الوزير تيلرسون: شكراً. شكراً. شكراً جزيلاً.

حسناً، صباح الخير. أقدّر فعلاً فرصة المجيء إلى ستانفورد في طريقي من الساحل الغربي وبخاصة لمخاطبة هذه المجموعة. وأود أن أشكر ستانفورد ومؤسسة هوفر ومجموعة الدراسات الدولية على السماح لي بالتحدث إليكم هذا الصباح. أنا أعرف مؤسسة هوفر، وسبق أن ألقيت كلمات في البعض من فعالياتها في الماضي في خلال مسيرتي السابقة، وقد أنتجت باستمرار منح دراسية عظيمة مبنية على المبادئ، مما يجعل من الدعوات للحكومة التمثيلية، والمشاريع الخاصة، وحماية طريقة الحياة الأمريكية محور أنشطتكم وموضوعات هامة جداً نمضي وقتنا في معالجتها.

وفي هذا الصدد، لديكم بالتأكيد مؤيدة حقيقية في صفوفكم، ألا وهي صديقتي الدكتور كوندوليزا رايس، التي... لا أعرف إذا ما كانت تتحمل المسؤولية عن حضوري هنا أم لا، ولكنني... أحملها المسؤولية جزئياً على أي حال. و... ولكنني أقدّر نصيحة كوندي ومشورتها. عند استلام منصب وزير الخارجية، رحت أبحث عن دليل الإرشاد ولكنني لم أجد واحداً. كانت مصدر مساعدة وإلهام كبير لي.

وأودّ أيضاً أن أشيد بالمضيف المشارك الآخر، وهو أحد أكثر موظفينا الحكوميين تفانياً وموهوبة، أقله في القرن العشرين: الوزير السابق جورج شولتز. نعرف أنا وجورج بعضنا منذ وقت طويل أيضاً، وأنا معجب كبير بعمله.

وصلت لتوي من اجتماع وزاري في فانكوفر، ناقش فيه عدد من الدول كيفية تنفيذ حملة الضغط القصوى ضد كوريا الشمالية على نحو أفضل. لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها متحدين في مواصلة هذه الحملة حتى تتخذ كوريا الشمالية خطوات ذات مغزى نحو نزع السلاح النووي. لقد اتفقنا جميعاً – جميعاً – على أننا لن نقبل أن تكون كوريا الشمالية مسلحة نووياً.

وأتيت من فانكوفر بسرعة إلى هنا إلى كاليفورنيا. وأقدّر مساعدة الدكتور رايس في ترتيب ذلك لي في وقت قصير نوعاً ما. يشك البعض في واشنطن أنني فررت من سوء الاحوال الجوية اليوم لآتي إلى هنا، ولكنني مسرور بحضوري.

موضوع تصريحاتي اليوم هو التحدث معكم عن سبيل الولايات المتحدة للمضي قدماً في سوريا.

سأبدأ بأن أشرح لكم نوعاً من السياق التاريخي والسياسي الواسع لبعض المواقف الصعبة جداً التي تواجه الشعب السوري وتثير مخاوف مختلف القوى الدولية أيضاً.

ثم أريد أن أصف لماذا من الضروري لدفاعنا الوطني أن نحافظ على وجود عسكري ودبلوماسي في سوريا للمساعدة على وضع حد لهذا الصراع ومساعدة الشعب السوري فيما يرسم مساراً لتحقيق مستقبل سياسي جديد.

وأخيراً، أريد أن أفصّل الخطوات التي تتخذها هذه الإدارة لتحقيق سوريا مستقرة وموحدة ومستقلة، وخالية من التهديدات الإرهابية، وخالية من أسلحة الدمار الشامل.

ثم سأجري محادثة مع الدكتور رايس كما هو مبين.

منذ ما يقرب من 50 عاماً، عانى الشعب السوري من دكتاتورية حافظ الأسد وابنه بشار الأسد. طبيعة نظام الأسد خبيثة، مثل نظامه الإيراني الكفيل. وقد عزز ذلك إرهاب الدولة، ومكّن الجماعات التي تقتل الجنود الأمريكيين، مثل تنظيم القاعدة. وقد دعم حزب الله وحماس وقمع المعارضة السياسية بعنف. وتتضمن استراتيجية بشار الأسد الكبرى، إلى حد ما لديه استراتيجية أبعد من البقاء على قيد الحياة، استضافة بعض العناصر الإرهابية الأكثر راديكالية في المنطقة واستخدامها لزعزعة استقرار جيرانه. نظام الأسد فاسد، وقد استبعدت أساليبه في الحكم والتنمية الاقتصادية بشكل متزايد بعض المجموعات العرقية والدينية. وسجله في مجال حقوق الإنسان شهير بالسوء في مختلف أنحاء العالم.

لا يمكن أن يستمر هذا القمع إلى الأبد. على مر السنين، نشأ غضب كامن داخل البلاد، وانتفض العديد من السوريين وعارضوا حكم الأسد. وفي غضون أيام مما بدأ كمظاهرات سلمية اجتاحت سوريا في العام 2011، استجاب الأسد ونظامه لشعبه بالرصاص وأحكام السجن.

ومنذ ذلك الوقت، أصبحت قصة سوريا قصة كارثة إنسانية. لقد قتل ما يصل إلى نصف مليون سوري. وثمة أكثر من 5,4 مليون سوري لاجئ، و6,1 مليون مشرد أو نازح داخلي. تدمرت مدن عن بكرة أبيها نتيجة للنزاع بين قوات النظام والمعارضة، وسوف يستغرق إعادة بناء الأمة بأكملها سنوات.

لم تكن الجهود الأمريكية السابقة لوقف الصراع فعالة. وعندما استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه في العام 2013، متحدياً تهديد الخط الأحمر الأمريكي، دفع التقاعس الأمريكي النظام إلى مزيد من تجاهل أرواح المدنيين. وفي نيسان/أبريل من العام الماضي، ردت إدارة ترامب على استخدام الأسد لغاز السارين ضد المدنيين بصواريخ كروز دمرت 20% من سلاح جو الأسد. قمنا بذلك لتحطيم قدرة الجيش السوري على شن المزيد من الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وحماية المدنيين الأبرياء، وثني النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيميائية أو نشرها. تأخذ الولايات المتحدة على محمل الجد تهديدات الأسلحة الكيميائية، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح باستعمالها. وسنواصل السعي إلى تحقيق المساءلة والعدالة لضحايا ذلك الهجوم.

في العام 2012، بدأت القوات العسكرية التابعة لنظام الأسد تكافح بشدة ضد المعارضة المسلحة. وسرعان ما تعزز النظام من خلال مساعدة القوات المقاتلة المدعومة من إيران. ولكن على الرغم من هذه المساعدة، وبحلول آب/أغسطس من العام 2015، حققت قوات الثوار السوريين تقدماً كبيراً ضد نظام الأسد. خاف الأسد على بقائه، فناشد روسيا طالباً المساعدة، وهي حليفه منذ زمن طويل. تدخلت روسيا لإنقاذ النظام، وذلك عن طريق توفير قوة جوية متزايدة واستخبارات ودعم بالأسلحة إلى حد كبير.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2016، سقطت مدينة حلب الرئيسية في يد النظام بعد حملة وحشية دمرت تلك المدينة التي كان يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني شخص قبل الحرب. ورمز ذلك إلى تصميم النظام الذي لا يرحم على استعادة الزخم في الصراع. كما أدى إلى... ظن الأسد مخطئاً أنه سيحافظ على السلطة بدون معالجة المظالم المشروعة للشعب السوري.

