الكاتب : حسين مرتضى

يتصاعد الدور الفرنسي في ما تشهده المنطقة العربية من احتجاجات، وتسعى فرنسا لفرض نفوذها عبر ركوب موجة التغيير التي تجتاح الحصون الأمريكية في العالم العربي، ويبدو أن السياسة الفرنسية خلال الأعوام العشر الأخيرة قد أثبت نجاحها في مقابل السياسات الأمريكية التي اعتمدت التدخل العسكري المباشر، في حين اعتمدت فرنسا على التدخل الاستخباراتي ودعم المعارضات "العربية" وبناء ثكنات متقدمة لها في الشرق الأوسط عبر مراكز الأبحاث والدراسات، في محاولة لإضعاف النفوذ الأمريكي في المنطقة والحلول مكانه، مستغلة الكره الشعبي المتنامي لأمريكا بسبب دعمها المباشر للكيان الصهيوني. وأحد أبرز الأدلة على ما قامت به فرنسا ولازالت هو لقاء الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في العاصمة البلجيكية بروكسل في العام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري والنقاش الذي دار حول ضرورة معاقبة سورية حيث رفض شيراك التدخل العسكري المباشر وقال لبوش: "دعنا نساعد لبنان، وبذلك نكون قد عاقبنا سوريا" مضيفا أن سوريا تمارس قوتها في بيروت، وإذا تم إخراجها من هناك يقوى لبنان، ويضعف النظام السوري.

الصحفي السعودي طارق الحميد، والمعروف بكراهيته المفرطة لمحور المقاومة، وفي مقاله "تحجيم إيران دون قتال!" المنشور في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ "الخميـس 23 يونيو 2011" كشف المخطط الذي أعدته الدوائر السوداء في الغرب، معتبراً حسب تعبيره "أن حكمة شيراك في لقاء بروكسل تفوقت على حماسة بوش، حيث حقق بالسياسة ما هو أفضل من تحقيقه بالسلاح"، وفي هذا الإطار يندرج أيضاً ما قامت به فرنسا من خلال دوائرها الاستخباراتية بالتواصل مع حزب العدالة والتنمية في تركيا، رغم العداء بين تركيا وفرنسا بسبب رفض الأخيرة الواضح والصريح لطلبات تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وكل ذلك في سبيل زيادة الضغط على سورية، وهو ما يكشف برغماتية النظام الحاكم في فرنسا، وأسلوبه الاستخباراتي في التعاطي مع تمر به المنطقة من أحداث.

لقد شكل انتقال فرنسا من العمل على المستوى الاستخباراتي إلى العمل العسكري في ليبيا خطوة خطيرة ما يدلل على أنها اليوم وبإصرارها على فرض عقوبات أممية على سورية، تسعى إلى تكرار السيناريو الليبي في سورية عبر تدخل تركي يؤمن منطقة عازلة في محاولة لتكرار نموذج بنغازي، ولكن وعي الشعب السوري وإصراره على السير خلف قيادته في منهجها الإصلاحي أفشل هذا المخطط.

أن ما كشفه الكاتب السعودي طارق الحميد، في زلة قلم لم ترض عنها أجهزة الاستخبارات الغربية، يؤكد للقاصي والداني أن ما يجري في سورية اليوم هو مؤامرة فرنسية بدأ التحضير لها منذ ما يزيد على الست سنوات، بعد فشل كل محاولات الضغط على سورية، وفي الوقت الذي تلعب فيه فرنسا الدور الاستخباراتي عبر عملائها في الداخل السوري وفي لبنان، تلعب تركيا الدور العسكري عبر تقديم الدعم اللوجستي للمسلحين، وتلعب قطر الدور الإعلامي عبر التزييف والتهويل والتضليل.

وفي مقاله لم يكتف الكاتب السعودي بالتحريض على سورية بل انطلق أيضاً في خطابه التحريضي نحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث كشف أيضاً أن المخطط الاستعماري لن يقف عند هذا الحد، ودعا الغرب في الفترة القادمة إلى تحريك الخلايا المتطرفة النائمة في إيران سعياً لضرب الاستقرار فيها، في خطوة تعتبر تحريضاً صريحاً ضد الشعب الإيراني، مؤكداً على ضرورة دعم الغرب لما يسمى بـ"الثورة السورية" ما سيضعف المحور المقاوم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من هو المستفيد الحقيقي من إضعاف محور المقاومة؟!!