من قطر وبعشم تركي توالت التحليلات السياسية التي أضفت على تركيا صفة التبريك والتطييب للحل السياسي في المنطقة، الحكومة القطرية ’قاطرة الإصلاح’ في المنطقة كما تروج لها فضائيتها، تولت جمع المعارضين جس نبضهم تمويلهم تلميعهم في مؤتمر وعرضهم، والخلاصة تصعيد سياسي من المعارضة السورية وكارت أخضر لتركيا للتدخل من قطر!
من ميشيل كيلو الذي ساق ما يشبه العتب على تركيا لعدم تدخلها، ذلك أنها ’الدولة الجارة، التي خال السوريون أنها هي التي ستتولى إدارة الأزمة عن قرب، فليست قادرة لأسباب عسكرية وسياسية داخلية على خوض حرب تدمر الجيش السوري وتسقط النظام، على فرض أنها راغبة في ذلك’، علما أنه في الحقيقة خيال السوريين لم يكن خصبا كخيال كيلو في تصريحه الأخير!
إلى حسين العودات الذي فند بتحليل ثلاثي أوجه مادعاه ’الدور التركي المباشر في الأزمة’، بتبني المعارضة السورية، ودعمها سياسياً، وإتاحة الفرصة لها كي تعقد مؤتمرات في مدن تركية، وتطلق تصريحات صحافية وتعقد اجتماعات لقياداتها، ولقاءات مع قيادات سورية معارضة أخرى’، وخلص بذلك إلى أن أنقرة باتت ’في الواقع الأرض الصلبة التي تتحرك فوقها المعارضة السورية’!
ولم يعترض العودات على أوجه التدخل التركي مكتفيا بالثناء والاطناب عليها، نافيا عنها أي شبهة اثنية، فتركيا استقبلت مايصفه بالـ’لاجئين السوريين’ الذين تعرضت مدنهم وبلداتهم الحدودية لـ’اجتياح الجيش السوري وقوات الأمن’ على حد تعبيره، ولاحظوا جيدا التسليم بالدور التركي ’وقامت ببناء مخيمات لهم (وأحياناً بنائها مسبقاً)، واستقبالهم ورعايتهم وربما تشجيع المواطنين السوريين في هذه البلدات على اللجوء..’.
فلا مشكلة ولا تساؤل مسبق لدى العودات عن سر التجهيز المسبق باعترافه!
وبارك العودات ’التحريض الذي مارسته أنقرة لدى أمريكا والاتحاد الأوروبي ضد دمشق’، فلا مانع لدى بعض المعارضين الوطنيين أن تكون سوريا مجرد صندوق للانتخابات التركية في أقل الأحوال سوءا، وسوقا لحلف الناتو والقواعد الأمريكية في تركيا في أكثرها!
ولم ينس العودات معاتبة العثمانيون الجدد على تراجع حماستهم الداعمة لما وصفه بالـ’الانتفاضة السورية’!
غير أن اللافت أن اليوم صمت المعارضين السوريين المطبق ينطلق من قاعدة الترقب الدولي، مابين زيارة أوغلو اليوم المحملة برسالة حاسمة، بعد أن أعلن معارضونا الأشاوس من قطر ’ياجيرة الله وجيرة أردوغان’!
وأيضا تصعيد عربي من الجامعة، و’فزعة’ خليجية على دمشق تمخضت عن تصريح من مجلس دول التعاون الخليجي، وتصريح آخر من الملك السعودي عبد الله الذي قفز فوق مظاهرات القطيف اليومية في مملكته، وفوق درع الجزيرة في البحرين ومفاعيله، وانتهى بدمشق داعيا للحكمة!
عدا عن الحكمة العربية التي بدأت بالتصعيد بعد إشارة أمريكية وانتهت بسحب ثلاثة سفراء وهذا للتشاور على حد تعبير حكوماتهم!
لا بأس ليست المرة الأولى التي تقف فيها دمشق وحيدة في مواجهة حملة سياسية هنا وحرب عسكرية هناك، ولا داع للتذكير بالمواقف العربية من عام 2005 وإلى اليوم فهي معروفة، كذلك نهايات الأزمة السابقة والحالية، ذلك أن دمشق تنبعث دوما كطائر الفينيق وستنتصر.