كانت الحرب الأهلية في سوريا مروعة في حد ذاتها. ولكن وقعت سوريا في حالة من الاضطراب الإضافي مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو داعش. كانت تلك دولة إرهابية طموحة داخل حدود العراق وسوريا. أدى الصراع بين النظام ومختلف جماعات المعارضة التي تقاتل من أجل تغيير هيمنة الأسد على السلطة إلى تهيئة الظروف اللازمة للتوسع السريع لداعش في العامين 2013 و2014. وقد انبثق تنظيم داعش أصلاً من رماد تنظيم القاعدة في العراق الذي كان الأسد يدعمه بالسر. وتشير الأدلة إلى أنّ الأسد قد حرض أيضاً داعش من خلال الإفراج عن إرهابيين معروفين من السجون السورية وغض الطرف عن نمو التنظيم. استغل تنظيم داعش عدم الاستقرار وغياب سلطة مركزية في سوريا لإقامة ما ادعى زوراً أنها "الخلافة" وعاصمتها مدينة الرقة السورية. في نهاية المطاف، توسع تنظيم داعش ليمتلك في ذروته أراضٍ تساوي رقعتها رقعة المملكة المتحدة تقريباً، إلى جانب قوة قتالية كبيرة. ومع تدفق النقد من المصارف المنهوبة والسيطرة على حقول النفط في سوريا والعراق، كان تنظيم داعش يتمتع بمختلف العناصر للبقاء وشنّ هجمات على أراضي الولايات المتحدة وحلفائنا. اجتذب إنشاء دولة إرهابية جذرية الآلاف من الجهاديين من أكثر من 100 دولة، ودفع إرهابيين آخرين في مختلف أنحاء العالم إلى ارتكاب هجمات حيث يعيشون.

في أعقاب تصاعد داعش، فرّ الملايين من منازلهم وقراهم ومدنهم للتخلص من التطهير العرقي الذي كان يمارسه النظام الوحشي، مما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى البلدان المجاورة وأوروبا والدول الاسكندنافية. وبحلول منتصف العام 2014، كان لدى داعش قاعدة مستقرة من العمليات في سوريا، وتدفقات كبيرة للإيرادات لتمويل الهجمات ضد أهداف في الغرب وضد حلفائنا الإقليميين والتخطيط لها وإلهامها وتوجيهها. كان التنظيم يستخدم سوريا لبناء أسلحة كيميائية للاستخدام ضد شركائنا. وإدراكاً منها للقوة التدميرية للتنظيم الإرهابي المعزز، ركزت الولايات المتحدة على هزيمة داعش عسكرياً. وعلى الرغم من التهديد الذي يشكله داعش في سوريا، ركّز الأسد بدلاً من ذلك على محاربة المعارضة السورية، حتى مع الدعم العسكري الإيراني والروسي.

سياسة مكافحة الإرهاب التي يعتمدها ترامب بسيطة جداً، وهي حماية الأمريكيين في الداخل والخارج من هجمات الإرهابيين. ويتمثل أحد العناصر الأساسية لهذه السياسة بمنع التنظيمات الإرهابية والإرهابيين من تنظيم الأموال وجمعها، وتجنيد المقاتلين وتدريبهم، والتخطيط للهجمات وتنفيذها.

عندما استلم الرئيس ترامب منصبه، اتخذ إجراءات حاسمة للتعجيل بالمكاسب التي تحققت في سوريا والعراق. ووجّه وزير الدفاع ماتيس ليقدم في غضون 30 يوماً خطة جديدة لهزيمة داعش. وسرعان ما وافق الرئيس على هذه الخطة. ووجه باعتماد وتيرة عمليات من شأنها أن تحقق نتائج حاسمة بسرعة، وقام بتفويض سلطة أكبر للقادة الأمريكيين في الميدان، وأعطى قادتنا العسكريين مزيداً من الحرية لتحديد وتطبيق التكتيكات التي من شأنها أن تؤدي إلى هزيمة داعش على النحو الأفضل. واليوم، تم تقريباً تحرير كل الأراضي التي كان يسيطر عليها داعش في العراق وسوريا، أي ما يقرب من 98% من تلك الأراضي التي بلغت مساحتها في مرحلة ما مساحة المملكة المتحدة، ولم يتمكن داعش من استعادة متر مربع واحد من تلك الأراضي. وتم تدمير "الخلافة" المادية لداعش في "الرقة" في داعش، ولم تعد عاصمة الخلافة المحررة بمثابة مغناطيس لمن يأملون في بناء إمبراطورية إرهابية. وقد تم تحرير حوالى 3,2 مليون سوري و4,5 مليون عراقي من طغيان داعش. ويجدر الذكر أنّ أكثر من 3 ملايين عراقي نازح داخلياً قد عادوا الى ديارهم، وباتت الموصل، عاصمة الخلافة الثانية في العراق وإحدى أكبر المدن العراقية، خالية تماماً من داعش. وفي العراق، ولأول مرة منذ بداية الأزمة في كانون الأول/ديسمبر 2013، بلغ عدد العراقيين الذين عادوا إلى ديارهم أكثر من عدد الذين ما زالوا مشردين.

بينما نستعرض سوريا اليوم، نرى الصورة الكبيرة، وهي حالة تتسم أساساً بثلاثة عوامل:

تمت هزيمة داعش بشكل كبير، ولكن ليس بالكامل.

يسيطر نظام الأسد على نصف الأراضي السورية وسكانها.

تستمر التهديدات الاستراتيجية على الولايات المتحدة، ليس من تنظيمي داعش والقاعدة فحسب، ولكن من جهات أخرى أيضاً. وهذا التهديد الذي أشير إليه هو إيران بشكل أساسي.

كجزء من استراتيجية إيران الرامية إلى إنشاء قوس شمالي يمتد من إيران إلى لبنان والبحر المتوسط، عززت إيران بشكل كبير وجودها في سوريا من خلال نشر قوات الحرس الثوري الإيراني ودعم حزب الله اللبناني واستيراد قوات وكيلة من العراق وأفغانستان وباكستان وأماكن أخرى. ومن خلال موقعها في سوريا، باتت إيران في وضع يمكّنها من مواصلة مهاجمة المصالح الأمريكية وحلفائنا وموظفينا في المنطقة. وهي تنفق مليارات الدولارات سنوياً لدعم الأسد والحروب بالوكالة على حساب دعم شعبها.

وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال محنة ملايين اللاجئين السوريين والنازحين داخلياً أزمة إنسانية بدون حل. ويرتبط الوضع الكارثي بشكل مباشر باستمرار انعدام الأمن والحكم الشرعي في سوريا نفسها. لقد قام الأسد باستخدام الغاز ضد شعبه، وقصف قرى بأكملها وأحياء حضرية بالبراميل المتفجرة، وقوّض بشكل متكرر أي فرصة للتوصل إلى حل سلمي للخلافات السياسية. وتتواصل هذه الانتهاكات حتى يومنا هذا، كما يتضح من الإصابات المدنية الأخيرة في الغوطة الشرقية وإدلب. وما من وسيلة لتسهيل عودة اللاجئين الآمن والطوعي على نطاق واسع بدون حل سياسي.

