادرة بقرار عسكري في عام 1963’.

الدكتور عربي المصري’أستاذ في كلية الإعلام’ يبين لسوريا الغد أن أحد الكوارث والمزايا في الإعلام السوري أنه يرخص لمؤسسة وليس لمطبوع، لكنه يوضح ’الكارثة تكمن في أنني كتاجر إن فتحت ’دكان’ أدفع نسبة معينة من الضرائب للدولة، فيما تدفع المؤسسات الاعلامية الضرائب للدولة إضافة لمؤسسة الإعلان تصل إلى 25% من دخلها، ولاتدفع أي مؤسسة تجارية في العالم هذه الضرائب المزدوجة’، يضيف’ المشكلة أن المؤسسة ’العربية للإعلان’ تأخذ عمولتها من كل إعلان دون أن تقدم أي خدمة’.

غير أن المصري لن يعفي القانون والمستثمر من ضرورة ’التمييز بين المادة الإعلامية والإعلانية، كالمقابلات المأجورة لتسويق شخصية ما يتيبن فيما بعد أنها فاسدة، يعد نوع من الفساد الإعلامي وخداع الجمهور والتلاعب به، والتحايل عليها يوقعنا في مشكلة غير أخلاقية’، لافتا إلى أننا كـ’جمهور غير قارئ وسطيا وفي ظل القوانين التي جاءت بعد انقطاع إعلامي طويل ومن عهد قطاع حكومي إعلامي، لا زلنا نقبع في ثوب إعلامي حكومي رغم تعدد الاتجاهات الإعلامية اليوم’.

محجوب أو ...خارج نطاق التغطية

في الوقت الذي يصلي فيه السوريون صلاة الغائب على الفضائيات السورية بعد الحادثة الشهيرة لفضائية شام التي انتهت بإغلاقها مع بث أول نشرة أخبار، يميز المصري بين نوعين من الرقابة في سوريا، رقابة بعدية خاصة بالمطبوع وقبلية خاصة بالمسموع والمرئي، يقول’رغم ذلك هناك أكثر من مطبوعة حجبت دون تبرير من وزارة الإعلام، علما أن للناشر حق مقاضاة الوزارة في حال عدم توضيح الحجب بموجب القانون و وفق عقوبة محددة’.

وحجبت عشرة أعداد من صحيفة بورصات وأسواق في عام 2008 فقط، وذلك لتطرقها لقضايا فساد على ذمة رئيس تحريرها عبد الرزاق دياب.

ويقول المصري ’الجميع اليوم يستطيع إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتأسيس مواقع الكترونية، واليوم القانون يجب أن يحمل روح تغيير حقيقي بمعنى أنني لست من اسمح بالترخيص وانما أرسل إخبار بوجود الموقع الالكتروني مثلا المتخصص بشأن ما والقائمين عليه، بحيث في حال وجود إساءة للقانون العام للوطن من قذف وشتم وتشهير يمكن تحديد المسؤولية، والقانون لايفهم ضمن إطار السماح والمنع وانما السماح ولكن ضمن ضوابط’.

ولا يتضح مالخطوات التي سيتجه نحوها قانون الاعلام المنتظر لجهة توفير مدينة اعلامية وبنية تشريعية مناسبة، علما أن مدير فضائـية شام المخرج مأمون البني سبق له وأن تقدم منذ عشر سنوات عندما كان مستشارا لوزير الإعلام الأسبق أحمد الحسن بـ’دراسة عن المدينة الإعلامية ومهرجان تلفزيوني’ غير أن كل من المشروعين لم يبصرا النور.

إلغاء الوزارة وهيئة اهلية بديلة

اليوم وفي خضم الحملة الثانية ضد سوريا، الإعلام لم يعد مجرد تابع تفرد أوراقه في ساحة الوغى و’تضبضب’ تباعا مع انتهاء قعقة السلاح، اليوم دمشق تشهد حربا ضروسا، لاينفع فيها مجرد سماح ’شفهي’ ببث نشرات الاخبار ويمنعها بلحظة كما حدث مع محطة شام الفضائية وغيرها.

نهلة العيسى ’استاذة في كلية الإعلام’ تنادي بإلغاء وزارة الاعلام بضربة واحدة لإحداث تغيير يستند للمعطيات التي فرضها الحدث على الشارع السوري، وتقول’صيغة الإعلام لم تعد تتلاءم مع متغيرات العصر وأهمها متغيرات العمل الاعلامي والبديل مجلس أعلى للإعلام’.

تضيف’مجلس يضم المؤسسات الاعلامية العاملة الخاصة والعامة، في إطار تنافسي وقانوني يشكل الصيغة الافضل للوطن، والقانون عليه ان يتضمن توفر نوع إعلامي جديد وهو الـ(نيوميديا) والمسمى خطأ لدينا بالإعلام الإلكتروني، وإتاحة حرية التعبير ضمن ضوابط معينة، وكذلك إنشاء وترخيص وسائل الإعلام بمختلف انواعها’.

الثابت والمتحول

عيسى التي تقيم أداء الإعلام السوري وتصفه بالمتواضع في خضم الحملة على سوريا، تعتبر أن أداء الكوادر البشرية بحاجة لإعادة نظر من حيث التدريب والتأهيل، وحتى البنية وتداعيات هذه الوسائل وارتباطها بالخطاب الرسمي، وتقول’الأزمة عرت واقع الإعلام السوري، ونحن اليوم نريد إعلاماً وطنياً، وأنا ممن يدعون لرفع يد الدولة عن الإعلام، فالخطاب الرسمي مستقر منذ سنوات وهو خطاب ينتمي لحزب واحد، أنا أريد للإعلام أن ينتمي للوطن بانتقال تبعيته من الرسمية إلى الوطنية’.

من جهة أخرى يشير عربي المصري إلى أن المطلوب اليوم ’مؤسسات أهلية كإتحاد للمحررين السوريين أسوة بباق دول العالم’، ويقول’إتحاد الصحافيين هو مؤسسة حكومية، وأنا أستاذ في كلية الإعلام ولا يحق لي العضوية العاملة في الاتحاد لأنني أعمل في القطاع الخاص لذلك اعتبر عضو مشارك، ولا استفيد من اية تعويضات أو حسومات، في الوقت الذي يستفيد منها مثلا سائق مركبة توزيع الصحف لكونه يعمل في مؤسسة اعلامية رسمية’!

لافتا إلى أن ’تطوير اتحاد الصحافيين هو جزء من تطوير الإعلام وكذلك مراعاة حقوق الصحافيين في القطاع الخاص’.

جدير بالذكر أنه سبق لمجموعة من الإعلاميين أن تقدموا بطلب ترخيص جمعية أهلية تكون بمثابة اتحاد صافيين خاص دون أن يحصلوا على الموافقة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي لم توضح سبب عدم الترخيص.