الكاتب : حسان عبه جي
اتجه الحدث امس نحو حماه، متجاوزا كل الخبار الأمنية المتعلقة بمدينة الرستن أو غيرها، وفيما تحدثت المصادر السورية الرسمية عن عشرة آلاف متظاهر، فإن تفاصيل ما حدث مازالت غير واضحة، رغم أن البعض يتحدث عن آلية مشابهة لما حدث في ريف دمشق في الجمعة التي سبقت عيد الفصح، فريف حماه دفعت بالمتظاهرين للدخول إلى المدينة، وحسب بعض الأنباء فإن أعمال الشغب تطورت بشكل سريع وأدت لسقوط ضحايا.
وكان اللافت هو حجم الروايات التي تم تناقلها عبر "النشطاء" او شهود العيان، حيث تحدث البعض عن مهاجمة المتظاهرين لرجال الأمن بـ"الأسلحة الشخصية"!! دون توضيح لنوعية هذه الأسلحة أو حتى لطبيعة المواجهة التي تمت، على الأخص ان بعض المباني الحكومية تعرضت لتخريب واسع بإجماع مختلف المصادر.
والواضح أن انتقال حركة التظاهر المتنقلة بات في منطقة حماه تحمل شكلا مختلفا، على الأخص أن "البحث" عن مدينة كان غاية واضحة لدى معظم المتظاهرين، ووفق سير الحدث فإن بعض المدن التي انتقلت إليها التظاهرات لم تنتشر فيها على شكل احتجاجات، بل قفزت مباشرة باتجاه عمليات الشغب والتكسير والعنف، وبغض النظر عن الأسباب التي يقدمها كل طرف عن "العنف"، لكن دخول حركة الاحتجاج إلى مدن بهذه الطريقة تقدم مؤشرين:
الأول أن المدن لم تكن تحمل في داخلها أي تكوين لحراك سياسي واضح المعالم، وهو ما يفسر جانب واحد في محاولة انتقال التظاهر من الريف إلى المدينة وليس العكس كما في معظم حركات الاحتجاج العالمية، فأي حراك سياسي لبعض النشطاء كان يظهر بعد دخول المحتجين أو بتعبير آخر "اقتحامهم" للمدن.
الثاني ارتفاع وتيرة العنف لا يفسره سوى البحث عن سقوط ضحايا تؤجج حركة الاحتجاج في المدينة، فالمتظاهرون غير واثقين من إمكانية استمرار الاحتجاج على قاعدة سياسية، الأمر الذي يدفع إلى البحث عن صدام قوي مع الجهاز الأمني، فحسب بعض المصادر شهدت حماه مظاهرات مسائية طوال الأسبوع الماضي معظمها ينتقل من الريف إلى المدينة دون سقوط ضحايا، والسؤال لما يرتفع العنف يوم الجمعة وفي مناطق محددة؟ وإذا كان الجواب عن هذا السؤال معقد إذا تمت إحالته إلى التفاصيل المتعلقة بحركة التظاهر، فإنه على الأقل يقدم صورة واحدة للرغبة في تفجير العنف ضمن يوم الجمعة الذي يعتبره البعض رمزا لما يجري بسورية.
ووسط هذه الأجواء فإن مسألة الحوار الوطني مازالت غير واضحة رغم تشكيل الهيئة المكلفة بالتحضير لهذا الأمر، فالحدث الإعلامي سواء في إنطاليا أو حتى في حماه أمس ربما أصبح عاملا في مسألة البحث عن الطرف الآخر بالحوار، على الأخص أن مسألة الحراك السياسي باتت تشكل ضرورة لإيجاد أرضية حقيقية لأي حراك قادم، ورغم ان معظم المؤشرات لا تقدم أي صورة لحراك سياسي نوعي سواء على الصعيد الرسمي أو المعارض، لكن مؤتمر أنطاليا دفع بعض الأحزاب في الداخل السوري للتحرك ولو على خلفية اعتبار مؤتمر أنطاليا غير شرعي ولا يعبر عن المعارضة السورية، فهل نشهد في الأيام القادمة حراكا سياسيا مختلفا ومتطورا عن مسألة الاحتجاج؟ هذا السؤال يفتح الاستحقاق السوري الأساسي لأن ما يحدث يرسم صورة سورية مستقبلا سواء باتجاه تكوين معاصر أو البقاء على حالة التشويش الحالية.