باختصار، تبقى سوريا مصدراً لتهديدات استراتيجية شديدة وتحدياً كبيراً لدبلوماسيتنا.

ولكن ستواصل الولايات المتحدة مشاركتها في سبيل حماية مصالحنا الأمنية الوطنية.

ترغب الولايات المتحدة في خمس حالات نهائية رئيسية في سوريا:

أولاً، هزيمة داعش والقاعدة في سوريا بطريقة دائمة، وألا يشكلا تهديداً للوطن، وألا يبرزا بأشكال جديدة، وكذلك عدم استخدام سوريا مرة أخرى كمنبر أو ملاذ آمن للإرهابيين للتنظيم والتجنيد والتمويل والتدريب وتنفيذ هجمات على المواطنين الأمريكيين في الداخل أو في الخارج أو ضد حلفائنا.

ثانياً، حل الصراع الكامن بين الشعب السوري ونظام الأسد من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة، بحسب ما هو منصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأن تعمل سوريا المستقرة والمستقلة والموحدة تحت قيادة ما بعد الأسد كدولة.

ثالثاً، تضاؤل النفوذ الإيراني في سوريا وحرمان إيران من حلمها بإقامة قوس شمالي وتمتع جيران سوريا بالأمان من كل التهديدات المنبثقة عن سوريا.

رابعاً، نشوء الظروف التي تمكّن اللاجئين والمشردين داخلياً من العودة إلى سوريا بشكل آمن وطوعي.

خامساً، خلو سوريا من أسلحة الدمار الشامل.

تقوم إدارة ترامب بتنفيذ استراتيجية جديدة لتحقيق هذه الأوضاع النهائية. وتستتبع هذه العملية إلى حد كبير زيادة العمل الدبلوماسي في أعقاب نجاحاتنا العسكرية الجارية. وستتسم جهودنا الدبلوماسية بمبادرات لتحقيق الاستقرار وتشديد جديد على الحل السياسي للصراع السوري.

ولكن دعونا نكون واضحين. ستحافظ الولايات المتحدة على وجود عسكري في سوريا يركز على ضمان عدم ظهور داعش مرة أخرى. وستبقى مهمتنا العسكرية في سوريا قائمة على شروط. لا يمكننا أن نرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبت في العام 2011 عندما سمح الرحيل السابق لأوانه من العراق لتنظيم القاعدة في العراق بالاستمرار والتحول في النهاية إلى داعش. سمح هذا الفراغ لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية بإفساد البلاد ومنح داعش ملاذاً آمناً لتخطيط الهجمات ضد الأمريكيين وحلفائنا. لا يمكننا أن نسمح أن يعيد التاريخ نفسه في سوريا. بات تنظيم داعش في الوقت الراهن قريباً جداً من النهاية، وسينتهي بالكامل عما قريب من خلال الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي في سوريا حتى يتم تحقيق هزيمة كاملة وشاملة من داعش.

نحن نتفهم تشكيك بعض الأمريكيين في استمرار التدخل في سوريا وفوائد الإبقاء على وجود في بلد مضطرب مماثل.

ومع ذلك، من الحيوي أن تتابع الولايات المتحدة التدخل في سوريا لأسباب عدة: الأماكن غير الخاضعة للحكم، وبخاصة في مناطق النزاع، هي أراضٍ خصبة لتنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى. لم تنته المعركة ضد داعش بعد. ثمة عصابات من مقاتلي داعش قد بدأت بالفعل بشن تمرد. سنطاردهم مع الحلفاء ونقتلهم أو نقبض عليهم.

وبالمثل، يجب أن نبقى في سوريا لإحباط تنظيم القاعدة، والذي لا يزال يتمتع بوجود كبير وقاعدة عمليات في شمال غرب سوريا. وكما هو الحال في السنوات التي سبقت 11 أيلول/سبتمبر، تنظيم القاعدة حريص على إنشاء ملاذ للتخطيط لشن هجمات على الغرب وتنفيذها. وعلى الرغم من أنّ تنظيم داعش هو الجماعة الإرهابية التي سيطرت على العناوين الرئيسية في السنوات القليلة الماضية، لا تزال القاعدة تشكل تهديداً خطيراً، وهي تتطلع إلى إعادة تشكيل نفسها بطرق جديدة وقوية.

بالإضافة إلى ذلك، سيعيد الانسحاب الكامل للأفراد الأمريكيين في هذا الوقت للأسد زخمه ويواصل معاملته الوحشية ضد شعبه. لا يمكن لقاتل شعبه أن يولد الثقة اللازمة لتحقيق الاستقرار طويل الأجل. تحتاج سوريا المستقرة والموحدة والمستقلة في نهاية المطاف إلى قيادة ما بعد الأسد لكي تكون ناجحة. ومن شأن استمرار الوجود الأمريكي لضمان هزيمة داعش الدائمة أن يساعد أيضاً على تمهيد الطريق للسلطات المدنية المحلية الشرعية لممارسة الحكم الرشيد للمناطق المحررة. وسيهيئ رحيل الأسد من خلال عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة الظروف لإحلال سلام دائم داخل سوريا والأمن على طول الحدود لجيران سوريا.

سيتيح الانسحاب الأمريكي من سوريا لإيران فرصة لتعزيز موقفها في سوريا أكثر. وكما رأينا من حروب إيران بالوكالة وإعلاناتها العلنية، تسعى إيران إلى الهيمنة على الشرق الأوسط وتدمير حليفنا إسرائيل. وباعتبار سوريا دولة مزعزعة للاستقرار لديها حدود مع إسرائيل، فهي تمثّل فرصة وإيران حريصة جداً على استغلالها.

وأخيراً، اتساقاً مع قيمنا، تتاح للولايات المتحدة فرصة مساعدة شعب عانى كثيراً. يجب أن نعطي السوريين فرصة العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم. تخدم العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين المصالح الأمنية للولايات المتحدة ولحلفائنا وشركائنا. ولتخفيف الضغط الهائل لتدفقات اللاجئين إلى المنطقة المحيطة وأوروبا، يجب تهيئة الظروف اللازمة لهؤلاء اللاجئين لكي يعودوا إلى وطنهم بأمان وبصورة طوعية. وسيكون من المستحيل ضمان الاستقرار على أحد سواحل البحر الأبيض المتوسط وأوروبا إذا سادت الفوضى والظلم على الساحل الآخر، أي في سوريا.

وستقوم الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب مع حلفائها وشركائها، باتخاذ الخطوات التالية لتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا:

أولاً، مبادرات تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة ضرورية لضمان عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي وعدم عودة داعش إلى الظهور مرة أخرى. وتتألف مبادرات تحقيق الاستقرار من تدابير أساسية مثل إزالة الألغام الأرضية غير المنفجرة التي خلفها داعش، مما يسمح بإعادة فتح المستشفيات واستعادة خدمات المياه والكهرباء وعودة الفتيان والفتيات إلى المدارس. وقد أثبت هذا النهج نجاحه في العراق، إذ عاد ملايين العراقيين إلى ديارهم. ولكن في سوريا، على عكس العراق، ليس لدينا شريك حكومي وطني لجهود تحقيق الاستقرار، لذلك يجب أن نعمل مع جهات أخرى. وعلى هذا النحو، ثمة قدر كبير من الصعوبة بالنسبة إليهم. ومنذ أيار/مايو، نشرت الولايات المتحدة دبلوماسيين إضافيين في المناطق المتضررة في سوريا، وتعمل مع الأمم المتحدة وشركائنا في التحالف الدولي لهزيمة داعش ومنظمات غير حكومية مختلفة.

