أحد من المشاركين في اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة أرييل شارون مع رئيس السلطة محمود عباس والذي جرى أمس في القدس لم يتفاجأ مما قيل فيه. لا من السجال بشأن الارهاب، لا من خلاصة ما تم التوصل إليه إزاء تنسيق فك الارتباط، ولا من الطلبات الفلسطينية التي اصطدمت بالرفض الاسرائيلي. فكل هذه التفاصيل أجملت في المحادثات التي سبقت اللقاء والتي جرت بين المحامي دوف فايسغلاس والوزير صائب عريقات، وحتى خيبة الأمل العلنية التي عبّر عنها الفلسطينيون بعد اللقاء كانت متوقعة مسبقاً.

على الجانب الاسرائيلي قالوا بعد اللقاء ان أهميته كانت معدومة. فقد تقرر مسبقاً أن يجري هذا اللقاء. وهذا ما حصل. من الجيد تقدم المسيرة السياسية، وهذا اللقاء جزء منها، ليس أكثر من ذلك. فهو لم يتضمن الكثير من الغايات أو البادرات الحسنة العلنية.

لكن على الرغم من تعبيرات الاستخفاف والخيبة من كلا الطرفين، يبدو أن اللقاء جسد بشكل دقيق حالة العلاقات الراهنة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية فالطرفان أسيرا مزاعم البيضة والدجاجة: من جاء أولاً، الحرب الفلسطينية ضد الارهاب أم تعزيز سلطة عباس بمبادرات اسرائيلية؟

لقد أحسن رئيس السلطة التعبير عن هذا الواقع عندما قال لشارون «أنت لا تعطيني شيئاً لأنه يوجد إرهاب، وأنا لا أستطيع فعل شيء ضد الارهاب لأنك لا تعطيني شيئاً». لكن رئيس الحكومة رفض مزاعم ضيفه واتهمه بالتباكي: «أنتم أقوى مما تقدمون أنفسكم».

رسالة شارون لعباس كانت «لا تقل لي أنك ضعيف لأنه في نهاية المطاف سيصدقك الناس». لكن المقربين منه كانوا أكثر فظاظة. وبحسب كلامهم ضعف عباس، ضعف أيضاً إمكانية تعزيزه. وقال مصدر رفيع المستوى: «ماذا يقول لنا؟ أنا بائس، لا أستطيع ضمان الأمن، ادعموني». ويطرح موظفون اسرائيليون أسئلة بخصوص جدوى تعزيز من لا يسيطر على الأرض بينما يترجم ضعفه تزايداً في الارهاب.

لقد أعرب شارون عن استعداده لبادرات حسنة لا تمس بالأمن مثل الافراج الرمزي عن أسرى قدامى وتحسين نشاط المعابر. وهو مستعد لأن يبدأ الفلسطينيون في بناء مرفأ غزة يستمر لبضعة سنوات، لكنه يعيق ترميم المطار الفلسطيني الذي يتطلب فقط أشهر عمل معدودة. أما الفلسطينيون فيريدون، بتأييد البنك الدولي، إلغاء أسلوب “الظهر الى الظهر” المعتمد لنقل البضائع من غزة الى الى مرفأ أشدود. لكن اسرائيل غير مستعدة لذلك.

حالة الضعف التي يعاني منها عباس تثير قلقاً شديداً لدى الادارة الأميركية. فوزيرة الخارجية كونداليسا رايس، التي زارت المنطقة بداية هذا الأسبوع، تأثرت بالتقرير الصعب الذي تلقته من المنسق الأمني الجنرال ويليام وورد. فهو وصف حالة الانهيار وصراعات القوى والخصومات السائدة في قيادة فتح، وهي توجهت الى مضيفيها الاسرائيليين وطلبت منهم فعل كل ما من شأنه مساعدة عباس، وفي واشنطن يدركون أن سقوط عباس سيفسر على أنه فشل لسياسة نشر الديموقراطية التي ينتهجها الرئيس جورج بوش. بيد أن الأميركيين أيضاً في حالة من الضياع والتردد حول ما إذا كان يتعيّن مواصلة تقديم المساعدة لعباس، أم أن الوقت حان لإدراك أن شيئاً لن يساعده، وحتى لو تلقى مساعدة إضافية فلن يستطيع تقديم شيء في المقابل.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)