يبني عملنا لمساعدة السلطات المحلية والإقليمية على تقديم الخدمات للمناطق المحررة الثقة عند السكان المحليين والقادة المحليين الذين يعودون إلى ديارهم. يزدهر الإرهابيون في ظل ظروف تسمح لهم بدفع رسائلهم المشوشة والبغيضة إلى الضعفاء في المناطق المنكوبة بالنزاعات. وستساعد جهودنا الرامية إلى تحقيق الاستقرار هؤلاء الناس على الابتعاد عن احتمال الإرهاب والاندماج في مجتمعاتهم المحلية.

يجب أن نكون واضحين: ليس "الاستقرار" مرادفاً لجهود بناء الأمة أو إعادة الإعمار المفتوحة الأمد. ولكنه ضروري. لا يستطيع أي طرف في النزاع السوري أن ينتصر أو يحقق الاستقرار في البلاد عن طريق الأساليب العسكرية فحسب. وجودنا العسكري مدعوم بفرق تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تعمل بالفعل مع السلطات المحلية لمساعدة الشعوب المحررة على تحقيق الاستقرار في مجتمعاتها المحلية.

وبالتزامن مع جهود تحقيق الاستقرار، يمثّل التخفيف من تصعيد الصراع العام أيضاً خطوة حاسمة لتهيئة الظروف لتحقيق تسوية سياسية بعد الأسد. ومنذ تموز/يوليو، عملت الولايات المتحدة مع روسيا والأردن على إنشاء منطقة لتخفيف التصعيد في الجزء الجنوبي الغربي من سوريا. وقد حققت هذه الجهود وقفاً لإطلاق النار، وأنهت القصف العشوائي للسكان المدنيين، مع بعض الاستثناءات القليلة، ولكنه صمد حتى الآن. ويتناول الاتفاق في المنطقة الجنوبية الغربية أيضاً أمن إسرائيل من خلال مطالبة الميليشيات المدعومة من إيران، ولا سيما حزب الله، بالابتعاد عن الحدود الإسرائيلية. نحن بحاجة إلى أن تواصل روسيا العمل مع الولايات المتحدة والأردن لإنفاذ منطقة تخفيف التصعيد هذه. وإذا قامت بذلك، سيتيح وقف الأعمال العدائية بين المعارضة والنظام إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن، ويهيئ الظروف للعودة الآمنة والطوعية للنازحين واللاجئين، ويوفر للشعب السوري الأمن للبدء في إعادة بناء المناطق التي شوهها النزاع. وقد ساعدت جهودنا اللاجئين والنازحين داخلياً على العودة إلى مناطق تخفيف التصعيد في جنوب غرب البلاد بعد أن لجؤوا إلى الأردن، وعموماً، عاد ما يقدر بـ715 ألف سوري إجمالاً إلى ديارهم في العام 2017، من بينهم 50 ألف سوري من الخارج. يمكن أن تزيد هذه الاتجاهات المبكرة ولكن الإيجابية من خلال مواصلة جهود تخفيف حدة التصعيد، ليس في جنوب غرب البلاد فحسب، ولكن في أماكن أخرى أيضاً.

وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء، مثل تركيا، لمعالجة التهديد الإرهابي في إدلب ومعالجة مخاوف تركيا من ع إرهابيي حزب العمال الكردستاني في أماكن أخرى. ويحاول تنظيم القاعدة إعادة إنشاء قاعدة عمل لنفسه في إدلب. ونحن نعمل بنشاط على تطوير أفضل خيار لتحييد هذا التهديد بالتعاون مع الحلفاء والشركاء.

تدعم الولايات المتحدة بقوة جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تحقيق الحل السياسي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. هذا هو الإطار السياسي للسلام والاستقرار في سوريا الموحدة الذي تم الاتفاق عليه بين أعضاء مجلس الأمن الدولي. وعلى وجه التحديد، سنعمل من خلال ما يعرف بعملية جنيف، وندعم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في جهوده.

يتطلع نظام الأسد بوضوح إلى روسيا كضامن لأمنه. ولذلك، تلعب روسيا دوراً هاماً في إقناع نظام الأسد بالمشاركة البناءة في عملية جنيف. وبعيداً عن تصويت روسيا لدعم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، أكد الرئيس بوتين مجدداً على التزام روسيا بجنيف في بيانه المشترك مع الرئيس ترامب الصادر من دا نانغ في فيتنام في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. عملت الولايات المتحدة وروسيا معاً على منطقة تخفيف التصعيد في منطقة جنوب غرب سوريا لتنجح، وأنشأنا ترتيبات لفض الاشتباك حول وادي نهر الفرات لضمان سلامة قواتنا.

ويجب على روسيا الآن أن تتابع الالتزام الذي تعهد به رئيسانا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لإيجاد حل نهائي من خلال عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة. وتستطيع روسيا مثلاً ممارسة نفوذها الفريد على النظام السوري، الذي وافق بنفسه على المشاركة في عملية جنيف. يجب أن تحدد روسيا مستويات جديدة من الضغط على النظام، ليس للمشاركة في جنيف فحسب، ولكن أيضاً للمشاركة بشكل موثوق في جهود الأمم المتحدة وتنفيذ النتائج المتفق عليها.

لن تقدم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والشركاء الإقليميون أي مساعدات إعادة إعمار دولية لأي منطقة خاضعة لسيطرة نظام الأسد. نطلب من مختلف أصحاب المصلحة في مستقبل سوريا أن يحذوا حذونا. لن نشجع العلاقات الاقتصادية بين نظام الأسد وأي بلد آخر. وبدلاً من ذلك، سنشجع المساعدة الدولية لإعادة بناء المناطق التي حررها التحالف الدولي وشركاؤه المحليون من قبضة داعش. وبمجرد أن يتنحى الأسد عن السلطة، ستشجع الولايات المتحدة بكل سرور تطبيع العلاقات الاقتصادية بين سوريا والدول الأخرى. وتدعو الولايات المتحدة جميع الدول إلى ممارسة الانضباط في الضغط على الأسد اقتصادياً وإعادة بناء سوريا بعد انتقال سياسي. ونتوقع أن تساعد الرغبة في العودة إلى الحياة الطبيعية وأدوات الضغط هذه على حشد الشعب السوري والأفراد داخل النظام لإجبار الأسد على التنحي.

يدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 أيضاً إلى إجراء انتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة في سوريا. وتعتبر الولايات المتحدة أنّ الانتخابات الحرة والشفافة التي تشمل مشاركة المغتربين السوريين الذين تشردوا وكل من أجبروا على الفرار من الصراع ستؤدي إلى رحيل الأسد وأسرته عن السلطة. ستستغرق هذه العملية وقتاً، ونحث على الصبر حتى رحيل الأسد ونشوء قيادة جديدة. قد لا يأتي التغيير المسؤول على الفور كما يأمل البعض، ولكنه سيتم من خلال عملية تدريجية للإصلاح الدستوري والانتخابات التي تشرف عليها الأمم المتحدة. ولكنّ هذا التغيير قادم لا محالة.

تعترف الولايات المتحدة وتكرّم التضحيات الكبيرة التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية لتحرير السوريين من داعش، ولكنّ انتصاراتها في ساحة المعركة لا توجد حلاً لتحدي الحكم المحلي والتمثيل لشعب شرق وشمال سوريا. يجب أن تظهر الترتيبات السياسية المحلية المؤقتة التي تعطي صوتاً لجميع المجموعات والأعراق الداعمة لعملية التحول السياسي الأوسع في سوريا بدعم دولي. ينبغي أن تكون أي ترتيبات مؤقتة تمثيلية بحق وألا تهدد أياً من الدول المجاورة لسوريا. وبالمثل، يجب الاستماع إلى أصوات السوريين من هذه المناطق في جنيف وفي المناقشة الأوسع حول مستقبل سوريا.

وفي هذا الصدد، تستمع الولايات المتحدة إلى مخاوف تركيا الحليفة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتأخذها على محمل الجد. نحن ندرك المساهمات الإنسانية والتضحيات العسكرية التي قدمتها تركيا لهزيمة داعش، ودعم الملايين من اللاجئين السوريين، وتحقيق الاستقرار في المناطق السورية التي ساعدت على تحريرها. يجب أن يكون لدينا تعاون وثيق من تركيا لتحقيق مستقبل جديد لسوريا يضمن الأمن لجيران سوريا.

وأخيراً، يعتمد تقليص النفوذ الإيراني الخبيث وطرده من سوريا على أن تكون سوريا ديمقراطية. كانت سوريا في ظل حكم بشار الأسد ولسنوات عديدة دولة عميلة لإيران. ستتمتع الحكومة المركزية السورية التي لا تخضع لسيطرة الأسد بشرعية جديدة لتأكيد سلطتها على البلاد. وستخفض إعادة تأكيد السيادة الوطنية من قبل حكومة جديدة، إلى جانب جهود تخفيف حدة التصعيد وتدفقات جديدة من المساعدات الدولية، من حدة العنف وتهيئ ظروفاً أفضل للاستقرار وتسرّع في رحيل المقاتلين الأجانب.

نحن ندرك أنّ سوريا تمثّل تعقيدات عدة، ولن تكون حلولنا المقترحة سهلة التحقيق. ولكن من الضروري أن نمضي قدماً في هذه السبل من أجل أمننا وأمن حلفائنا. لن نكرر أخطاء الماضي في العراق، ولن نكرر الأخطاء التي ارتكبت في ليبيا.

تنشئ التدخلات العسكرية الحسنة النية والمستقلة عن عمليات الاستقرار والاستراتيجيات السياسية مجموعة من العواقب السلبية غير المقصودة. ولهذا السبب، نسعى إلى تهدئة الحرب الأهلية في سوريا، والعمل من أجل السلام، وتشجيع جميع الأطراف على التوجه إلى طاولة المفاوضات. ومن المرجح أن يؤدي استمرار القتال إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، وزيادة الفوضى، وزيادة التدخل العسكري الإقليمي في سوريا. محور تركيزنا هو بناء مسار سياسي إيجابي يكرّم إرادة الشعب السوري ويحافظ على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية.

وكما هو الحال مع كل تحديات سياستنا الخارجية تقريباً، لا نستطيع اتخاذ الخطوات لتحقيق أهدافنا بمفردنا. سنواصل العمل بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء. تعرض حلفاؤنا في أوروبا إلى هجومات إرهابية عدة في خلال السنوات القليلة الماضية، فشهدوا لسوء الحظ مباشرة ما تستطيع مجموعات مثل تنظيم داعش والقاعدة القيام به. نحن بحاجة إلى حلفاء وشركاء لدعم استراتيجيتنا من أجل التخفيف بشكل دائم من المخاطر التي تمثلها هذه التنظيمات الإرهابية وغيرها على الأمن.

وأخيراً، تحمل الشعب السوري سبع سنوات من الفوضى والمشقة التي لا يمكن تصورها. إنهم بحاجة إلى مساعدة. مسار العمل الجديد هو بديل مفضل لمزيد من سنوات التفكير المتأمل. ستخدم سوريا المستقرة والمستقلة والموحدة المصالح الأمنية الوطنية للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها. إذا تحقق هذا الواقع، سيكون الانتصار للجميع وسيدعم قدرة الشعب السوري على متابعة حقوقهم الخاصة التي منحها لهم الله، ألا وهي الحق بالحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة.

أشكركم على اهتمامكم الكريم وأتطلع قدماً إلى مناقشتنا.

الوزيرة السابقة رايس: حسناً، شكراً لك. أشكرك جزيل الشكر على هذه النظرة الشاملة على واحدة من المشاكل الأصعب التي واجهها أي شخص في النظام الدولي على الإطلاق، وأود أن أعود إلى اثنتين من القضايا الموضوعية، ولكن أريد أن أطرح عليك سؤالاً أولاً بشأن منصبك كوزير للخارجية. هذا عمل شاق، أليس كذلك؟

الوزير تيلرسون: إنه... نعم، إنه مختلف بعض الشيء.

الوزيرة السابقة رايس: نعم. عندما كنت وزيرة للخارجية، كنت أستيقظ في الصباح وأرى بعض الأمور على جدول الأعمال وأفكر في أنني سأتمكن من القيام ببعض الأمور، أو أرى أموراً أخرى وأفكر يا ليتني أستطيع أن أعود إلى السرير. ما الذي تحبه في منصبك وما أكثر ما يمثل تحدياً لك؟

الوزير تيلرسون: أكثر ما أحب في عملي هو ما كنت دائماً أستمتع به طوال حياتي المهنية، أي الأشخاص الذين تتمتعين بامتياز العمل معهم كل يوم. موظفو وزارة الخارجية والمهنيون والمعينون السياسيون أفراد متفانون بشكل غير عادي، وهم بعض من أعظم الوطنيين الذين قد تجدينهم في أي مكان. يحضرون إلى العمل كل يوم ونصب أعينهم هدف واحد، ألا وهو تنفيذ أهداف السياسة الخارجية، وأهداف الإدارة، ولكن لخدمة مصالح الشعب الأمريكي.

لذا أتطلع كل يوم إلى مستوى الذكاء ومستوى الانفتاح الذي يتيح لنا إجراء محادثة جيدة حتى لو كنا نتحدث عن قضايا معقدة حقاً، مثل تلك التي وصفتها للتو، وسوريا هي واحدة من أكثر الحالات تعقيداً على وجه الأرض. هذا ما أتطلع إليه كل يوم. ولدي فسحة تخطيط، كانت مكتب نائب الوزير لشؤون الإدارة. استوليت عليها وليس فيها سوى ألواح كتابة، وأنا أحب أن آخذ القلم وأرسم هذه التمارين.

أقل ما أتطلع إليه هو المجيء في تلك الأيام التي أضطر فيها إلى التعامل مع خسارة في الأرواح. سواء كان ذلك خسارة شخص في وزارة الخارجية أو أفراد عسكريين أو أي مواطن أمريكي في أي مكان، هذه الأيام هي الأيام الصعبة، لأنني أتصل بأفراد العائلة وأحاول... في حالة الأشخاص الذين خطفوا كرهائن، أحاول أن أطمئن عائلاتهم ولكن تلك الأيام صعبة حقاً.

الوزيرة السابقة رايس: نعم. أنت كوزير تواجه بعض التحديات الفريدة أيضاً. كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد بدأت لتوها عندما كنت وزيرة. الحمد لله. ونحن نعلم أنّ رئيسك يحب وسائل التواصل الاجتماعي، إذن كيف تجري الأمور وكيف تتعامل مع الضغط المستمر من وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة من البيت الأبيض؟

الوزير تيلرسون: حسناً، إنه بارع جداً في وسائل التواصل الاجتماعي وأنا لست... أريد أن أعترف هنا في قلب موطن هذه التكنولوجيا العظيمة أنه ليس لدي حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي. لم يكن لدي يوماً أي حسابات ولا أنوي أن أفتح أياً منها. إنها أداة رائعة عندما تستخدم بشكل جيد. وقد استخدمها الرئيس بأثر كبير من خلال تجاوز الوسائل التقليدية للاتصال، وهو يتقدم تماماً مع هذه القدرة على التواصل على الفور، ليس مع الشعب الأمريكي فحسب، ولكن أيضاً مع أصدقائنا وحلفائنا أو خصومنا. مع العالم أجمع.

لا أعرف متى سيفعل ذلك لأنّ هذه هي الطريقة التي يعمل بها الرئيس. يتمثل التحدي إذن بمتابعة ما يحصل فليس لدي حساب على تويتر حتى لأتمكن من متابعة تغريداته، لذلك يقوم موظفو الوزارة عادة بطباعة تغريداته وتسليمها لي. يمكن القول من ناحية إنّ هذا جنون والتساؤل لماذا لا أفتح حساباً، ولكن من ناحية أخرى، خلصت في الواقع إلى أنّ ما يحصل ليس سيئاً. يكتب تغريدات ولا أعرف أنه سيكتبها، لذلك لا أقوم بالكثير حتى يكتبها. وبحلول الوقت الذي أكتشف فيها أنها صدرت، يكون قد مرّ بعض الوقت في الواقع، وبحسب مكان تواجدي في العالم، قد تمر خمس دقائق أو ساعة قبل أن يسلمني أحد ورقة كتب عليها إنّ الرئيس كتب لتوه تغريدة عن هذا الموضوع. لدي ردود فعل مبكرة على ذلك، ويسمح لي ذلك أن أبدأ الآن بالتفكير في كيفية تحويل ذلك... إذا كان الأمر يتعلق بسياسة خارجية، عم يغرد وكيف نأخذ هذه التغريدة ونستخدمها؟

إذن هذا مثير للاهتمام. يتساءل كثيرون عما إذا كان من المستحيل التعامل مع ذلك. كان عليّ أن أعتاد على ذلك في وقت مبكر لأنّ هذا غير تقليدي بالنسبة إلينا جميعاً. ولكنني آخذ هذه التغريدات وأتعامل معها كمعلومات. نحن نعرف ما هي أهدافنا ولم يغيّر أياً منها. هذه بكل بساطة طريقته في التواصل حول هذا الموضوع. كيف نأخذ تلك التغريدات ونستخدمها؟ إذن هذا ما... هكذا أتعامل مع الموضوع، ولكنني أظن أنني سأموت على الأرجح قبل أن أفتح حساباً على وسائل التواصل الاجتماعي.

الوزيرة السابقة رايس: تفاجأت حقاً عندما تحدثت عن سوريا وعن سبيل المضي قدماً بشأن سوريا وترك الجانب العسكري جانباً، والذي حقق بشكل واضح بعض المكاسب الفعلية، وبخاصة لناحية تطهير العراق من داعش والتقدم كثيراً الآن نحو هزيمة داعش في سوريا. ولكنني تفاجأت من أنك عندما تحولت إلى الحديث عن الاستقرار السياسي، استخدمت بضع العبارات التي لا يربطها معظم الناس بإدارة ترامب. أريد أن أتحدث قليلاً عن ذلك. لقد تحدثت عن قيم الولايات المتحدة. لقد تحدثت عن حقوق الإنسان. لقد تحدثت عن ضرورة أن يتمكن الشعب السوري من التعبير عن نفسه في انتخابات حرة.

نعتبر تلك الأمور جزءاً من جدول الأعمال المتعلق بالقيم، فبالعودة إلى وودرو ويلسون، آمن والرؤساء الأمريكيون بأنّ التكوين الداخلي للدول مهم في الواقع. وأجد أنك أحسنت في الكلام عن أنّ أحد أسباب المشكلة التي نواجهها في سوريا هو أنّ بشار الأسد ديكتاتور قتل وقمع شعبه.

إذن بعيداً عن سوريا وبعد أن أمضيت حوالى العام في منصبك، قل لنا كيف ترى مسألة القيم وحقوق الإنسان والديمقراطية في السياسة الخارجية الأمريكية.

الوزير تيلرسون: هذا سؤال رائع، وهو سؤال كنت... أعتقد أنني واجهت صعوبة في وصف طريقة رؤية لها للآخرين بصفتي مهندساً. قيمنا الأمريكية المتعلقة بالحرية واحترام الفرد والكرامة الإنسانية... كل مظاهر القيم التي تحدد من نحن كشعب، من نحن جماعياً كمجموعة من الناس الذين انحازوا لهذه القيم وساروا بحسبها ليحددوا كيفية التعامل بعضنا مع بعضنا الآخر كل يوم... كيف ننقل هذه القيم إلى ساحة السياسة الخارجية؟

من ناحية، هذه قيم دائمة، وقلت للناس إنه مع السياسة الخارجية... عندما تأخذون القيم وتحاولون تضمينها في السياسة الخارجية، كنت دائماً أقلق من أنّ السياسات قد تتغير وتتعدل، وهذا ما يحصل فعلاً. إذن كيف... إذا قمنا بذلك، لا تتغير القيم أبداً. لا تتعدل أبداً. إذن قيمنا ترافقنا دائماً في مختلف تفاعلاتنا.

كيف نجعل القيم تعمل الآن؟ سأستخدم هذه العبارة؟ هذا هو لبّ السؤال برأيي. أجد أنّ سوريا تمثل دراسة حالة عظيمة في هذا الصدد. لا يبدو الذهاب إلى سوريا والدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الدينية ومشاركة المرأة على قدم المساواة في خضم مقتل الآلاف من الناس والمدنيين كل يوم جيداً، فحقنا الأول في الحياة أهم حق من حقوق الإنسان لأي شخص. الحياة، ثم الحرية، ثم السعي لتحقيق السعادة. هكذا أنظر إلى قيمنا. عليّ أن أمنع أولاً مقتل الناس، وإذا تمكنت من أن أمنع مقتلهم وإذا استطعنا أن نخلق مناطق استقرار، نبدأ بغرس بذور الحرية، ثم ننشئ الطريق للسعي إلى تحقيق السعادة. ويمكن خلف كل ذلك التعبير عن احترامنا للكرامة الإنسانية، والحالة الإنسانية، ومختلف الطرق التي نعبر فيها عن هذه القيم التي هي قيم أمريكية فريدة من نوعها.

إذن المهم فعلاً هو كيفية خلق الظروف التي تتيح للناس فعلاً تحقيق ذلك، وتتمثل الأولویة في سوریا حالیاً بالحيلولة دون مقتل الناس. يتعرض الناس للقتل. يقتلون بالآلاف. علينا أن نوقف ذلك، ونحقق الاستقرار، ونبدأ بتهيئة بعض الظروف، وبعد ذلك يمكننا أن نبدأ بتعزيز احترام الحريات الدينية للشعب واحترام كرامتهم. لذلك كثيراً... برأيي... بصفتي مهندس، هذه هي الطريقة التي أفكر فيها، هذه عملية. إنها عملية داخل نظام، وفي أي وقت من الأوقات، وهذا يتوقف على حالة البلاد، والموقع، والظروف، نكون في مكان ما من هذه العملية. إذا كان لدينا حكومة مستقرة تقمع بعض المنظمات الدينية، نعالج هذه المسألة مباشرة. لا تكون المشكلة عندئذ إنّ الناس يقتلون، بل إنهم يتعرضون للاضطهاد ويحرمون من السعي لتحقيق السعادة.

إذن... بحسب الحالة، أنظر وأتساءل عن الأولوية. تتمثل الأولوية الأولى دائماً بحماية الحياة ووقف تعرض الناس للقتل. وإذا حققنا ذلك، علينا أن نبدأ في خلق الظروف التي تمكننا فعلاً من التقدم ومناصرة القيم.

الوزيرة السابقة رايس: الأدوات اللازمة للقيام بهذا النوع من العمل الذي تتحدث عنه، طبعاً بعد تحقيق الاستقرار، يتعين عليك أن تكون دبلوماسياً وأن تقدم المساعدة للناس. كان ثمة مخاوف بشأن الالتزام بالمساعدات الخارجية مثلاً، وتوافر تلك الأدوات التي يعتمد عليها الدبلوماسيون الأمريكيون لتحقيق الاستقرار. وقال جيم ماتيس عبارة شهيرة على ما يبدو وهي أنه إذا لم تتوفر له المساعدة الأجنبية، سيحتاج إلى المزيد من الأسلحة. هذه مجرد إعادة صياغة.

ثمة بضع جهود المساعدة الخارجية الأمريكية التي حصلت على تقدير دولي: خطة الطوارئ التي وضعها الرئيس للإغاثة من الإيدز (بيبفار)، والتي أنقذت الملايين من الناس من الوباء من خلال جهود الرئيس بوش ثم الرئيس أوباما، ثم تحدي الألفية الذي يحاول أن يأخذ المساعدات الأجنبية ويعطيها للدول التي ستستخدمها بحكمة والتي ليست فاسدة. هل يمكنك التحدث قليلاً عن مستقبل هذين البرنامجين؟ أعلم أنك مناصر لهما. كيف وضعهما داخل الإدارة وفي الكابيتول هيل؟

الوزير تيلرسون: لقد اخترت برنامجين من أسهل البرامج التي يمكن الدفاع عنها، إذ ينظر إلى بيبفار على نطاق واسع، وحتى داخل الإدارة، كمعيار ذهبي للنجاح. وقد حققت نتائج غير عادية وأثبتت أنها تستخدم فعلاً الدولارات الأمريكية بحكمة. بالنسبة إلى الدولارات المستثمرة، إذا فكرنا فيها كاستثمار، تحقق هذه الدولارات عائداً. وقد حققت بيبفار نجاحاً هائلاً مهما كان مقياس النظر إليها.

وبالمثل، كانت مؤسسة تحدي الألفية ناجحة بشكل كبير بسبب العملية المنضبطة التي تعتمدها. أعتقد أنّ النقاش الذي يستمر ليس حول تلك الأنواع من البرامج، ولكن حول الكثير من برامج المساعدة الأخرى التي قد لا يكون لديها هيكل مثل بيبفار ومساءلة تترافق مع الهيكل مثل مؤسسة تحدي الألفية. كانت الولايات المتحدة ولا تزال اليوم أكثر الدول سخاءً على وجه الأرض عندما يتعلق الأمر بالمساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث. نحن دائما وأبداً الأوائل.

ولكن إذا نظرنا إلى وضع الشؤون المالية للبلاد، نعلم جميعاً عن أوجه العجز التي تزداد طيلة الوقت، وأعتقد أنّ الرئيس قد سأل عن حق وقال إننا نعرف ما نقوم به، ولكن ما الذي يقوم به بقية العالم؟ هل تؤدي نسبتها؟ إذن أصبح هذا التفكير مستوى ضمن تفكير هذه الإدارة في مختلف وسائل المساعدة الأجنبية، سواء نوع المساعدة التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية أو المبيعات والمساعدات العسكرية الأجنبية إلى المنظمات الدولية في الأمم المتحدة وغيرها. سنقوم بدورنا، ولكننا نطالب بأن يقوم الآخرون بدورهم أيضاً. إذن حدد توقعات عالية جداً ليذهب ويحث الآخرين على زيادة نسبتهم والبدء في المساهمة أكثر على أساس متناسب مع قدرتهم على القيام بذلك. ويشير إلى الكثير من الدول في مختلف أنحاء العالم والتي تتمتع بوضع ممتاز. في كثير من الحالات، اقتصادها أفضل من اقتصادنا، ولكنها لا تغطي نسبتها من هذه الحاجة في العالم.

إذن قضينا الكثير من العام الماضي والجزء الأول من هذا العام بالكثير من المشاركة النشطة مع البلدان حول هذه المسألة. لسنا نتخلى عن اعترافنا بهذه الاحتياجات. كما تعلمون ومن خلال عملية الموازنة، تشمل عملية الموازنة فرعين من فروع الحكومة، وهما فرعان متكافئان. يعبّر الكونغرس عن رأيه في ذلك وكذلك الإدارة. لذا نحل الكثير من هذه الأمور في نهاية المطاف من خلال عملية التفاوض على الميزانية.

آخر ما أود أن أقول عن ميزانية وزارة الخارجية على وجه الخصوص، لأنها خضعت للكثير من النقاش، وأنا أحب أن أعرض للناس بعض ما يحصل. بلغت ميزانية وزارة الخارجية مستوى قياسياً بلغ 55 مليار دولار، وهي أكبر ميزانية لوزارة الخارجية على الإطلاق، وكانت سلسلة الميزانيات الخمس أو الست الأخيرة قياسية الواحدة تلو الأخرى. أقول للناس إنه يصعب على وزارة الخارجية تنفيذ ميزانية قدرها 55 مليار دولار، وأقول ذلك بعد أن أدرت منظمة أخرى كان لديها أعداد كبيرة للتعامل معها كل يوم. بكل صراحة، إذا كنت تريد أن تفعل ذلك بشكل جيد وتريد أن تكون حاكماً جيداً على دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين الذين كسبوها بشق الأنفاس وأعطوها لك، عليك أن تذهب وتقوم بذلك بشكل جيد. وفي الحقيقة، أحد أسباب عدم كفاحنا في العام 2017 هو أنه كان لدينا الكثير من الأموال المرحلة لأنه لا يمكن لأحد تنفيذ هذا الحجم من الميزانية. إذن ثمة الكثير من الأموال التي تتنقل.

أود أن أقول إننا الآن في وضع ديناميكي بحيث أننا لسنا في وضع نكون فيه غير قادرين على تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً. ولكن ذلك سيحصل ونحاول التخطيط للمستقبل والحصول على المزيد من خلال تقاسم الأعباء مع الآخرين في مختلف أنحاء العالم.

الوزيرة السابقة رايس: شكراً. سؤال أخير قبل أن ندعك تذهب. سأكون مقصرة إذا لم أسأل عن المكان الذي بدأت فيه ملاحظاتك: كوريا الشمالية. لدينا إنذارات كاذبة تنطلق في هاواي. لدينا أشخاص يتحدثون عن حرب قادمة في شبه الجزيرة. وفي الوقت عينه، قرر الكوريون الشماليون والكوريون الجنوبيون السير معاً في الألعاب الأولمبية.

هل لديك شعور على الإطلاق بأنّ الخطاب الذي استخدمناه، وحقيقة أنّ الدبلوماسية ليست ربما في مقدمة ومحور بعض الأحاديث عن خياراتنا العسكرية، قد قوّض الأمور مع حلفائنا في كوريا الجنوبية؟ أعلم أنني عندما كنت وزيرة وأحاول إجراء المفاوضات السداسية الأطراف، كان الكوريون الشماليون يحبون تقويض الأمور لإبعاد الصينيين أو الكوريين الجنوبيين أو الروس، وكان من المهم حقاً ألا تتعرض الولايات المتحدة للعزلة.

كيف علينا أن نفهم هذه المبادرات بين الشمال والجنوب؟ أخبرنا عن الدبلوماسية، فجميعنا متفقون برأيي على أنه لا أحد يريد الحرب على شبه الجزيرة الكورية، على الرغم من خطورة التهديد الكوري الشمالي.

الوزير تيلرسون: حسناً، جهودنا الدبلوماسية التي بدأت حقاً في شباط/فبراير الماضي، الأسبوع الأول بعد أن أقسمت اليمين، كنت مع الرئيس في المكتب البيضاوي وأول تحد للسياسة الخارجية سلمني إياه كان كوريا الشمالية وقال إنه عليّ وضع نهج السياسة الخارجية لكوريا الشمالية. وهكذا فعلنا وعملنا على ذلك من خلال عملية مشتركة بين الوكالات.

وصفت ما قمنا به بحملة الضغط السلمي، وغيّر الرئيس مذاك التوصيف ودعاها حملة الضغط الأقصى. ولكن... أعلم أنّ الناس يقولون إننا جربنا العقوبات في الماضي ولم تنجح أبداً. لم يكن لدينا يوماً نظام عقوبات شامل مماثل، ولم نحصل يوماً على دعم صيني للعقوبات كما الآن. روسيا قضية مختلفة قليلاً. ولكنّ الصينيين يواجهون بجد الكوريين الشماليين إلى حد ما، وكان جزء من هذا النهج يهدف إلى مساعدة الصينيين على إدراك أنّ كوريا الشمالية كانت تمثل أصلاً لهم على مدى السنوات الخمسين أو الستين الماضية، ولكنها باتت الآن مسؤولية. يعود سبب ذلك إلى كيفية حصول الأمور في شبه الجزيرة الكورية. إذا لم تساعدنا الصين على حل هذه المشكلة، ستترتب آثار كثيرة لاحقة وتدرك الصين تلك المشاكل جيداً.

أعتقد إذن أنّ الجهود الدبلوماسية تهدف إلى توحيد المجتمع الدولي حول حملة العقوبات هذه والتي كانت فعالة بشكل غير عادي. وكما قال لنا الرئيس مون نفسه في خلال المكالمة الهاتفية، وأؤكد لكم أنّ مستوى التواصل بيننا وبين كوريا الجنوبية والصين بشأن هذه المسألة غير عادي إلى حدّ كبير. قد يتفاجأ الناس من عدد المرات التي نتحدث فيها عبر الهاتف في الأسبوع. قال مون إنّ الكوريين الجنوبيين قد توجهوا إلينا لأنهم يشعرون بلدغة هذه العقوبات. ونحن نرى ذلك من خلال بعض المعلومات الاستخباراتية والأدلة من المنشقين الفارين.

وقد أدلى اليابانيون بتعليق بالأمس في خلال جلستنا مفاده أنّ أكثر من مئة قارب صيد كوري شمالي قد انحرف إلى المياه اليابانية وتوفي ثلثا من على متن تلك القوارب. لم يحاولوا الهروب ومن لم يموتوا أرادوا العودة إلى ديارهم، فتمت إعادتهم إلى كوريا الشمالية. ولكن علم اليابانيون إنه يتم إرسالهم في فصل الشتاء لصيد الأسماك بسبب نقص الغذاء، ويتم إرسالهم لصيد الأسماك مع وقود غير كاف لعودتهم.

إذن نحن نحصل على الكثير من الأدلة على أنّ هذه العقوبات بدأت تؤذيهم فعلاً. التقارب بين الشمال والجنوب يخضع لقواعد كما تعرفون. القواعد هي أنّ كوريا الشمالية ستبدأ بهجومها الساحر لبقية العالم، وتجعلنا نراهم مجرد أشخاص عاديين مثل الجميع. ستحاول توليد بعض التعاطف. ستحاول تقويض الأمور بين كوريا الجنوبية وحلفائها. أمضينا وقتاً طويلاً في جلسة نقاش جماعية من وزير الخارجية كانغ من كوريا الجنوبية حول كيف أنهم لن يسمحوا بذلك.

إذن نحن نفهم ما يحصل. نحن ندعم هذا التقارب، لأنّ العنصر الآخر من الدبلوماسية هو أننا في انتظار كيم ليقرر أنه يريد التحدث. لقد كنا واضحين جداً وقنواتنا مفتوحة. وكما قلت بالأمس في الإحاطة الصحفية، يعرف كيف يتصل بي إذا أراد الحديث. ولكن عليه أن يقول لي إنه يريد التحدث. لن نلاحقه.

قد يكون هذا جهدهم المبكر لكسر الجليد. سنرى. قد لا يتأتى شيء من ذلك، ولكن... نحن نؤيد ذلك، ولكن أود أن أقول لكم إنه من بين الحلفاء في المنطقة، وعلى قدم المساواة مع الصين، لا أعتقد أننا على أي حال رأينا توحداً إلى هذا الحد ضد هذا التهديد. تعرف الصين العواقب المحتملة والعواقب غير المقصودة التي يمكن أن تأتي في وقت لاحق. وفي الدبلوماسية، عندما تتعامل مع شخص مماثل وعندما نصل إلى طاولة المفاوضات - وأنا واثق من أننا سنصل - أريد أن أعرف أنّ للوزير ماتيس خيار عسكري قوي جداً يدعمني. سيمنحني ذلك وضعاً أفضل يمكن من خلاله محاولة حل هذه المشكلة.

وكما قال الوزير ماتيس وقلت أنا لنظرائنا الصينيين عندما كنا جالسين معاً في حوار أمني واستراتيجي، قلت لنظيري يانغ جيتشي: "يا حضرة عضو مجلس الدولة، إذا لم أقم أنا وأنت بحل هذه المسألة، سيتقاتلون ونحن لا نريد ذلك. ولا أنتم تريدون ذلك."

إذن نحن متحمسون للغاية. هذه عملية طويلة. اتخذت الكثير من الصبر. سنرى. ولكننا ملتزمون، كما هو حال كل فرد في المجتمع الدولي، بنزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية. وسنبقى مصممين على ذلك حتى نحققه.

الوزيرة السابقة رايس: شكراً جزيلاً لك، وأتمنى لك كل التوفيق. ونأمل بالتأكيد أن تنجح. شكراً جزيلاً.